الرئيسة/  مقالات وتحليلات

هذا الحل لا غيره

نشر بتاريخ: 2025-06-14 الساعة: 21:13

 

 موفق مطر


لم يحدث أن أفصح قادة المنظمة الصهيونية عن كينونتها العنصرية، وعدائهم المطلق للإنسانية وشرائعها وقوانينها، مثلما يفعل ورثة مشروعها الأصلي، رؤساء أحزابها الدينية، وتلك التي ضجت العالم بادعاء العلمانية والديمقراطية، فقد سقط القناع، وانكشف المستور من المشروع الاستعماري الصهيوني، وتيقن العالم بما لا يدع مجالا للشك، أن إبادة الشعب الفلسطيني، وإخراجه من كتاب التاريخ، وخريطة الحضارة الإنسانية، ونكران وجوده، بطمس معالمه وآثاره، بعمليات التهويد، ومنعه من حق تقرير المصير، والإصرار على منعه من تجسيد حقوقه السياسية والإنسانية، بالحرية والاستقلال على أرض وطنه التاريخي والطبيعي، كأي شعب في العالم، هي المرتكزات الأساسية لمشروع مخالف لحركة الإنسانية في مسار الزمان.

فالجريمة ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، والمجازر بحق الأطفال والنساء والشيوخ والرجال والشباب، التي يشاهدها العالم على الهواء مباشرة في مسلسل حملة الإبادة الدموية اليومي في قطاع غزة والضفة الفلسطينية، التي تستحق فعلا مسمى "الإبادة الجماعية الهمجية" وما سبقها من حملة قوانين عنصرية لتضييق الخناق على أكثر من مليوني فلسطيني في مدن ساحل فلسطين التاريخية والجليل والقدس والنقب، لم يعد بمقدور هذه المنظمة المسيطرة على معظم قطاع الإعلام والتواصل في العالم، وعلى مراكز بحث ومؤسسات دراسات استراتيجية، إخفاء حقيقتها، لتقف اليوم -بعد أكثر من ستين عاما من النضال الوطني الفلسطيني المستمر بعد نكبة سنة 1948، وبعد جملة ثورات لمقاومة المشروع الاستعماري الصهيوني قبلها– أمام محاكم شعبية في شوارع وبرلمانات العالم، وبالتوازي تحاكم دولة الصهيونية الدينية في الجنائية الدولية، بتهمة الإبادة الجماعية، وتفتي محكمة العدل الدولية، بأن كل أفعال (دولة إسرائيل القائمة بالاحتلال والاستيطان) في الأراضي الفلسطينية مخالفة للقانون الدولي، وترقى لمستوى جرائم الحرب.

لذلك لم يجد سموتريتش وبن غفير وعلى رأسهما بنيامين نتنياهو غضاضة في إشهار ركائز مشروعهم المدمر للاستقرار والسلام، ليس في الشرق الأوسط وحسب، بل في العالم، وتحديهم المباشر للشرعية الدولية وقوانينها وقراراتها، في محاولة لفرض أمر واقع بقوة السلاح والاحتلال والاستيطان، وإرهاب الدولة، واستغلال النفوذ لدى دول ما زالت أسيرة لتداعيات "المشكلة اليهودية" التي نشأت عندها، فسموتيرتش وبن غفير خرجا ليعلنا فرض سيادة دولة الاحتلال (إسرائيل) على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ سنة 1967 في الضفة الغربية بما فيها القدس، إذا أعلنت دول أوروبية على رأسها فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين، ليتبعهما السفير الأميركي مايك هاكابي – الذي قال: "إن الدولة الفلسطينية إذا قامت فإنها لن تكون في الضفة الفلسطينية وإنما في مكان آخر"– لم يفصح عنه، فبدا لمن يسمعه ويشاهده ممثلا لمنظومة الاحتلال والاستيطان الصهيونية العنصرية لدى واشنطن، وليس العكس كما هو حال مهمة أي سفير في العالم، رغم أن تصريحه ليس مفاجئا لنا، إلا أن صمت البيت الأبيض حتى اللحظة، حول قوله: "إن حل الدولتين لم يعد ركيزة أساسية في سياسة البيت الأبيض وإن بلاده لم تعد تؤيد بشكل كامل فكرة قيام دولة فلسطينية" يجب أن يؤخذ كدليل إضافي على تناقض سياسة البيت الأبيض في عهده الحالي، حيث الحديث الدائم الصادر عن صناع القرار فيه، عن الرغبة في إحلال السلام في مناطق الصراعات في العالم، ونقيضه في التصريح الصادر عن السفير الأميركي، الذي يعلم قبل غيره مدى الإجماع الدولي على قضية حل الدولتين، وأن هذا الحل لا غيره السبيل لتأمين وضمان الأمن والاستقرار والسلام في فلسطين والشرق الأوسط.. وأن تجاهل إرادة الشعب الفلسطيني، ومحاولة فرض ما يريده قادة الصهيونية الدينية، رؤية قاصرة، وجهل بالحقائق التاريخية، فلأرض فلسطين شعبها الأصيل، المتأصل المتجذر فيها منذ فجر التاريخ، لم تقدر قوة استعمارية عبر التاريخ غلب إرادته، فنحن هنا، نريد ونشاء، وسنحقق ما نريد، ولن نخضع لما يريده المستعمرون، وليسألوا عمن سبقوهم من المستعمرين الغابرين.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025