الرئيسة/  مقالات وتحليلات

رد حزب الله .. ما الذي جرى..!!

نشر بتاريخ: 2019-09-03 الساعة: 09:45

عمر حلمي الغول وعد أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله، بالرد على اغتيال إسرائيل لعضوين من أعضائه في سوريا قبل عشرة ايام، وفعلا عصر أمس الأول، أعلن الحزب عن تفجير آلية عسكرية إسرائيلية بالقرب من مستعمرة "أفيفيم" وقتل وجرح من فيها، وعلى إثر ذلك جاءت طائرة هليكوبتر عسكرية للمكان ونقلت المصابين لمستشفى رامبام في حيفا. وتبين لاحقا حسب تصريح مسؤول عسكري إسرائيلي، بالإضافة لما أعلنه ، وزير الخارجية الاسرائيلية يسرائيل كاتس بأن كل السيناريو، الذي حصل كان مسرحية هزلية، وضحكا على ذقون حزب الله، وتفريغا لشحنة الغضب بين أعضائه، ومنح السيد حسن الظهور أمام أنصاره بمظهر "الصادق"، والهدف مما حصل، هو عدم الدخول في متاهة حرب جديدة على الجبهة الشمالية، لأن كلا الطرفين الإسرائيلي وحزب الله لا يريدها، ولا يرغب بها. 
ومن تابع المشهد على الجبهة الشمالية نهاية الأسبوع الماضي، خاصة يومي الخميس والجمعة، لاحظ تمكن بعض مراسلي وكالات الأنباء والفضائيات من التقاط صور لهياكل سيارات عسكرية إسرائيلية، وفيها هياكل بلاستيكية على شاكلة جنود. وكأن القيادة العسكرية الإسرائيلية شاءت أن تلقي فتات عظام أهداف عسكرية وهمية لمقاتلي حزب الله، وهي في ذات الوقت، كمائن إسرائيلية لاستهدافهم، إذا ما تسللوا إلى داخل الشمال الفلسطيني، وفي حال مرت عليهم اللعبة الإسرائيلية. 
مع ذلك حصلت العملية العسكرية ضد آلية عسكرية متحركة، وليست آلية وهمية، وبالتأكيد فيها جنود، وقد يكونون أصيبوا، أو قتلوا، وما نفذته قيادة جيش الموت الإسرائيلي في الشمال من سيناريو، كان يهدف لإيهام الضباط والجنود بأن عملية حزب الله لم تصب أي عسكري، حتى لا تقع في الحرج أمام جيشها من جهة، وأمام الشارع الإسرائيلي من جهة أخرى، خاصة وأن رئيس الحكومة، ووزير الجيش نتنياهو يبحث عن إنجاز ما عشية الانتخابات البرلمانية القادمة في 17 من الشهر الحالي، وليس هزيمة هنا، أو هناك تؤثر على مستقبله السياسي. وما قصة إرسال جنود غير مصابين لمستشفى رامبام إلا جزء من المسرحية، ولكن يمكن الافتراض، أن الجنود المصابين تم نقلهم إلى مكان آخر غير معلوم وبتدابير سرية شديدة لعدم افتضاح المناورة المكشوفة. 
وبقراءة موضوعية، ودون تطير، أو تزييد، أو انتقاص، كما اشرت سابقا كلا الطرفين، الإسرائيلي وحزب الله، ومن خلفهما إيران ومعها الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا الاتحادية وأوروبا ليسوا مع خيار اشتعال حرب جديدة في الإقليم الآن خاصة على الجبهة الشمالية لإسرائيل، لأنها لو حدثت قد تكون لها مضاعفات غير محمودة، رغم رغبة نتنياهو الفاسد بخلط الأوراق لتعطيل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة. لهذا تمت سلسلة من الاتصالات المكثفة بين مختلف الفرقاء لتفادي نشوب حرب واسعة الآن (بمعنى آخر قد يحمل المستقبل المنظور حسابات مغايرة وفقا لمصالح هذا الفريق أو ذاك). لكنهم جميعا ووفق حسابات سياسية وأمنية دقيقة قبلوا بتنفيذ حزب الله عملية عسكرية محدودة جدا ضد القوات العسكرية الإسرائيلية لذر الرماد في العيون، وقطع الطريق على أية تطورات غير محسوبة. 
ومن الثوابت في اللعبة السياسية أن كل شيء قابل للقسمة والتوقع على جبهات الصراعات بين الأعداء والقوى المتحاربة. لا يوجد سيناريو مرفوض بشكل مطلق، وكل السيناريوهات ممكنة وقابلة للتطبيق وفق مصالح وخيارات القوى المنخرطة في هذة اللعبة، أو تلك. 
وبعيدا عما سيحمله خطاب حسن نصر الله أمس الإثنين (2/9/2019)، الذي أتوقع انه سيحاول فيه الدفاع عن ذاته، ومصداقيته، وهيبته من خلال الرد على ما أعلنته القيادة العسكرية الإسرائيلية. ولإبراز بعض نقاط القوة لصالحه. لكن ما سيقوله امين عام حزب الله لن يغير من طبيعة المسرحية الهزلية والمكشوفة، ولن يعطيه "كردت" إضافيا، لأن اللعبة منذ زمن غير قريب، وتحديدا بعد العدوان الإسرائيلي في تموز/ يوليو 2006، باتت محسوبة بدقة شديدة، ولا اعتقد ان المواطن اللبناني أو العربي نسي ما أعلنه نصر الله في خطابه بعد تلك الحرب، عندما قال: "لو كنت اعلم أن عملية خطف الجنود الإسرائيليين ستؤدي لهذا الدمار، وهذه الخسائر، لما اقدمنا على العملية من اصله". أضف إلى ذلك، ان حزب الله ليس طليق اليدين لا إيرانيا، ولا لبنانيا، ولا سوريا حتى، هو جزء من منظومة متعددة الأطراف عنوانها الرئيس إيران، وهي صاحبة القول الفصل في ما يمكن، وما لا يمكن للحزب تنفيذه. وبالتالي انتهى العرس، وطويت الصفحة راهنا.
[email protected]

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024