سؤال عالماشي المساكن الشعبية .. "عالأرض" مقاومة
نشر بتاريخ: 2020-06-04 الساعة: 08:29موفق مطر
يلجأ شبابنا للبنوك للحصول على قروض سكنية تمكنهم من تأمين متطلبات الدخول ميدان الحياة الزوجية وتكوين العائلة ، لكنهم يصطدمون بالقيمة العالية للدفعة الأولى والقسط الشهري الذي يبلغ ضعفي راتب الواحد منهم أو ربما كل مخصصه الشهري اذا كان موظفا جديدا وبشهادة جامعية كالهندسة مثلا ، الأمر الذي يصعب عليهم فكرة الزواج والاستقلالية في الحياة وتكوين عائلة ، فيما تتدافع هواجس الهجرة أو الاتجاه نحو مخالفة قانون الخدمة المدنية أو العسكرية كاللجوء الى عمل آخر غير الوظيفة الحكومية ، ناهيك عن قتامة مشهد الحياة اليومية لا يفارق ناظريه فيما يرى بأم عينه العمارات الشاهقة الأنيقة و( الفيلات المليونية ) عن يمين وعن شمال فيما صور الشقق الفخمة المعروضة للبيع في اعلانات على شاشات وصفحات التواصل الاجتماعي تغزو ليس بصره يوميا وإنما أفكاره وإيمانه وفلسفته حول الانتماء والالتزام والعطاء والتضحية ، ونقصد هنا الشباب الذين كرسوا حياتهم خالصة للوطن والقضية وشاء القدر أن يبقوا أحياء يؤدون الواجب الوطني - كل حسب اختصاصه - في أجهزة المؤسسة الأمنية وموظفين في الوزارات ومؤسسات السلطة الوطنية ومنظمة التحريرالفلسطينية.
ندرك جيدا حجم المسئولية الوطنية الملقاة على الحكومة ، ونعلم الكثير من تفاصيل الأعباء التي تتكبدها لتامين فاتورة الرواتب ، لكن خطط عمل مشترك مابين القطاعين العام ( الحكومي ) والخاص ، ترتكز على قوانين استثمار ورؤية استراتيجية ، نعتقد أنها ستكون قاعدة لبرنامج صمود ومقاومة شعبية من نوع آخر عبر أحزمة " مساكن شعبية " نحاصر بها المستوطنات ، فنمنع تمدد اخطبوط الاستيطان الاستعماري ، ويتطلب هذا الملف الوطني بامتياز حسب تقديراتنا شراكة عملية بين القطاع الخاص والرأسمال الوطني والحكومة ، يتحمل كل ضلع في هذا المثلث المقدار الوافي من المسئولية المادية لرفع أركان هذا المشروع التجذيري المقاوم على الأرض.
يحتاج ابناء الشهداء والأسرى والموظفون ذوي الدخل المحدود لهذا المشروع ورؤيته واقعا وحقيقة مادية ، كحاجة الوطن لعطاءاتهم وتضحياتهم اللا محدودة ، فالبيت الفلسطيني أولا وأخيراً علامة اضافية على الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني في ارض وطنه فلسطين ، والبيت سيبقى وثيقة ملكية أبدية لهذا الشعب لأرض وطنه حتى لو كان المالك أنا او انت أو هو أو هي.
:" ألا تعلمون اني اريد بناء وطن صغير في هذا الوطن الكبير، وأني لا أريد المستحقات التي أطالب بها إلا لتحقيق هذا الهدف ".. قلت هذه العبارات لوزير الإسكان قبل حوالي ستة عشر عاما أثناء نقاش حول حقوقي كمواطن لاسترجاع مبلغ كان دفعة اولى وأقساط عشرة اشهر في مشروع سكني اطلقته الوزارة لمقاومة الاستيطان فيما يعرف منطقة البوليس الحربي الى الجنوب من مدينة غزة ، لإيقاف تمدد (مستعمرة نتساريم ) آنذاك في المنطقة بعد أن دمرته قوات الاحتلال وجرفت ركام عمارات المشروع اثر نسفها بالمتفجرات في الأيام الاولى لانتفاضة ألأقصى في العام 2000 ، لكن آمالنا بقيت سامية ، لم تنل من فكرة التجذر والبناء في ارض وطننا ، ولم تسقط مع الركام الذي بقي شاهدا حيا وناطقا على جرائم حرب وضد الانسانية كان الانسان الفلسطيني ضحيتها.
الأرض والبيت لا يمكن فصلهما عن كينونة الانسان ، إنهما وطن صغير في الوطن الأكبر والأعظم ، ففي البيت والأرض يتجلى استقرار المواطن وشعوره بالأمان المنشود ، وتكتمل رؤيته للمستقبل ، فالمشدود والمرتبط بجذور البيت والأرض القوية المتينة يبقى محصنا ، لا تنال منه أسلحة الاحتلال والاستعمار العنصري وآلته المدمرة ، تحديدا ونحن في صراع وجودي مع مشروع صهيوني احتلالي استعماري عنصري انكر وجودنا على ارض وطننا فلسطين .
m.a