مشروع الضم في الضفة: الحل في غزة
نشر بتاريخ: 2025-05-14 الساعة: 02:51
الكاتب: أشرف العجرمي
تواصل حكومة اليمين العنصري المتطرف في إسرائيل خطواتها الجذرية لتغيير الوضع القائم في الضفة الغربية نحو الضم القانوني والسياسي الكامل. فبعد أن تم تثبيت تسمية «يهودا والسامرة» بشكل رسمي بدلاً من الضفة الغربية والمناطق، تذهب الآن نحو إقرار قانون يسمونه «إلغاء التمييز في شراء الأراضي» في الضفة الغربية، يتيح للإسرائيليين الحق في شراء وتملك الأراضي في مناطق الضفة، بما في ذلك داخل التجمعات السكانية الفلسطينية. وهذا القانون عرض على لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست أول من أمس. والتوجه العام هو نحو تبني هذا التشريع الجديد، وفقط في حال وجود ضغوط دولية حقيقية يمكن أن تمتنع إسرائيل عن تبني القانون.
على كل الأحوال، تسير حكومة بنيامين نتنياهو- سموتريتش- بن غفير نحو تسهيل عملية الاستيلاء على كامل الضفة الغربية وبالذات مناطق «ج» التي يجري تغيير معالمها بشكل جذري سواء من خلال بناء شبكات طرق توصل المستوطنات بعضها ببعض وتحول المناطق الفلسطينية إلى معازل متقطعة التواصل الجغرافي، ومن خلال عمليات البناء، ليس فقط في المستوطنات القائمة، بل وكذلك من خلال استحداث عشرات البؤر الاستيطانية ونشرها في كل مكان والاستيلاء على آلاف الدونمات وتحويلها لصالح التوسع الاستيطاني. واستحداث استيطان جديد يسمى «الاستيطان الرعوي»، أي تخصيص مساحات واسعة للمستوطنين بالقرب من التجمعات الفلسطينية لرعي الأغنام والأبقار فيها ومنع الفلسطينيين من الرعي فيها. كل هذا ترافق مع مصادرة أعداد كبيرة من الماشية التابعة للرعاة الفلسطينيين، ما ساهم في رفع أسعار الماشية بصورة كبيرة في الضفة.
الأمر لا يقتصر على مجرد الاستيلاء على الأرض والاستيطان فيها بصورة مخالفة لقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بما فيها الرأي الاستشاري الذي صدر عن محكمة العدل الدولية بعدم شرعية الاستيطان وأنه مخالف للقانون الدولي ويجب إيقافه، بل الأمور ذاهبة نحو عمليات تهجير واسعة للفلسطينيين في مناطق «ج» بل والمناطق الأخرى المصنفة «أ» و «ب». وما حدث في مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية هو نموذج واضح للمخطط الإسرائيلي. وعنف المستوطنين المدعومين والمحميين من قوات جيش الاحتلال هو أيضاً وسيلة من وسائل التهجير القسري للمواطنين الذين يراد أن تتحول حياتهم إلى جحيم في أرض وطنهم ويجبرون على الرحيل.
في الواقع، تستغل إسرائيل الحرب في غزة التي تصرف أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في الضفة، من خلال التركيز على جرائم الحرب التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة واهمال الجرائم الأخرى في الضفة. ولهذا بات موضوع وقف الحرب في غزة أولوية قصوى. ليس لجهة وقف عمليات القتل والتجويع ومختلف الجرائم في غزة وإفساح المجال أمام حل المشكلات الإنسانية في القطاع والبدء في عملية إعادة الإعمار، وإنما أيضاً من أجل إيجاد حل شامل للقضية الفلسطينية. فأي حل في غزة يجب أن يرتبط بالوضع القائم في الضفة. بدءاً بتوحيد القطاع والضفة تحت سلطة واحدة، ووقف جرائم الاستيطان الاسرائيلية في كل مناطق الضفة المحتلة. ثم الذهاب نحو عملية سياسية شاملة تنهي الاحتلال وتقود إلى السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
وفي هذا السياق، يحتل موضوع اللجنة الإدارية لإدارة شؤون قطاع غزة من الناحية الإنسانية وإعادة الإعمار، المسماة «لجنة الإسناد المجتمعي» أو أي اسم آخر، أهمية بالغة للبدء في تغيير الواقع نحو تهيئة الظروف للانطلاق صوب العملية السياسية. ومن المهم هنا أن تشمل اللجنة شخصيات من الضفة الغربية أيضاً لأهمية الربط بين الضفة وغزة بالرغم من أن التركيز هو على شخصيات مستقلة من القطاع.
من هذا المنطلق، هناك مسؤولية تقع على حركة «حماس» في السعي فوراً لوقف الحرب واستغلال التدخل الأميركي الفاعل وإبداء المرونة الكافية لفرض اتفاق لإنهاء معاناة شعبنا من خلال حل موضوع المحتجزين الإسرائيليين بصورة شاملة وسريعة والموافقة على تسليم السلطة في غزة للسلطة الوطنية الشرعية والموافقة على حل واقعي لسلاح الحركة، يفضي إلى نزع السلاح في غزة وسحب كل الذرائع الإسرائيلية التي تبقي قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر. وهناك مسؤولية على القيادة الفلسطينية لتسهيل عملية تشكيل اللجنة والقيام بالإصلاحات الضرورية لعودة الثقة بين السلطة والأشقاء العرب وكذلك بينها وبين الدول المؤثرة والداعمة للسلطة. فحل الكثير من مشاكلنا يبدأ من التوصل إلى إنهاء الحرب في غزة.a
mat