باحثة: تشي غيفارا كان "مهووسا بفكرة الموت والاستشهاد"
نشر بتاريخ: 2017-10-06 الساعة: 22:14باريس- أ. ف. ب- بعيدا عن صورة الثائر المسلح دفاعا عن قناعاته، كان تشي غيفارا الذي قتل قبل 50 عاما "مهووسا بفكرة الموت والاستشهاد"، بحسب الباحثة الأرجنتينية الأصل في المركز الوطني للأبحاث العلمية في فرنسا (سي ان ار اس) مارسيلا إياكوب التي درست الملامح النفسية لأحد أشهر الثوار في التاريخ.
- لماذا دخل تشي في التاريخ من بابه العريض؟
- "لدينا الأسطورة الكاسترية وتلك الطوباوية التي يقوم عليها الفيلم الهوليوودي لستيفن سودربرغ.
بالنسبة إلى كثيرين، بات تشي مثالا طوباويا بسبب صورة جثمانه الواسعة الانتشار. ولولا هذه الصورة الملتقطة بعد ساعات على إعدامه من قبل الجيش البوليفي والتي حنطت جثته خصيصا لالتقاطها (مع قص شعره وحقنه بالفورمول)، لما كان ارتقى ربما إلى هذه المنزلة.
وسرعان ما توافد المصورون إلى موقع عرض الجثة، فخلدوا هذه اللحظة وبدت عينا تشي وكأنهما تشعان بريقا. وجرى تداول هذه الصورة المثالية في أنحاء العالم أجمع وأثبت تشي من خلالها أنه شهيد بالمفهوم المسيحي للاستشهاد إذ إنه يبدو أنه ارتضى ما سينزله به جلادوه.
وفي المقابل، فإن الصور التي التقطت فور إعدامه هي فظيعة بالفعل وما كانت لتعطيه هذه الهالة الطوباوية. وهي لم تنشر سوى بعد 20 عاما".
- تشي غيفارا هو أيضا رمز للثائر الذي يدافع عن مثله العليا؟
- "عندما كان مراهقا، لم يكن لا شيوعيا ولا ملتزما بخط سياسي معين، لكنه كان يحلم بالموت شابا، كما الشهداء، بحسب ما يظهر من بعض قصائده.
وكان طموحه أن يموت ميتة أبطال. وهو تصور مصيره في "رحلة بالدراجة النارية" حول رحلته في أميركا اللاتينية عندما كان في العشرين من العمر.
وكان ينظر إلى نفسه نظرة مثالية جدا، ومرد ذلك على الأرجح أن عائلته كانت من الطبقة الأرستقراطية قبل أن تغرق في الفقر. وكان يريد أن يخلص البشرية بفضل اختراقات علمية عندما كان شابا. وهو درس الطب لكنه لم ينجح في هذا المسار، فعقد العزم على شن حرب شرسة على الرأسمالية. وكان مراده أن يموت البشر في ساحة المعارك حتى لو كانت هذه المعارك ستنتهي بالهزيمة".
- ماذا تبقى من إرث تشي اليوم؟
- "أصبحنا مجتمعا أكثر سلمية اليوم مما كانت عليه الحال في الستينات والسبعينات. ولم نعد نتقبل الكفاح المسلح كوسيلة لفرض العقائد السياسية، خلافا للماضي".
وما تبقى من إرث تشي هو هالة الشهيد هذه التي تحيط به وفكرة أنه، إن كان قد قتل وارتكب الفظائع في حق معارضيه، فهذا كله كان ليجنب العالم شرا أعظم. وإلا لماذا طوى النسيان شيوعيين كثيرين، في حين بقي نجم تشي ساطعا؟
وربما هناك أوجه شبه بين علاقته بالموت وسلوك الجهاديين القائم على السعي إلى المجد واعتبار النفس ميتة.
وليست الظاهرتان مماثلتين لكن تجمع بينهما أوجه شبه من قبيل اعتبار الموت أداة للبروباغندا".
amm