الرئيسة/  مقالات وتحليلات

"الضارة النافعة " من جرائم المستوطنين و "محارقهم " !

نشر بتاريخ: 2024-04-14 الساعة: 12:08



موفق مطر 


ربما لم نكن بحاجة لصور جرائم المستوطنين ليل الجمعة ونهار أمس السبت ، لـتأكيد طبيعة القوة القائمة بالاحتلال ، لكنها برهان في اللحظة المناسبة ، على صواب الرواية الفلسطينية ، بأن  حكومة الصهيونية الدينية الحالية التي يراسها بنيامين نتنياهو ، هب العقل المدبر لإرهاب الدولة الذي اتخذته منظومة الاحتلال الاستيطانية العنصرية ( اسرائيل ) منهجا منذ انشاء أول تنظيم مسلح على أرض وطننا فلسطين .. أما صور اطلاق المستوطنين الرصاص على الآمنين المسافرين على الطرقات بين المدن الفلسطينية ، والنار التي اشعلها المجرمون لتأكل وتدمر أراض وبيوت المواطنين الفلسطينيين وأرزاقهم ، هنا في مدن وبلدات الضفة الغربية ، فإنها اصدق دليل على أن  وجود الشعب الفلسطيني على ارض وطنه التاريخي والطبيعي فلسطين ، هو الهدف  الرئيس من حملة الابادة التي بدأتها حكومة نتنياهو العنصرية ، والبالغة ذروتها الدموية التدميرية في قطاع غزة ، أما التهجير القسري فهو النتيجة العملية – التي ينتظرها رؤوس ارهاب الدولة في تل ابيب – لمنع أي امكانية لقيام دولة فلسطينية ، وذلك عبر إفراغ الأرض المحتلة من فلسطين منذ الخامس من حزيران سنة 1967 وهي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة ، بالتوازي مع تقليل الوجود الفلسطيني في الجليل والشمال ومدن الساحل الفلسطيني والنقب ، عبر الضغط بالقوانين العنصرية  والتعجيل بتنفيذ مخططات وبرامج التهويد ، ونشر الجريمة حتى تصير داءً ، لا علاج له إلا الهجرة ، وبذلك يستكمل المستعمرون مشروعهم – حسب اعتقادهم – لكن أنى لهم تحقيق ذلك ؟! وهم في أوج انقسام سياسي ، وعيش في رعب العقد الثامن العقائدي ، وبالمقابل صمود فلسطيني رسمي وشعبي ، وإصرار على تعميق التجذر بالأرض ، تولده طاقة الايمان بالحق التاريخي والطبيعي ، وقطع أبدي مع الهجرة والتشرد واللجوء والنزوح ، كما حدث في سنة 1948. 
تكرر حكومة الصهيونية الدينية الحالية افلات عصابات المستوطنين الاجرامية المسلحة ، لأن ردود الفعل الدولية على جريمة ( محرقة حوارة )  كانت متواضعة جدا ، ولأن معظم دول أوربا التي بيدها ادوات الضغط على منظومة الاحتلال مازالت تعيش عقدة  (المحرقة النازية ) ، رغم معرفة قادة وساسة ومثقفي هذه الدول أن الضحية بالأمس هو المجرم  ضد الانسانية والأشد فتكا اليوم ، وان الشعب الفلسطيني لا علاقة له اطلاقا بالمشكلة اليهودية في اوروبا ، لذلك لا مبرر للتهاون ، أو اصطناع مبررات وذرائع  تحول دون محاسبة " ارهاب دولة " فمنظومة الاحتلال اسرائيل تعتبر  المستوطنين في عداد سكانها ، ما يعني  خضوعهم للقانون الاسرائيلي ، أما انفلاتهم الاجرامي والدموي ، فهو دليل قاطع على انفلات هذه " الدولة "  وخروج حكومتها وجيشها ومستوطنيها على القانون الدولي والشرعية الدولية ، وشرعية طلب قيادة الشعب الفلسطيني الحماية الدولية ، من حملة ابادة تمارسها اسرائيل المتمردة على القانون الدولي ، والتي وأخلت بتعهداتها لتطبيق شروط انضمامها للجمعية العامة للأمم المتحدة ، منذ تاريخ انشائها كمشروع استعماري دولي سنة 1948 وحتى اليوم ، فهي من الناحية الواقعية دولة ناقصة الشرعية بوجهيها ، الأول : على الصعيد الأممي والدولي ، لأنها لم تقر وتعترف بالدولة العربية الفلسطينية التي رسمت في قرار التقسيم 181 لسنة 1947 ، ولم تلتزم بتعهد وزير خارجيتها المضمون من الادارة الأمريكية سنة 1949 بالعمل على الوفاء بشروط قبول اسرائيل كدولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة  ومنها  تطبيق القرار 181  كاملا ، ، والآخر أنها مازالت ككيان سياسي محكوم بمجموعة قوانين متبدلة متغيرة ، مستحدثة وفق متطلبات ألأهداف الاستعمارية التي على أساسها انشئت ، أما المستوطنين فهم أدواتها العسكرية باطنا ، المدنية ظاهرا ، نظموا على شكل منظمات وأحزاب مثالها ( العظمة اليهعودية ) برئاسة ايتمار بن جفير لاستخدامهم كقوة بشرية مسلحة ( ارهابية ) في مشروع الاستيطان الموازي للاحتلال ، رغم ادراك رؤوس المنظومة أن اسكانهم ، واستيطانهم ، وتمكينهم من الاستقرار فيها بقوة السلاح في ارض محتلة  "جريمة حرب " يعاقب عليها القانون الدولي .
لا نرى جرائم المستوطنين اليهود برعاية منظومتهم العنصرية إلا انعكاسا لنمط ومنهج تفكير حكومتهم المتحكمة بقرار ومصير الاسرائيليين ، فجرائمهم رد عملي على عزم دول في الاتحاد الاوروبي للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران سنة 1967 ، ومحاولة لتعطيل مسار دولي جاد لمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ، أما الضارة النافعة من جرائم المستوطنين ، فهي الخلاصة التي يجب ان يعرفها العالم ، بأن ( اسرائيل الديمقراطية ) كانت الصورة المزيفة (لإسرائيل العنصرية الارهابية ) .

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024