الرئيسة/  تعبئة فكرية

الفلسطينيون و "معاداة السامية" ومايجب ان يقال !

نشر بتاريخ: 2023-02-21 الساعة: 13:18

 

الفلسطينيون و "معاداة السامية"

وما يجب أن يقال

خالد غنام 

 لا تجرح عدوك فهو يستحق الشفقة؛ عبارة قالها لي قيادي في حزب العمال الأسترالي، مطالباُ إياي اعتبار دولة "إسرائيل" جار طبيعي لدولة فلسطين! رغم أن أغلب الأحزاب الإسرائيلية لا تعتبر أن دولة فلسطين موجودة؛ ولا حتى حزب العمال الأسترالي يجرؤ على اعتبارها موجودة بالوقت الحالي. 

لماذا علينا كفلسطينيين أن نراعي مشاعر كل العالم، وألا نستخدم ألفاظ قد تجرح أناس أبرياء؟ قال لي صديق من حزب الخضر الأسترالي: دعنا نصنف الصهيونية بأنها عنصرية وأن دولة "إسرائيل" بربرية دعنا نستخدم كل الشتائم والأوصاف الشريرة لوصف انتهاكات العدو الصهيوني دون أن نذكر كلمة واحدة عما حدث في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية، لأن هذا مخالف للقانون الأسترالي وكذلك القانون الأمريكي والكندي والبريطاني! نعم لأنك سوف توصف بأنك "معادي للسامية"؟!  

في أثناء مجادلة ساخنة مع أحد صهاينة قال لي: اليهود والعرب أبناء عم وهم ساميون (؟!!)، أما أنتم الفلسطينيون غرباء عن المنطقة (؟!) أنتم حاميون من الجزر اليونانية.

 (ثبت كذب الادعاء، فالفلسطينيون من أصل المنطقة وأصل العرب حسب عديد الأبحاث الحديثة وليسوا من أوربا. واللغة والقبائل القديمة تنسب الى الجزيرة العربية والتي مسماها الصحيح الجزيرية-نسبة للجزيرة العربية، وليست السامية المرتبطة بفكرة التقسيم العرقي التوراتية سام وأخوته التي لا دليل علمي عليها).

 أضاف الصهيوني: لذا تجد أن العرب يفضلون أن يقيموا علاقات حقيقية مع "إسرائيل" (بالحقيقة بعض رؤوس الأنظمة من فعلت، لا العرب) بينما علاقاتهم مع الفلسطينيين علاقات عاطفية بسبب قدسية الأرض المقدسة، أما أنتم الفلسطينيون فقد تم طردكم باستمرار من دول عربية: الأردن، سوريا، لبنان، ليبيا، عراق؟؟؟

وأنا أقول: هل من حق الصهاينة أن يجرحوا مشاعر الفلسطينيين ويتعدون على حقوقهم وينتهكوا كل القوانين ولا يتم لومهم، بينما يتم تجريم الفلسطينيين (وأنصار الشعب الفلسطيني)؛ إذا قاموا بالدفاع عن أنفسهم ووصفوا حقيقة ما يحدث في أراضي دولة فلسطين المحتلة. 

إن معاداة الفلسطينيين جريمة لا تقل عن "معاداة السامية"، ولابد أن يتم تجريم كل من يعادي الحق الفلسطيني. 

 

عندما وضع المجلس اليهودي الأسترالي منشور مصور MEME على صفحته بالفيسبوك: اسم فلسطين عمره 57 سنة وابتكره شخص مصري اسمه ياسر عرفات (؟!). 

انتابني غضب شديد إلا أنني جربت أن أكون استرالياً وأخفي مشاعري تحت جلدي، وأن أتحدث بهدوء ووجه باسم؛ حتى أستطيع تحقيق انتصار بسيط، فعملت مع فريق عمل متخصص بهدف إجبار المجلس اليهودي الأسترالي لإزالة هذا المنشور المصور لأنه يضلل الرأي العام وينافي الحقائق العلمية المثبتة أكاديمياً. وهذا ما فعلناه معاً وتم فعلاً إزالة هذا المنشور المصور، لكن لم يتم الاعتذار على هذه الفعلة الشنيعة، كما أن إدارة الفيسبوك لم تتعهد بحذف إي منشور ينكر وجود اسم فلسطين. إلا أننا انتصرنا نصراً صغيراً وعلينا الاستمرار بتحقيق الانتصارات الصغيرة التي ستتراكم لتصنع الدولة الفلسطينية المستقلة. 

"معاداة السامية" المصطلح الواضح لغوياً يعتبر أكثر المصطلحات السياسية تلوناً، إلا أنه يعني بالمجمل العصبية الوطنية العنصرية ضد الأجانب والمهاجرين، إلا أن أغلب استخدامه حالياً هو للدفاع عن "دولة إسرائيل" والقوى الداعمة لها ما هو إخراج فظ للمصطلح عن أصله الاول. فقد استخدمت وزارة الخارجية الأمريكية تعريف معاداة السامية منذ عام 2010. 

وفي 26 مايو 2016، تبنته الدول الأعضاء الـ 31 في التحالف الدولي لإحياء ذكرى "الهولوكوست" (IHRA)، وتم اعتماد التعريف التالي لمعاداة السامية: "معاداة السامية هي نظرة معينة لليهود، وقد تشمل المظاهر استهداف "دولة إسرائيل"، التي تم تصورها على أنها جماعة يهودية. 

يمكن أن تشمل الأمثلة المعاصرة ل"معاداة السامية" في الحياة العامة، ووسائل الإعلام، والمدارس، وأماكن العمل، وفي المجال الديني، مع مراعاة السياق العام، على سبيل المثال لا الحصر:

- الدعوة أو المساعدة أو تبرير قتل أو إيذاء اليهود باسم أيديولوجية راديكالية أو نظرة متطرفة للدين.

- إطلاق ادعاءات كاذبة أو مجردة من الإنسانية أو شيطنة أو نمطية عن اليهود بصفتهم هذه أو قوة اليهود كجماعة - مثل، على وجه الخصوص ولكن ليس حصريًا، الأسطورة حول مؤامرة يهودية عالمية أو سيطرة اليهود على وسائل الإعلام أو الاقتصاد أو الحكومة أو غير ذلك من المجتمعات المؤسسات.

- اتهام اليهود كشعب بأنهم مسؤولون عن مخالفات حقيقية أو متخيلة ارتكبها شخص أو جماعة يهودية واحدة، أو حتى عن أفعال ارتكبها غير اليهود.

- إنكار حقيقة الهولوكوست ونطاقها وآلاتيتها (مثل غرف الغاز) أو تعمد إنكار الإبادة الجماعية للشعب اليهودي على يد ألمانيا الاشتراكية القومية ومؤيديها والمتواطئين معها خلال الحرب العالمية الثانية (الهولوكوست). 

- اتهام اليهود كشعب أو "إسرائيل" كدولة باختراع الهولوكوست أو المبالغة فيها.

- اتهام المواطنين اليهود بأنهم أكثر ولاء "لإسرائيل"، أو للأولويات المزعومة لليهود في جميع أنحاء العالم، من ولائهم لمصالح دولهم.

- إنكار حق الشعب اليهودي في تقرير المصير، على سبيل المثال، من خلال الادعاء بأن وجود "دولة إسرائيل" هو مسعى عنصري.

- تطبيق معايير مزدوجة بالمطالبة بسلوك غير متوقع أو مطلوب من أي دولة ديمقراطية أخرى.

- استخدام الرموز والصور المرتبطة بمعاداة السامية الكلاسيكية (على سبيل المثال، ادعاءات اليهود بقتل يسوع أو فرية الدم) لوصف "إسرائيل" أو الإسرائيليين.

- رسم مقارنات بين السياسة "الإسرائيلية" المعاصرة وسياسة النازيين.

- تحميل اليهود المسؤولية الجماعية عن أفعال "دولة إسرائيل".

وقبل أن نرى تبعات هذا التعريف -المضلل لحقيقة المعنى الأصل بمعاداة اليهود في اوربا- على النضال الفلسطيني لابد من قراءة تاريخية لجذور هذا المصطلح، فهو ليس حديث العهد، بل أنه قبل بداية الصراع العربي الصهيوني.

 إن معاداة السامية أو معاداة اليهود (بالإنجليزية: Anti-Semitism)‏ هو مصطلح يعني معاداة اليهودية كمجموعة عرقية ودينية وإثنية (لادليل على وجود إثنية أو قومية يهودية خاصة، والدليل فقط على وجود ديانه تجمع إثنيات وقوميات عدة) والمعنى الحرفي أو اللغوي للعبارة هو "ضـد السامية"، وتُترجَم أحياناً إلى "اللا سامية". 

تم استعمال المصطلح لأول مرة من قبل الباحث الألماني فيلهلم مار Wilhelm Marr لوصف موجة العداء لليهود من مواطني دول أوروبا الوسطى في أواسط القرن التاسع عشر. وبالرغم من انتماء العرب والآشوريين وغيرهم إلى الساميين (المقصود بالساميين بالحقيقة الجزيريين أو الجزريين-أنظر العلامة طه باقر، وأحمد سوسة، وعلاء اللامي/ وأحمد الدبش)، فإن معاداتهم لا تصنف كمعاداة للسامية؛ بينما تعد معاداة اليهود شكلاً من أشكال العنصرية. 

إن حقيقة الأزمة في ألمانيا بالقرن التاسع عشر، كانت تكمن بأزمة اقتصادية لها أسباب أكبر بكثير من كونها مسألة هجرة المواطنين اليهود بسبب المجازر في روسيا (1881-1884)، حتى أننا لا نرى أن هذه المجازر يتم تصنيفها على أنها معادية للسامية؟!

 فالموضوع برمته له علاقة بالدولة العميقة في ألمانيا ونفوذ اليهود داخلها؛ وهذا جعل مفكرين مثل فيلهلم مار يكتب: الصراع بين اليهود والألمان لن يتم حله إلا بانتصار أحداهما والموت النهائي للآخر؛ أي أن اليهود قبلوا أن يكونوا العصا التي يضرب بها الأغنياء الفقراء.

 بل شخصية مثل "هاينريش فون تريتشك" كتب "اليهود هم مصيبتنا" لأنهم يعطوا بدائل سهلة للطبقة الحاكمة مما يجعلها تسحق الطبقات العاملة الفقيرة. كما أن "مورتيتز ستاينشنايدر" كتب التعصّب ضدّ الساميّة يعني التعصب ضد الدخلاء الذين لا يشعرون بعذابات الشعب الألماني ويستغلونه. 

وفي كتاب المسألة اليهودية لماركس: باعتبارها مسألة أعراق وأخلاق وثقافة: تم طرح فكرة ضياع الأصالة الألمانية أمام الشذوذ اليهودي؛ الذي يبرر فعل أي شيء من أجل الكسب المالي.

إن معاداة المواطنين اليهود في أوربا كان سببه مسلكية أغنياءهم الشاذة الذين سعوا إلى دعم نفوذ الدولة العميقة في زمن بداية تشكل النقابات والعمل الشعبي الاشتراكي؛ مما سبب باتهام الجالية اليهودية كلها بأنها تعمل ضد مصالح الطبقة العاملة. إلا أن حقيقة هذا التخصيص ينفي حقائق التاريخية عن تشكل الديموقراطية الألمانية في زمن الليبرالية البسماركية. 

كما أن مصطلح "العرق السامي" غير دقيق لوصف اليهود من مواطني ألمانيا فهم خليط من عدة شعوب وليس عندهم نقاء عرقي يجعلهم مميزين حتى بالمظهر الخارجي عن أي أوروبي شرقي (الدراسات الحديثة تشير لكل المواطنين الاوربيين الشرقيين والغربيين والروس بأنهم بغالبهم من يهود الخزر الذين تهودوا منذ القرن الثامن الميلادي فصاعدا: أنظر شلومو ساند في اختراع الشعب اليهودي وأنظر أرثر كوستلر في القبيلة 13).   

خرافة "النقاء العرقي" تذكرنا بتاريخ علم الأنساب حيث نجد الغالبية العظمى من المؤرخين قد اعتبروا جدول الأمم في سفر التكوين من الكتاب المقدس المرجع الأساسي لعلم الأنساب؛ وهذا يظهر بشكل جلي بالكتب العربية العتيقة، وكأن العالم كله تم إعادة تكوينه بعد الطوفان (؟!) وأن أبناء النبي نوح – عليه السلام- هم آباء كل البشر الحاليين، إلا أن هناك نظريات حديثة تثبت أن جدول الأمم غير دقيق مطلقًا استنادا لعدم أهلية التوراة ككتاب تاريخ، ولا يتطابق مع مراجع تاريخية أخرى تم العثور عليها حديثاً، كما أن علم الآثار ينفي فكرة الطوفان العام للكرة الأرضية ويؤكد أن الطوفان كان محلياً بجزء صغير من شمال المشرق العربي، وهناك أيضاً تحاليل الحمض النووي التي ترفض بشكل قاطع النقاء العرقي لأي سلالة بشرية. وقد يختال بعض العرب أنهم من سلالة سام عليه السلام وكأن حام أو يافث عليهما السلام لم يكنا من أنبياء الله حسب النص التوراتي نفسه!؟

  ما يسمى "جدول الأمم" لم يستطع تصنيف الأرض المقدسة فلسطين بأنها منطقة يرثها أحد أبناء نوح عليه السلام، وأن الادعاء بأنها كانت تحت حكم الكنعانيين من نسل حام غير دقيق بتاتًا حسب جدول الأمم نفسه، فهي منطقة مشتركة للسلالات الثلاثة (او القبائل) منذ البدء، بل أن بعض مدنها كانت مختلطة يافثية حامية وبعضها كانت سامية حامية( هذا إن سلمنا بالتصنيف التوراتي المشكوك بصحته) ، كما أن حركة الترحال الشعوب (او بالحقيقة القبائل او الأقوام) المذكورة في جدول الأمم تؤكد مركزية الأرض المقدسة فلسطين بأنها حلقة وصل بين مدن المنطقة من اليونان شمالاً والصحراء العربية جنوباً وبلاد فارس شرقاُ ومصر غرباً، وأن سكان بلاد الرافدين والشام هم أقوام اختلط نسلهم من السلالات الثلاث الكبرى. 

إن حقيقة ميراث الأرض الكنعانية أي أرض فلسطين لبني إسرائيل (القبيلة القديمة المندثرة) تتنافى مع النص التوراتي نفسه، حيث أن المناطق الكنعانية لم تكن نقية من الأعراق الأخرى، بل أن الكنعانيين سكنوا خارج حدود أرضهم. من جانب آخر لم يمنع الكنعانيون غيرهم من السكن في مناطقهم دون قتال أو حتى دفع جزية، بل أن علاقة الكنعانيين بالقبائل الأخرى كانت علاقة طبيعية لها امتداد ثقافي اقتصادي، ولا يمكن ذكر حروب خاصة بينهم، باستثناء هجمات الإمبراطوريات الكبرى (الفراعنة، الآشوريين والبابليين والإغريق والفرس) على الساحل السوري. 

بالتأكيد هناك نظريات حديثة أثبت أن أحداث التوراة (مسرح التوراة التاريخي في الفترة المحددة فيه) حدثت في اليمن القديم، أو العراق (أنظر مؤلفات فاضل الربيعي، وفرج الله صالح ديب، وكمال الصليبي، وجميل الخرطبيل..الخ) ولها دراسات أكاديمية تم اعتمادها لدى العديد من الباحثين، كما أن علم الآثار فرض على المؤرخين ربط الرواية التاريخية باللقى الأثرية؛ وهناك شح كبير بالآثار التي تؤكد الرواية التاريخية التوراتية. إضافة الى أن اكثر من 100 عام من الحفريات في فلسطين لم تثبت من الرواية التوراتية أن تاريخ فلسطين يصدق التعبير عنه وفق روايات التوراة الأسطورية كما أسماها فنكلستاين.

 (أنظر أيضا كيث وايتلام واسكات التاريخ الفلسطيني، وانظرعالم الآثار طوماس طومسون، ولك النظر في أعمال علماء الآثار الإسرائيليين أنفسهم الذين يدحضون الروايات التاريخية التوراتية في فلسطين أمثال إسرائيل فنكلستاين ونيل أشر سبيلرمان، ووزئيف هرتزوغ...الخ )

 

في علم النقد التوراتي نجد أن هناك عدة نسخ لتوراة ومئات التفاسير لكل أية فيه، لذا يصعب الجزم بدقة معلوماته كسند تاريخي، خصوصاً أن لفائف البحر الميت أظهرت الكثير من الأسرار التي حاول اليهود والنظام الإسرائيلي طمسها، وأهمها مركزية مدينة القدس في المعتقد اليهودي ومكان الهيكل السليماني الذي لادليل عليه مطلقًا في فلسطين (أنظر الكثير ومنها مؤلفات أحمد الدبش، ود.علاء أبوعامر،د.ابراهيم عباس، د.عصام سخنيني...الخ). 

أما بخصوص علم الجينات (جينولوجيا) فهو علم حديث مازال في تطور تكوين، فهو مازال يبحث عن المدخلات الثابتة؛ مثل أي علم تجريبي آخر يعتمد على وجود فرضيات ثابتة، وكانت أحد الفرضيات الثابتة لعلم الحمض النووي العام أي علم أصول شعوب الجنس البشري هو اعتماد جدول الأمم في سفر التكوين من التوراة، كمرجعية للسلالات البشرية، إلا أن هذه الفرضية سقطت أمام التجارب البحثية التي أكدت وجود أخطاء كبيرة في جدول الأمم، ولعل أهمها في ما يتعلق بوجود نسل بشري غير مرتبط بنوح -عليه السلام- وأن الطوفان لم ينهي الوجود البشري خارج منطقة قوم نوح. 

أما بخصوص أصل الشعوب العربية؛ فقد ثبت أن العرب كانوا من الشعوب المنفتحة على باقي الشعوب، وأن دماءهم اختلطت بدماء شعوب أخرى. وكان الاختلاط العربي كاملاَ يشمل كافة طبقات المجتمع من أسياد وعوام وعبيد. 

ووجد الباحثون: أن سلالة إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ـ بشقيها العدناني والقحطاني ـ تكاد تكون محصورة في التحور (J1c3d).. وبعد البحث وإجراء العديد من الفحوص والتحاليل المخبرية وجد الباحثون أن الموروث التاريخي العربي في مجمله يتفق مع علم الجينات ويختلف في التفصيلات: فسلالة العدنانيين (مضر وربيعة وغيرهما) ـ نسبة إلى عدنان بن إسماعيل عليه السلام ـ تقع ضمن (j1c3d2)، وهم من أوضح الأقسام العربية وأسهلها استقراءا. وكذا الإسحاقيين والغساسنة، فسلالتهم تقع ضمن (j1c3d). أما القحطانيون: فالشائع والمعروف عند جمهور النسابة أنهم من قحطان بن هود عليه السلام مما يعني: أن سلالتهم لا يمكن أن تقع ضمن السلالة العدنانية والإسحاقية والغسانية (j1c3d)، إلا أنه بعد إجراء العديد من الفحوص على جملة من اليمنيين أتضح أنهم من سلالة تقع ضمن (j1c3d)، وهذا يعزز من صحة القول القائل: أن القحطانيين ينتسبون إلى قحطان بن نابت بن إسماعيل عليه السلام. 

فالمجموعة العرقية J تسمى بالمجموعة (السامية) وذلك بسبب انحدار الشعوب السامية (القبائل الجزيرية) منها وهذه المجموعة العرقية تنقسم إلى ثلاثة أقسام J1 وJ2 وسلالة J نشأة في الشرق الأوسط قبل ما يقارب الثلاثون ألف سنة. السلالة J2 أو J2-Haplogroup هذه السلالة يعتقد أنها نشأة في شمال منطقة الهلال الخصيب وتحديدا في الأناضول وهي تحمل التحور الجيني M172 فأي شخص يقوم بالفحص العرقي الوراثي ويكتشف لديه التحور المذكور فهو حفيد للرجل J2 وقد انتشرت هذه السلالة منذ الأزمنة السحيقة في أواسط آسيا وإيران وصولا إلى الهند كما وصلت هذه السلالة إلى أوروبا، خلال نفس الفترات والمراحل التي وصلت فيها السلالة E3b إلى أوروبا.

 

كما قام المشروع الجينوغرافي بتصنيف البشر والإجابة عن العديد من الأسئلة المتعلقة بكيفية استيطاننا هذه الأرض، وذلك وفقا للتركيب الجيني من خلال تحليل الحمض النووي، حيث توصل الباحثون إلى اكتشافات مثيرة للدهشة عن التركيب الوراثي لأربعة من البلدان العربية. عن طريق سرد مجموعة مرجعيّة من السكان، بحيث يتم وصف مواطن كل دولة بحسب تركيبته الجينيّة، وذلك استنادا إلى المئات من عينات الحمض النووي التي أُخضعت لتحليلات متطورة، فقد ثبت أن الشعوب العربية ذات حمض نووي مختلط يغلب عليه الأصل العربي. 

إلا أن الصهاينة يستخدمون علم الجينيات لبث سمومهم العنصرية، ويقدمون نصف الحقيقية مخلوطة مع الكثير من الأكاذيب؛ خصوصاً أنهم يقومون بالتنقيب الحصري للآثار في الأرض المقدسة فلسطين، ويخفون الكثير من النتائج البحثية التي تتناقض مع مشروعهم الاستيطاني/الاستعماري الاحلالي، ويحاولون ترويج الأكاذيب حول أصل الشعب الفلسطيني، وربطه بشكل مباشر بالجذور الحامية الأوروبية، بمحاولة منهم لنزع صفة الأصل السامي (الجزيري من المنطقة)  للشعب الفلسطيني، وقد سبق وأشرنا أن: الجريمة الكبرى للمراكز البحثية بدراسة الحمض النووي لمعرفة أصول الشعوب بحق العرب أنهم اعتبروا جذرهم سامي إن كان أصلهم يهودي؛ حيث تم تحديد السلالة (J1) سلالة للعرب: فإن الباحثين المختصين في الحمض النووي قاموا ببعض الإحصائيات التي تمت لتحديد العرقية التي ينتمي إليها اليهود الحاليين. 

ويدعي معهد ماكس بلانك كذبًا أن الفلسطينيين حاميين من الجزر اليونانية، ويقدم التبريرات الكاذبة لهذه المعلومة التوراتية الأسطورية، يدعوا أن آثار مدينة عسقلان تقدم دلائل على الفروقات الجينية بين الكنعانيين والفلسطينيين (؟!) على الرغم أن الشعبين (القبيلتين أو القومين) من الشعوب الحامية، حسب المصادر التوراتية، ولخطورة الموضوع فقط تم التكتم على خرائط الحمض النووي، خوفاً من استخدامها ضد أهدافهم السياسية المضللة.

إن أخطر ما في علم الأعراق الغربي أنه يتعامل مع الجاليات العربية في الدول الغربية على أنها مجموعات عرقية بينما يتعامل مع الجالية اليهودية على أنها سلالة عرقية؛ مما يجعل أي مدخل يهودي ثقافي أواجتماعي على أنه جزء أصيل من الثقافة المحلية، بينما يتم النظر بريبة لأي مدخل ثقافي أو اجتماعي عربي لأنه جزء من ثقافة المهاجرين الدخيلة. 

وهنا يكون مفهوم المجتمع المتعدد الثقافات أكذوبة؛ حيث أنه يستخدم القانون لدمج المهاجرين الجدد (خصوصاً الجاليات العربية) بالثقافة المحلية، ولا يتم قبول ثقافتهم إلا بشكل ثانوي خصوصاً في قبول بعض المأكولات والفنون. أما التنوع العرقي الذي يبحث عنه الغرب؛ فهو المسخ التابع فكريا وثقافيا واجتماعيا له، وحتى هذا لا يتم قبوله كجزء أصيل من المجتمع؛ فعلى سبيل المثال: يتنمرون على من يفعل ذلك من الهنود لأنهم مجرد إنجليز سود Black English. مما يزيد من احتمالية الصراع العرقي بسبب شعور هذه المجموعات العرقية بأنها مضطهدة ولا يتم تعامل معها بشكل عادل بسبب أنها مختلفة عرقية.

إن هذا يجعلنا نستوعب شرح موقع الموسوعة Encyclopedia الالكتروني عن موضوع الصهيونية بين "القومية والسلالة العرقية" : الصهيونية هي أيديولوجية عرقية قومية وحركة اجتماعية تهدف إلى إنشاء وإدامة وطن للشعب اليهودي في أرض صهيون (فلسطين) ( )

 وتضيف: "من الناحية الأيديولوجية، دعت الصهيونية إلى حق تقرير المصير (القومي) للشعب اليهودي (العرقي). عمليا، سعت إلى خلق هيمنة ديمغرافية يهودية في صهيون. حتى العصر الحديث، حافظ اليهود على تقليد عرقي وديني عززه العزلة المفروضة عليهم من قبل الدول المضيفة لهم ( ) وحافظوا عليها. تضمنت هويتهم العرقية إحساسًا بالقرابة، كما لو كانوا ينتمون إلى عائلة واحدة كبيرة. تقوم الطوائف اليهودية على هذا التصور الذاتي "للعائلة الفائقة الوهمية" (هذه النظرة بين الذات تجعل المجتمع عرقيًا أكثر منه سلالة موضوعية).

من جانب آخر تم إثارة مصطلح السلالات العرقية في فلسطين التاريخية وأن العلاقة بينها غير متجانسة بعكس السلالة العرقية اليهودية المتحدة دائماً. وكان منشأ السلالات العرقية يتحدث عن مجموعة أقليات دينية مثل الأرمن والسريان والشيشان والشركس واليونان والأقباط والبروتستانت والفرنسيسكان والهيكليين وتصنيفها على أنها طوائف عرقية، رغم أنها مجرد أقليات دينية مندمجة مع امتداداها الديني داخل المجتمع الفلسطيني الأم، ولم تشكل أي منها مجتمع جالية منغلقة على نفسها. 

 

أما بخصوص الصراع القيسي- اليمني (القبلي من القبيلة) بتكوين مجتمعين متحاربين داخل فلسطين، فهذا الصراع العشائري العربي القبلي توقف منذ أكثر مائتين سنة ولا يوجد ما يثبت نظرية الفصل الجيني بين السلالة القيسية والسلالة اليمنية، بل أن علماء الحمض النووي يرفضون فكرة وجود سلالات فرعية عند الفلسطينيين العرب. 

من جانب آخر لم يتم تصنيف الدروز أو البهائية أو الأحمدية أو السوامرة (السامريين) كجماعة عرقية مستقلة، وكذلك الجاليات السودانية والمصرية والغجرية والتركمانية والكردية لم يتم فصلها على التصنيف العام للعرق السائد في فلسطين وهو العرق العربي؛ وسبب أن التقسيمات العرقية تعتمد على مدى ارتباط الجماعات العرقية المهاجرة بمركزها بالوطن الأم، وكذلك بمقدار عزلة هذه الجماعات العرقية عن النسيج العام للمجتمع. 

إن الوضع العرقي بفلسطين مشابه للوضع العربي العام، حيث يؤمن المجتمع العربي بشكل فطري بالتعايش بين الثقافات المختلفة مع تسامح ديني جعل الاندماج العضوي للأقليات ينتج هجين مرتبط بالوطن الجديد ومستقل عن الوطن القديم، بل أن الزواج المختلط قد ألغى الفوارق الثقافية خاصة عند الجاليات السودانية والمصرية والغجرية والتركمانية والشركسية والكردية في فلسطين.

 في موضوع هام: عبرت مجموعة من 122 من الأكاديميين والصحفيين والمفكرين الفلسطينيين والعرب عن مخاوفهم بشأن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA)؛ فيما يتعلق بتعريف معاداة السامية من قبل التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA)، والطريقة التي تم بها تطبيق هذا التعريف وتفسيره ونشره في العديد من بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية. 

 

في السنوات الأخيرة، تم استخدام الحرب ضد "معاداة السامية" بشكل متزايد من قبل الحكومة الإسرائيلية وأنصارها في محاولة لنزع الشرعية عن القضية الفلسطينية وإسكات المدافعين عن حقوق الفلسطينيين. 

إن تحويل النضال الضروري ضد معاداة السامية لخدمة مثل هذه الأجندة يهدد بتقويض هذا النضال وبالتالي تشويه سمعته وإضعافه. يجب فضح "معاداة السامية" ومكافحتها. بغض النظر عن التظاهر، لا ينبغي التسامح مع أي تعبير عن كراهية اليهود مثل اليهود في أي مكان في العالم. تتجلى معاداة السامية في التعميمات الشاملة والصور النمطية عن اليهود، فيما يتعلق بالسلطة والمال على وجه الخصوص، إلى جانب نظريات المؤامرة وإنكار الهولوكوست. إننا نعتبر محاربة مثل هذه المواقف أمرًا شرعيًا وضروريًا. ونعتقد أيضًا أن دروس المحرقة وكذلك دروس الإبادة الجماعية الأخرى في العصر الحديث يجب أن تكون جزءًا من تعليم الأجيال الجديدة ضد جميع أشكال التحيز العنصري والكراهية. 

 

ومع ذلك، يجب التعامل مع مكافحة معاداة السامية بطريقة مبدئية، خشية أن تلحق الضرر بهدفها. من خلال "الأمثلة" التي يقدمها، يخلط تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) بين اليهودية والصهيونية بافتراض أن جميع اليهود صهاينة، وأن دولة "إسرائيل" في واقعها الحالي تجسد حق تقرير المصير لجميع اليهود بالعالم (؟!). 

 

نحن نختلف بشدة مع هذا. لا ينبغي أن يتحول النضال ضد "معاداة السامية" إلى حيلة لنزع الشرعية عن النضال ضد اضطهاد الفلسطينيين وإنكار حقوقهم واستمرار احتلال أراضيهم. 

 

في النهاية لابد أن يتفهم كل النشطاء الفلسطينيين (وأنصار الشعب الفلسطيني بالعالم)؛ أن استخدام الرموز النازية لاستفزاز مشاعر جنود الاحتلال الإسرائيلي وعصابات المستوطنين الصهاينة، أصبح الآن جريمة يعاقب عليها القانون الأمريكي وقوانين أغلب الدول الغربية، وقد يمنع نشر أخبار عن الانتهاكات الإسرائيلية بالأراضي الفلسطينية المحتلة؛ بسبب أن بعض النشطاء الفلسطينيين القليلين يستخدمون رموز نازية. وهذا الموضوع بحاجة لدراسة عميقة واتخاذ قرارات مركزية بخصوصه، حيث أن الحركة الصهيونية تقوم بتوثيق هذه الحوادث على أنها أنشطة معادية للسامية، بعضها صدر عن أطفال فلسطينيين وبعضه الآخر منسوب لقيادات فلسطينية عليا وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأمين سر اللجنة المركزية لحركة الأخ جبريل الرجوب. وقد قمت بترجمة تقريرين ووضعتهما كملاحق؛ للاطلاع على ما يتم الترويج له، بأن الفلسطينيين هم نازيون جدد. 

 

قد يعتبر البعض أن الموضوع لا يتجاوز حدود التضليل الإعلامي؛ إلا أن تبعياته قد تشمل منع النشاطات المناصرة للحق الفلسطيني في بعض البلاد، أو وضع قيود مشددة عليها: على سبيل المثال في مظاهرة سيدني للتضامن مع فلسطين يوم 13-8-2022 بعد العدوان على قطاع غزة، تم تفتيش عن أعلام حركة الجهاد الإسلامي وتحذيرنا من إلقاء كلمة باسم حركة حماس؛ لإنهما حركتان إرهابيتان بالقانون الأسترالي، وعلى الرغم أننا كمنظمين حركة اشتراكية استرالية، إلا أنه تم تحذيرنا من استخدام أي رموز نازية بالمظاهرة، وبعد تأكدهم من كل هذا، أجبرونا من الابتعاد عن الشارع العام عشرة أمتار أثناء إلقاء الخطب، وتم اختصار المظاهرة لمجرد 200 متر بعدما كانت 3 كيلومتر. 

ولو قارناها بمظاهرة يوم النكبة 15-5-2022 التي تم فيها إغلاق حركة المرورمن أجل حماية المتظاهرين، وأقيمت مسيرة لمسافة 3 كيلومتر داخل منطقة الأسواق المركزية لمدينة سيدني. 

 كما أن فعاليات حملة المقاطعة BDS تعتبر الآن جريمة يعاقب عليها القانون الأسترالي، فهي أعمال شغب "معادية للسامية"؛  وليست موجهة لعنصرية واحتلالية دولة "إسرائيل" مما سبب بضعف الحملة التي كانت تركز على التعاون العسكري بين الشركات الاسترالية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وتسويق منتجات مستوطنات الضفة الغربية في الأسواق الاسترالية، وعلى الرغم أن الحملة تقوم بفعاليات بشكل مستمر؛ إلا أن التغطية الإعلامية لها أصبحت ضعيفة وحذرة. 

 

 هذا الموضوع الهام لا يقتصر على استراليا، فالوضع في كندا وعدد من الولايات الأمريكية مماثل، ففي النضال الفلسطيني تعودنا، أن المعركة سجال: وعندما تحاول الحركة الصهيونية تغيير قواعد اللعبة؛ فإن الفلسطينيين وأنصار الشعب الفلسطيني يبتكرون الطرق لاستمرار الثورة ضد الاحتلال الإسرائيلي. 

 

إن اتهام الثورة الفلسطينية باستخدام رموز نازية ليس حديثاً فقد بدأ في عام 1941 في مدينة حيفا، وتم محاكمة أربعة نشطاء فلسطينيين لتعليقهم أعلام نازية على كنيس يهودي. وعند سؤال القاضي البريطاني لهم: هل أنتم نازيون؟ أجابوا: بل فلسطينيون نتوجع من ظلمكم ونريد للصهاينة أن يتوجعوا مثلنا، وعلمنا أن هذا العلم يسبب الوجع للصهاينة لذا قررنا أن نستخدمه. فقال القاضي: لكن هذا ممنوع بالقانون. فأجاب أحدهم: كل ما يوجع الصهاينة ممنوع بقانونكم وكل ما يوجعنا مسموح؛ لذا فأنا ضد القانون.    

*خالد غنام

مؤلف وكاتب عربي فلسطيني مقيم في أستراليا، وله عدة كتب ومجموعة معتبرة من الدراسات، وهو عضو مجلس إدارة مركز الانطلاقة للدراسات.

2022م

اكاديمية فتح الفكرية* أكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024