الرئيسة/  مقالات وتحليلات

حماس ودحلان يتاجران بالقلق الذي يصنعان

نشر بتاريخ: 2017-08-02 الساعة: 13:54
عماد الأصفر

بقلم عماد الأصفر


حين يتعلق الأمر بتيارات الإسلام السياسي وخصوصاً حماس، يشرح المحلل السياسي بصوت مرتفع ما الذي يمكن ان يحصل، ويعود بعد شهر ليشرح بصوت منخفض لماذا لم يحصل ذلك الممكن. آن للمحللين السياسيين ان يعرفوا ان التنبؤ بسياسات هؤلاء يجب ان لا يرتكز الى ما يقولونه علنا، ولا الى ما يدعونه عن تمسك بثوابت ومحرمات حتى دينية.
 
حماس وبعد طول تحريم وتخوين، تقاطعت مع اوسلو السلطة في مسألة الانتخابات فدخلتها وحصلت بفضلها على سلطة سياسية رغبت في ان تتوجها بسلطة امنية فانقلبت على سلطة الرئيس متذرعة بممارسات دحلان. وعادت له بعد عشر سنوات.
 
حماس تقاطعت مع ايران واعوانها في سوريا وحزب الله في مسألة المقاومة، وبعد خراب مالطا انقلبت عليهم جميعا من اجل مال قطر اللازم لاصلاح هذا الخراب، ولاجل هذا المال القطري تناست اهمية مصر، ولما كاد هذا المال ينقطع لسبب خارج عن الارادة بحثت عنه في الامارات وهذه المرة عبر دحلان.
 
لايهم من اين يأتي المال، بالدولار ام بالتومان ام بالريال، بحوالات تغض اسرائيل البصر عنها، ام بشوالات عبر الانفاق، ولا يهم عن طريق من؟ عزمي بشارة ام دحلان، المهم الوحيد والثابت الوحيد، ان يبقى الانقسام املا بان يقود لامارة تحظى بمعبر يجنبها المرور بالضفة.
 
كانت هذه رؤيتي من البداية، وكنت اقولها مع كل جولة حوار وتوقيع على اتفاق مصالحة، وكنت اسبقها واختمها بعبارة "اتمنى ان اكون مخطئا" ولكنني لم اكن مخطئا للاسف، فمن الواضح ان حماس لم تفعل ما فعلته ولم تتكبد ما تتكبده من حروب ومعاناة وحصار ، ولم تقدم ما قدمته من تنازلات مُرة ، الا من اجل الحفاظ على حلم الامارة.
 
هذا الحلم والذي قربها بشكل صادم من دحلان والامارات ومصر، هل صار اقرب الآن؟
 
تحتاج الامارة الى اعتراف بها، وللاعتراف شروط صعبة تبدا بالاعتراف باسرائيل، الوثيقة الجديدة فشلت حتى الآن في التحايل على هذا الشرط.
 
تحتاج الامارة الى المعبر، هذا المعبر سيظل بيد مصر، وستقايض فتحه بمتطلبات امنية، حماس مستعدة للتعاون في حفظ الامن والانضباط، ولكن هل سيصل بها الامر الى حد الموافقة على تسليم مطلوبين؟
 
تحتاج الامارة الى المال، اجراءات الرئيس ستقلل هذا المال، والمال الذي يحمله دحلان ان سد بعض النقص، سيظل مرهونا بتنامي حضوره ودوره، هذا التنامي لا يحرج حماس فقط، بل انه ينتقص من دورها، ويغير شكلها ولونها، ستصبر عليه وتتجرعه طالما انه يضيء المنازل والمقرات بالكهرباء، ويطفأ لهيب الثارات عبر المال المخصص للمصالحة الاجتماعية، ودفع الديات، ولكن ماذا بعد ذلك؟
 
هل سيتبدل دحلان؟ هل ستتبدل حماس؟ وان تبدلا، او التقيا في المنتصف حتى حين، فهل سيتبدل الناس؟ وان تبدلوا حتى حين، فهل ستتبدل اسرائيل؟ ما لن يتبدل هو ان لدحلان وحماس قدرات هائلة في خلق القلق والصداع والمتاجرة به، قلق وصداع للمحللين وللناس وللاقليم، وللرئيس عباس.
 
لست مجنونا بما يكفي لاقول ان هؤلاء جميعا اعتادوا على الصداع وباتوا اكثر تكفيا مع اوجاعه، ولست عاقلا بما يكفي لاقول ان دحلان وحماس سيصنع كل منهما قلقا وصداعا للآخر، لست مجنونا بما يكفي لاقول ان حماس تقامر بورقة التوت الاخيرة مع الراغبين بتعريتها، ولست عاقلا بما يكفي لاقول ان حماس ودحلان توأمان سيستر كل منهما على الآخر .
 
استودعكم، والى لقاء قد لا يطول ، مع حليف جديد

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024