الرئيسة

"الحمام التركي" في الخليل العتيقة.. معلم تاريخي يعود كـ "مركز" لزوار وسائحي المدينة

نشر بتاريخ: 2018-02-24 الساعة: 10:00

الخليل- الحياة الجديدة- يتربع الحمّام التركي أو ما جرى تسميته اليوم "مركز الزوّار"، داخل البلدة القديمة من مدينة الخليل، الذي تفوح منه رائحة التراث، وتلتحم معه أسواق البلدة العتيقة المعشقة بالتاريخ منذ آلاف السنين، ويشي بإرث المدينة الحضاري. هذا الحمام، الذي أعيد تأهيلة مؤخراً للمرة الثانية، وافتتح أمس الأول رسمياً، أصبح أقرب إلى المتحف أو مركز للزوار، كإحدى محطات المسار السياحي الذي تنظمه لجنة إعمار الخليل، أملاً في عودة الحياة إلى البلدة القديمة التي تواجه غول الاستيطان. 
ويعود تاريخ مبنى الحمام التركي إلى نحو 800 عام، وصمم على الطريقة القديمة للحمامات الرومانية، وهو واحد من بين حمامات أخرى اشتهرت بها الخليل قديماً، منها ما بقي ومنها ما هدم، ومن هذه الحمامات حمام سيدنا ابراهيم الخليل والحمام الداري "حمام النعيم" وحمام البركة "بركة السلطان" وحمام قصبة كاتبة "الشيخ بدر"، وغالباً ما كانت تكون هذه  الحمامات من ثلاث قاعات "غرف" تتدرج حرارتها الباردة الى الدافئة ثم الحارة، بحيث لا تؤذي المستخدم عند الانتقال من البرد الى الحر أو العكس، وكان يتم تسخين مياهها وأرضياتها بأفران خاصة تقع بجانب غرفة الحمام الساخنة أو أسفلها، ومن خلال البخار والدخان الذي يمر عبر أنابيب فخارية تحت أرضياتها أو جدرانها.
ويتألف الحمام التركي، من ست حجرات، وتبلغ مساحته نحو 300 متر مربع. وما زال يحتفظ برونقه التاريخي، وهو مؤهل لأن يعاود عمله كحمام في أية لحظة، وفق ما يؤكد مدير عام لجنة الاعمار عماد حمدان، خلال الاحتفال بإعادة تأهيله، الذي أقيم داخله بحضور عدد من المسؤولين والجهات المعنية بالتراث، وشخصيات وفعاليات محافظة الخليل، إلى جانب مسؤولين إيطاليين، من بينهم القنصل الايطالي العام، حيث أعيد تأهيل الحمام بدعم إيطالي.
وأشار حمدان، إلى أن هذه المرة الثانية التي يعاد خلالها تأهيل الحمام التركي في البلدة القديمة من الخليل، بتمويل من الحكومة الايطالية وبالتعاون مع وزارتي الحكم المحلي والسياحة والآثار، وبالشراكة مع جامعة "سيوم" الايطالية، التي قدمت خبراتها في هذا المجال، حيث تم ترميمه للمرة الأولى في عام 1997وتم تسليمه لوزارة السياحة والآثار من اجل استخدامه كمتحف، إلا أن سلطات الاحتلال قامت بإغلاق مدخله الرئيسي عندما أغلقت منطقة السهلة وباب الخان المؤدي إليه.
وأضاف حمدان: إنّ الإصرار والتحدي لدى لجنة الاعمار حذا بها للبحث والتنقيب عن مدخل خلفي لم يكن متاح للعين، حتى تمكنت من الوصول إليه وتأهيل القاعة العلوية، إلا انه قد ساء وضعه نتيجة تعديات المستوطنين عليه وسرقة معظم محتوياته وإيذاء سطحه وتكسير الصون الزجاجية التي تزين قبابه وتسمح بدخول الإنارة إليه، حيث مازال الاحتلال يمنع لجنة اعمار الخليل من تغيرها ومعالجتها ومعالجة الأسطح من الخارج مما اضطر لتثبيت بدائل عن تلك الصحون من الداخل على عكس ا لمفترض.
لكن محافظ الخليل، كامل حميد، استهجن هذا التعدي من سلطات الاحتلال ضد الحمام، والأماكن التاريخية، والبلدة القديمة عموماً، متسائلاً: "ما السبب الذي يجعل الاحتلال يمنعنا من تأهيل سطح الحمام، وحماية تراثنا، وهذا لا يسيء لأحد في العالم.. لماذا كل هذه السنوات من المعاناة لشعبنا". مؤكداً على تواصل الشعب الفلسطيني لحماية تراثه وتاريخه، وأن سلطات الاحتلال لن تستطيع أن تمنعه من أن يتمتع بهذا الإرث التاريخي.
ووأوضح المحافظ أن هذا المنع يترافق مع سلسلة الاجراءات والانتهاكات وفرض الحواجز وتقييد الحياة، التي تفرضها قوات الاحتلال ويمارسها المستوطنون داخل البلدة القديمة من المدينة.
وطالب حميد، القنصل الايطالي العام "فابيو سكولفينش"، الذي شارك في الحفل، بالتدخل من اجل إعادة النظر في كل السياسيات الاسرائيلية التي تحاك ضد بلدة الخليل القديمة، والحرم الابراهيمي، وحتى يسمح للأهالي بحرية الحركة والمرور، وممارسة حياتهم الطبيعية وشعائرهم الدينية.
وأمام ذلك، لا تزال لجنة الاعمار متشبثة بإنجاح المسار السياحي للبلدة القديمة، الذي يعد الحمام التركي إحدى محطاته، ولك في إطار مساعيها للنهوض بالواقع الاقتصادي ومن خلال ترميم وإعادة تأهيل العديد من المواقع التاريخية الأخرى، كما يوضح مدير عام اللجنة حمدان.
وبيّن أنه تم ترميم العديد من الزوايا والمقامات والتكايا ومعاصر الزيتون ومعاصر السمسم، مرورا بالحمام التركي ووصولا إلى الحرم الإبراهيمي الشريف الذي تعمل لجنة اعمار الخليل على ترميمه أيضا وتحرص على استمرارية الحفاظ عليه منذ نحو عشرين عاما.
وأضاف أنه استكمالا لهذا المسار الذي تطلع لجنة اعمار الخليل لإطلاقه قريبا بالشراكة مع وزارة السياحة تم تأهيل موقف للحافلات السياحية ووحدات صحية وحديقة عامة وفندق سياحي، ومازالت الجهود تبذل لاستكمال الخطة الشاملة التي وضعتها لجنة اعمار الخليل بهذا الخصوص وتتويجها بالحملة الترويجية والتسويقية من اجل استقطاب اكبر عدد من السائحين والزائرين.
إلى ذلك، أشارت وزيرة السياحة والآثار، رولا معايعة، بهذا الصدد، إلى أن مدينة الخليل، خاصة البلدة القديمة منها، بدأت تشهد خلال الفترة الأخيرة ارتفاعاً في أعداد السائحين القادمين إليها، خاصة فيما يعرف بالسياحة الدينية، حيث هناك جنسيات عديدة تأتي إلى الخليل، منها ما هي تركية وأخرى ماليزية وأندونيسية، إلى جانب سياح أجانب من جنسيات أخرة. وأكدت أن مدينة الخليل ستشهد، من خلال إجراءات وزارة السياحة، زيارات متواصلة للسياح، كونها من بين أهم المدن الرئيسية للسياحة في الوطن.
وعادت وزيرة السياحة لتؤكد على أهمية الحمام التركي باعتباره موقعا تاريخياً يتمتع بجماليته ورونقه التاريخي، مثمنة الجهود المحلية والدولية التي بذلت لصيانته.
وجاء هذا المشروع كواحد من بين مشاريع تمولها الحكومة الإيطالية منذ سنوات، بقيمة 25 مليون دولار، على ما أشار إلى ذلك وزير الحكم المحلي د. حسين الأعرج، لافتاً إلى أن هذا المشروع تبرز أهميته من خلال تطوير السياحة في الخليل وبلدتها القديمة وإنعاش الوضع الاقتصاد فيها، مباركاً جهود ترميم الحمام التركي الذي سيستخدم كمركز للزوار.
وأشار، في هذا الإطار، القنصل الايطالي، إلى أن هذا المشروع يعتبر النواة لتنفيذ مشاريع سياحية أخرى في الفترة المقبل، مؤكداً على اهتمام المؤسسات والمجتمع المحلي بهذا الموقع التاريخية، التي تشكل مفخرة. فيما أوضح رئيس جامعة سيوم الايطالية، "تاماسو"، أن مجموعات من طلبة الجامعة زارت الحمام التركي وشاركت في أعمال النحت والفن.
إلى ذلك، ثمن رئيس بلدية الخليل ورئيس اللجنة الحالي تيسير ابوسنينة، ورئيس اللجنة السابق د. علي القواسمي، جهود لجنة اعمار الخليل و"انجازاتها العظيمة" في تنمية القطاع السياحي وحماية المواقع التاريخية، رغم معيقات الاحتلال واجراءاته التعسفية، وتعزيز ودعم صمود المواطنين في المناطق المجاورة للبؤر الاستيطانية بالخليل.

 

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024