حتى لا نكون كفزاعة الحقل
نشر بتاريخ: 2020-10-20 الساعة: 07:07موفق مطر
يدرك المناضلون في اطار حركة التحرر الوطنية بأن القصب الأجوف الهش قد يصلح لبناء عرائش ومظلات أو ما شابهها، أما المؤسسات الوطنية فإن الأولوية لبنائها رجال دولة ، اغنياء بعلومهم ، ومعارفهم وتجاربهم ، أوفياء لمبادئ وثوابت شعبهم ، راسخون في انتمائهم للوطن قبل إنشاء ألأعمدة والقواعد الإسمنتية للمؤسسات ، ورصها بالأحدث من الأثاث الفخم والحواسيب ، وتخصيص المكاتب للسكرتيرات ، فالعقول الادارية المبدعة الناجحة هي التي تمنح القيمة للأثاث مهما كان متواضعا ، اما الديكورات الفخمة المكلفة فإنها تكشف عيوب الفاشلين فورا اذا استتروا بها ، أو اتخذوها للتباهي بدل الافتخار بحجم ونوعية الانتاج .
يكافح المناضلون المؤمنون بالحرية والسلام والاستقلال لشعوبهم ويسابقون الزمن ، لأنهم مقتنعون بان الزمن لا يتراجع ولا ينتظر قطاره احداً أبداً ، وأنهم الرافعة للمشروع الوطني ، لا يملكون إلا خيارا التقدم بنجاح ، والمضي بصبر وعزيمة ، ورفع اركانه وترسيخها وتجسيم آمال الشعب كحقائق مادية ملموسة ، تعيد صياغة الثقة في الذات الفردية والوطنية ، وتهيئتها لدخول بوابة التاريخ الحديث .
المناضلون الحقيقيون ، لا يبحثون عن المكاسب والتكسب من آلام الشعب ومعاناته فهؤلاء حلفوا يمين الطلاق – لارجعة عنه - على الارتجال في العمل ، واختاروا الالتقاء بوعي منفتح لرسم خطط وبرامج البناء والتحرر على خطين متوازيين، يعكفون على مراجعات نقدية ، تمكنهم من صياغة أهداف ونظم آليات عمل لتحقيق افضل ما يمكن من الممكن المتاح ، فالحركات الوطنية تنتصر عندما توظف الابداع وتكافح البيروقراطية ، وتقدم المنهجية ،وتعف عن الخطابات التعبوية ، والجعجعة ، ، وتكرس النظام وتحتكم للقانون وتخالف العبثية والفوضى.
المناضل في حركة التحرر يخضع لرقابة ضميره قبل أي نوع من الرقابة ، لا تعيبه الاستقالة أو التنحي او تسليم المهمة لصاحب الكفاءة اذا اخفق في المهمة !! ويعاقب ذاته ويؤدبها قبل تدخل جهات الاختصاص ، وبذلك يصبح المناضل الموظف عامل مساعد للسلطة القضائية العاملة على تطهير المؤسسات من الفساد ، كما يصبح عثرة أم أصحاب المراتب العليا والموظفين الكبار الذين لن يجدوا فرصة لاستغلاله في فسادهم والتمويه على فشلهم ، فالمناضل الموظف أو الموظف المناضل يعتقد ان الفشل في المهمة المكلف بها في المؤسسات الوطنية ، يستحق المساءلة التنظيمية والإدارية وفي اعلى درجاتها القانونية ، فمن غير المسموح به عرقلة تقدم قاطرة العمل على سكة المشروع الوطني .
يعمل المناضلون في حركات التحرر على إنفاذ قوانين وآليات الرقابة الذاتية ، ومتابعة سير الخط البياني للعمل ومتابعة سير العمل لحظة بلحظة ، وهنا يتجلى دور قوى العمل الوطني في مراقبة وتقييم أداء المناضلين الموظفين في المؤسسات الرسمية الحكومية ، وكذلك المنتخبين في الاتحادات والمنظمات والجمعيات والنقابات وغيرها للتأكد من مستوى الأداء ورضا الجمهور عنهم ، بما لا يتعارض مع الأنظمة والقوانين واللوائح المنظمة لعمل المؤسسات والمنظمات .
لا يسمح المناضلون الموظفون باستغلال المناصب والمواقع والمهام ، بل يحرصون على محاسبة الساقطين في الفساد الإداري والمالي، لأن خطايا الفاسدين جريمة بحق الوطن والمناضلون المخلصون في اطار حركة التحرر الوطنية لا يحسبون الفشل والنجاح أو الربح والخسارة بمعيار المصلحة والمكاسب العائدة على هذا التنظيم او الفصيل او ذاك ، بل بمعيار المكاسب المحققة لصالح الشعب الفلسطيني وبمعيار تقدم المشروع الوطني وتثبيت دعائم نظام المؤسسات.. ونتمنى يوما نسمع فيه أن تنظيما أو فصيلا قد اشتكى للقضاء المختص أحد اعضائه متهما اياه بفساد او بفشل متعمد ، فالأولى كسب ثقة الجماهير وليس التغطية على الفاشلين الفاسدين حتى تفوح روائحهم النتنة ، ما يعجل ويساهم باختراقات اعداء المشروع الوطني وتفجير جسر الثقة مابين الجماهير و فصائل وأحزاب حركة التحرر الوطنية
لا مجال أمام المناضلين إلا استعادة النشاط الذهني العقلاني والبدني للتخلص من شحوم الترهل والاتكالية التي كادت تراكماتها تصيب المشروع الوطني بانسداد شرايين العلاقة مع الجماهير " فالفشل والفساد كفيروسات الطاعون والايدز يدمران خلايا الشخصية والهوية الوطنية الفلسطينية من داخلها لكنها تبقي على الشكل والهيكل كالفزاعة في الحقل.
m.a