الرئيسة/  مقالات وتحليلات

النمسا أين "من" تركة برونو كرايسكي

نشر بتاريخ: 2018-06-14 الساعة: 13:06

أحمد دغلس تعودنا على طول سياساتنا مع النمسا أن تكون النمسا إلى جانبنا ذكية في مواقفها السياسية لا سيما أن النمسا حيادية ودولة صغيرة وأول "دولة" تم احتلالها من النازية الألمانية   (هتلر) في الثلاثينيات من القرن الماضي، والتي تم احتلالها ثانية أثر هزيمة هتلر في الحرب العالمية الثانية من قبل الحلفاء الأربعة المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والتي حصلت على حريتها واستقلالها بعد صراع وعمل شاق وطويل، الأمر الذي فهمه الساسة النمساويين الذي وقفوا بحزم مع المستضعفين اللاجئين الهنغاريين والصربيين والرومانيين والتشيكوسلوفاكيين وجميع طالبي اللجوء السياسي في النمسا بهذا تمكنت النمسا من أن تكون مقرا للمنظمات الدولية والمكتب الإقليمي للأمم المتحدة إسوة بسويسرا بزعامة الرئيس النمساوي ورئيس الأمم المتحدة كورت فالدهايم مما سبق وتجلى باعتراف النمسا بالحق الفلسطيني وحق تقرير مصيره بمبادرة من المستشار الراحل برونو كرايسكي الذي فتح أول تمثيل فلسطيني رسمي في أوروبا الغربية لمنظمة التحرير الفلسطينية. لكن ...؟! ما نشاهده الآن منذ الانتخابات التشريعية "البرلمانية" الأخيرة وصعود اليمين واليمين المتطرف إلى سدة الحكم الذي أتى بمستشار اليمين  سابستيان كورتز عديم الخبرة السياسية ونائبه هاينز شتراخه من اليمين المتطرف الذي قلب معادلة الشرق الأوسط لصالح إسرائيل من مدة ليست بالطويلة تمددت الآن برئاستها الدورية الثالثة للإتحاد ألأوروبي في مطلع الشهر يوليو القادم .
النمسا تبدلت بقدوم الحكومة اليمينية رغم أن في عاصمتها "فيينا" تجمع فاعل ومؤثر للمؤسسات العربية والإسلامية والنفطية المهمة جدا، على سبيل المثال الأوبك والأوفيد ومكتب للجامعة العربية والمركز الإسلامي العالمي لحوار الأديان وجالية إسلامية كبيرة عدى عن الشركات والاستثمارات العربية الهائلة الكبيرة في العاصمة النمساوية من عقارات وفنادق وشركات تصفية نفط ..إلخ .
في السياق بنظرة إلى الخلف والأسباب التي أدت إلى تغيير موقف النمسا السياسي يكون أوله النزوح الكبير من المهاجرين المسلمين إلى النمسا الذي لعب على وقعه الإعلام الصهيوني مما ساعد في صعود اليمين النمساوي في فترة الغفوة الإسلامية والعربية المنكوبة ..؟! دون أن نلقي اللوم جانبا بالنسبة لنا نحن "الفلسطينيين" الذي لم نستوعب بعد المجريات السياسية المتغيرة في أوروبا وأولها رأس جبل الثلج في التشيك وهنغاريا ورومانيا والنمسا عندما نكون بعيدين عن الأضواء السياسية والإعلامية وأخص هنا وزارة الخارجية الفلسطينية وطاقمها وما سبقها من الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إذ أنه الآن ليس بمقدور السفير الفلسطيني الحالي المقيم في هذه الدول ان يعمل فوق طاقته دون أن يكون لديه طاقم مهني معرفي في البلاد ولغته ومنافذ ساسته وخصوصيتها وأحزابها وإعلامها ولا سيما ان جميع السفراء السابقين لم يكونوا في مستوى العمل النضالي السياسي الفلسطيني في النمسا وغيرها ..؟! الشكل الذي  نعيشه نحن الآن بالإضافة الى الموقف العربي المتخاذل والغير مؤثر بعكس السابق الذي كان له ألف حساب سابقا مما يجب علينا التفكير بعمق بهذه الظاهرة النمساوية الأوروبية الشرقية التي إن لم تعالج جذريا وفورا سوف تنتقل الى الكل الأوروبي بشكل تدريجي مؤلم لنعود إلى المربع الأول إلى خمسينيات القرن الماضي عندما كانت إسرائيل الضحية ..؟!
الأفضل بحث الحالة النمساوية والأوروبية الشرقية العدائية على مستوى وزارات الخارجية العربية بالجامعة العربية لاتخاذ موقف موحد وإلا ستكُر المسبحة عندها سيكبر المستشار سابستيان كورز وينتصر نتانياهو ونبقى نستنكر وندين إلى ما لا نهاية  .

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024