إسرائيل و"داعش" وجهان لعملة واحدة
نشر بتاريخ: 2024-06-10 الساعة: 20:41
عمر حلمي الغول
حرب الابادة الجماعية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة للشهر التاسع على التوالي، التي ذهب ضحيتها عشرات الالاف من الشهداء والجرحى جلهم من الأطفال والنساء، شكلت محطة فاصلة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كونها كشفت للعالم كله حقيقة وجوهر دولة إسرائيل الخارجة على القانون، وأماطت اللثام عن وجهها الحقيقي دون رتوش او مساحيق، واسقطت المقولات الخادعة والكاذبة، التي روجها الغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، التي حاولت جاهدة عبر فبركات وتلفيقات امبراطورية اعلامها الإيحاء للرأي العام الأميركي والغربي والعالمي عموما، ان إسرائيل هي الدولة "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، وانها "واحة السلام والمدنية" في الإقليم، بيد ان حرب الإبادة الوحشة نزعت القناع عن وجهها، وأظهرتها على حقيقتها عندما ادرجتها الأمم المتحدة على قائمة العار والجريمة المنظمة باعتبارها قاتلة للأطفال والنساء والابرياء، وكونها جزءا من المجموعات الإرهابية القاتلة للأطفال والنساء كـ"داعش" وغيرها من المنظمات الإرهابية المتوحشة.
ونتاج هذه القناعة في أوساط الرأي العام العالمي عموما والنخب الأممية خصوصا، ارتأت الأمم المتحدة ممثلة بشخص الأمين العام وصم دولة إسرائيل الخارجة على القانون الدولي بما يناسب واقعها كدولة وحشية وهمجية وقاتلة للأطفال. ولهذا قام مدير مكتب الأمين العام للأمم المتحدة قبل يومين بإبلاغ السفير الإسرائيلي جلعاد اردان هاتفيا عن وضع الجيش الإسرائيلي اسوة بـ"داعش" و"النصرة" و"باكو حرام" وغيرها من المنظمات الإرهابية في قائمة العار، التي سينشرها أنطونيو غوتيرش في 18 يونيو الحالي، أي بعد أسبوع من الان.
مما آثار سخط وغضب القيادات الإسرائيلية، فنشر السفير اردان على حسابه على منصة أكس الجمعة تسجيل فيديو لجزء من محادثته مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، ظهر فيه وهو يقول "اشعر بصدمة عميقة واشمئزاز من هذا القرار المخزي الذي اتخذه الأمين العام"، وهو ذات الشخص الذي مزق ميثاق الأمم المتحدة قبل لحظة التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على أهلية دولة فلسطين للارتقاء لمكانة دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
وكان رد نتنياهو كالاتي، إن "الأمم المتحدة وضعت نفسها اليوم على القائمة السوداء للتاريخ، عندما انضمت إلى أنصار القتلة حماس". وأضاف أن "الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، ولن يغير أي قرار وهمي للأمم المتحدة ذلك". في حين قال كاتس وزير الخارجية انه "عمل وضيع من الأمين العام، وسيكون له عواقب على علاقات إسرائيل مع الأمم المتحدة." وتابع "إن إسرائيل ترفض القرار باشمئزاز، وهذا دليل آخر على عدائها لإسرائيل وتجاهلها المتعمد لهجوم 7 أكتوبر". وادلى سموتيريش، وزير المالية بموقفه من القرار الاممي الشجاع بالقول "مستقبلنا ومصيرنا في أيدينا"، كما أعلن بن غفير معلقا "انضمت الأمم المتحدة الى حماس، وأصبحت متعاونة مع الإرهاب، انه عار لا مثيل له.. يجب أن يكون الرد على هذا الحدث الخطير قويا، وأن يشمل فرض عقوبات على موظفي الأمم المتحدة".
وهناك ردود فعل أخرى من القيادات الإسرائيلية من الموالاة والمعارضة ليست اقل رعونة وبشاعة من الردود الواردة أعلاه، وهو ما يكشف الحد الذي وصلت اليه الدولة الفاشية الإسرائيلية من الفجور السياسي والدبلوماسي والأخلاقي، وأكدت للقاصي والداني في العالم، أنها دولة عصابات لا تؤمن بالقانون الدولي، ولا تحترم إرادة المجتمع الدولي ولا ميثاق الأمم المتحدة، وقلبت المعايير بافتراض نفسها فوق القانون، وانها هي الحكم، التي تملي ارادتها على أعلى هيئة دولية، وعلى الرأي العام العالمي الرسمي والشعبي، ولم تحاول ان تتعلم لمرة واحدة من دروس التاريخ وتجربة الأنظمة السياسية الشبيهة بها بالمعايير النسبية، وتعيد النظر في سياساتها الإرهابية والاجرامية.
دولة إسبارطة الصهيونية بردودها الهوجاء ازالت كل المساحيق عن موقعها ومكانها كدولة منتجة للأرهاب المنظم وقاتلة للأطفال دون أدنى ضوابط قيمية واخلاقية وقانونية، واختارت ان تكون في مزبلة التاريخ، لأنها متسلحة بالغطاء الأميركي، الذي يغطي عارها ووحشيتها ودونيتها.
ودون الدخول بتفاصيل الرد على كل ما تفوه به قادة عصاباتها، فإن القرار الرائع والنبيل للأمين العام غوتيرش والأمم المتحدة، يشكل رافعة مهمة للنضال الوطني الفلسطيني، ما يفرض المراكمة عليه، وتعزيزه بالملاحقة الشجاعة في المنابر الأممية والمحاكم الدولية المرفوعة امامها قضايا ضد الجيش الإسرائيلي ودولته لتعزيز حصارها وعزلتها ومحاكمة قياداتها كافة على جرائم حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني دون التوقف او التراجع والانتظار لمتاهة سادة إسرائيل في واشنطن، الذين هم عنوان الحرب والعدوان والتطاول على حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، وعلى اعلى منبر اممي، وعلى الأمين العام للأمم المتحدة.
mat