رحيل جمال بنورة.. مخزون ثقافي وكاتب الواقع الفلسطيني
نشر بتاريخ: 2020-12-16 الساعة: 12:48رام الله - مراسل وفا- برحيل الأديب جمال بنورة /83 عاما/، مساء أمس، الخامس عشر من كانون الأول، خسرت فلسطين، والقارئ العربي، ومتذوقو الأدب الحر والوطني والملتزم بقضايا شعبه في العالم، مثقفا وتراثيا وكاتبا مبدعا منذ أكثر من خمسين عاما.
ربما لم يسمع الجيل الجديد بجمال بنورة، نظرا لتهميش الكثير من الأسماء أو انزوائها لظروف شخصية أو حياتية، اضافة إلى واقع الكتابة والنشر الجديد الذي أتاحت له دور النشر المادية والتكنولوجيا المتقدمة البروز اللافت على حساب الأسماء العتيقة ومخزونها الثقافي الواسع.
يُعَرف بنورة، بالحالم والمتشوق لتوثيق التاريخ والواقع الفلسطيني، خاصة بعد النكبة وتفاصيل الحياة اليومية والظروف والمآلات والنتائج والأحداث الوطنية، وانتاجه أرشيفا هاما لمن يبحثون عن حال الشعب الفلسطيني بعد النكبة والنكسة والانتفاضة.
يعد بنورة، بكثافة انتاجه الأدبي وتنوعه وملامسته لواقع المعيشة في فلسطين، واحداً من الأسماء التي صنعت مجدا أدبيا فلسطينيا كبيرا في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ولد بنورة في مدينة بيت ساحور، سنة 1938، عمل في سلك التربية والتعليم.
بدأ الكتابة في أوائل الستينيات. كتب القصة والمسرحية والرواية. وواحدا من عدة مثقفين أوّل تنظيم نقابيّ للكّتاب الفلسطينيّين عام 1977م كتجمّع يحمل اسم "كتّاب البيادر".
نشرت قصصه في الصحف والمجلات الفلسطينية مثل "الجهاد، والفجر، والشعب، والاتحاد، والجديد والفجر الأدبي".
يعتبر بنورة، واحدا من أكثر المهتمين بجمع ودراسة التراث الشعبي الفلسطيني، وفي ذلك قال مرة: "أحس وأنا أبحث عن التراث -لتسجيله وحفظه من الضياع- كأنني أبحث عن نفسي".
ترجمت قصصه إلى عدة لغات /الانجليزية والألمانية والبلغارية والإسبانية/. وترجمت له مجموعتان قصصيتان إلى الروسية والإيطالية.
في بدايات الستينيات، وضع بنورة حلما أدبيا، أن يكتب رواية طويلة عن نكبة فلسطين 1948، لكنه بعد أن أنجزه بمشقة، لم يقتنع به، لينتقل إلى الكتابة عن تجربة شخصية في الخمسينيات لكنه أيضا لم يكمل مشروعه، لشعوره بعدم نضوج قلمه.
جاءت نكسة حزيران 1967، لتنهض ببنورة أدبيا، فيبدأ منذ اليوم الأول حلما آخر، كما صرح في مقابلة مع مؤسسة فلسطين للثقافة" عام 2012: أخذت أسجل ملاحظاتي، وانطباعاتي عن الحرب، ومواقف الناس وأحاديثهم وتعليقاتهم، وملخصاً عن الأحداث التي عشناها.. علّني أستطيع في يوم ما أن أوظفها في العمل الروائي الذي أحلم بكتابته. ولم يُتح لي الوقت الكافي لكتابة الرواية بسبب الانخراط في العمل الوطني، والانشغال بكتابة القصة القصيرة للتعبير عن واقع الحياة اليومية تحت الاحتلال، وواظبت على الكتابة، وإصدار المجموعات القصصية حتى إحالتي على التقاعد القسري من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في عام 1983، حيث تفرغت لكتابة الرواية التي ما زالت أحداثها تعيش في ذهني.. أنهيت الرواية، ونشرتها وبدأت بإعداد مخطوطة لرواية "الانتفاضة".. وهكذا توزعت كتاباتي ما بين القصة القصيرة والرواية، وفيما بعد المسرحية.
وبحسب الكاتب شاكر فريد حسن: فإن قصص بنورة تركز على ابراز الجانب الايجابي للشخصية الفلسطينية والتعبير عن الانسان الفلسطيني العادي والبسيط بمشكلاته وتطلعاته، ووصف أحوال المجتمع الفلسطيني وتقاليده وما فيه من تناقض ومآسي وأحزان، ونجد معظم ابطاله من أبناء العامة والطبقات والشرائح الاجتماعية الشعبية الفقيرة والكادحة،الذين نلتقيهم في الشارع والرصيف والحارة والسوق والحقل والمصنع وورش البناء.
نتاج جمال بنورة الأدبي: في الرواية: "أيام لا تنسى" 1982، "انتفاضة" 1998، "وما زال الحلم..!" 2010..
وفي القصص والمسرحيات والدراسات: "العودة" /قصص/ 1997، "كان الموت ونحن على ميعاد" /مسرحية/ 1980، "حكاية جدي" /قصص/ 1981، "الشيء المفقود" /قصص/ 1982، "الموت الفلسطيني" /قصص/ 1986، منوعات أدبية عربية –القرن العشرون- فلسطين "دراسات ادبية" 1987، "حمّام في ساحة الدار" /قصص/ 1990، "سراج لم ينطفئ" /قصص/ 1993، "في مواجهة الموت" /قصص/ 1999، "الحياة والموت –الحلم والحقيقة- مسرحيتان "مسرحية" 2005، تاريخ ما لم يذكره التاريخ- دراسة ميدانية في التراث الشعبي الفلسطيني /2016/.
ونعت وزارة الثقافة الكاتب والقاص جمال بنورة، الذي توفي في مدينة بيت ساحور عن عمر ناهز الـ82 عامًا.
وقال وزير الثقافة عاطف أبو سيف: إن رحيل بنورة خسارة للثقافة الفلسطينية التي أبدع من خلالها في مواجهة الاحتلال عبر كتاباته وأعماله القصصية والمسرحية، التي كان واقعها رافضا ومقاوما للاحتلال، خاصة في فترة السبعينيات والثمانينيات، وفترة الانتفاضة الفلسطينية الشعبية الكبرى في العام 1987، حيث شكّل بنورة ورفاقه وإخوته وزملاؤه في الحركة الأدبية درعًا ثقافيًا، أصّلوا واقع أدب الأرض المحتلة في ذلك الوقت، الأمر الذي عرّضهم للمطاردة والاعتقال.
m.a