الرئيسة/  مقالات وتحليلات

لم نقدس السلاح!

نشر بتاريخ: 2025-03-25 الساعة: 04:47

 

- موفق مطر


العقلانية والواقعية السياسية السلاح الأهم والرئيس لدى الشعب الفلسطيني صاحب الحق السرمدي في ارض وطنه فلسطين، حيث لا توازن يذكر بين منظومة دولة احتلال واستيطان عنصرية، تستقوي بأحدث الأسلحة وأشدها فتكا، على شعب يمتلك مالا يمتلكه الغزاة، وهو الايمان المطلق بحقه التاريخي والطبيعي، والحياة على ارض وطنه وإحياؤها بوجوده الى الأبد عليها، وعلى ذلك فإن الذهاب في سبيل غير المقاومة الشعبية السلمية، يعني السقوط بلا وعي في شراك الانتحار الجمعي، وبذلك تتحقق أهداف المحتل الصهيوني من الابادة الجماعية، فالتشبث بالأرض وبناء الانسان الفلسطيني، هو الرد الأمثل على المقولة الصهيونية الباطلة "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض".

فتثبيت وجود الشعب الفلسطيني على ارض وطنه، لا معنى له، بدون توفير مقومات الحياة الكريمة، وتعزيز الرؤية الوطنية الفردية والجمعية لمعنى الحرية والاستقلال، ودونما تثوير حقيقي بمعنى التغيير الجذري لأنماط التفكير، وتوظيف الوسائل التي تمكنه من ادراك الواقع، وفتح الطرق الأنسب نحو المستقبل، بأعلى طاقة ممكنة، بالاعتماد على الذات، وإرادة القرار الوطني المستقل، وتحقيق الأهداف الوطنية بأقل تكلفة بالأرواح والدماء والنفوس، وبالتوازي استنهاض المجتمع وتحرير العقل الناظم للمجتمع، من المفاهيم الطوباوية المهيمنة، والشعارات والتعاليم المنفصلة عن الواقع والبعيدة عنه قرونا بمعيار الزمن، وهذا ما كان ويجب أن يستمر، لنتمكن من النجاح، في تثبيت اركان بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، التي تحظى اليوم باعتراف 148 دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وما كان لنا تحقيق هذا الانتصار على ادعاء (المنظومة الصهيونية الدينية العنصرية) القائم على نفي الوجود  التاريخي والحضاري والآني للشعب الفلسطيني، إلا عندما اقتنع العالم أننا لا نتسول سلطة، ولا دولة، وإنما ننتزع حقا اغتصب منا، بمؤامرة دولية معقدة، كنا ضحيتها، وأن الشعب الفلسطيني قد اطلق ثورته المعاصرة، واتخذ الكفاح المسلح كوسيلة، وأن المناضل الوطني الفلسطيني قد قدس نفس الانسان، ولم يقدس السلاح، الذي كان استخدامه ضروريا لعبور مرحلة اثبات وجود الشعب الفلسطيني، وانه لا يمكن البقاء في خيمة النزوح لاجئا الى الأبد، وأن حقه بتقرير المصير مشروع، ومبدأ اصيل في ثوابت الشرعية الدولية، وعندما بدأ العالم يلمس تحولاتنا النوعية، بعد الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، وباتت الكيان السياسي، والوطن المعنوي، والدولة (قيد التحقق والانجاز) التي تمثل الشعب الفلسطيني في الجمعية العامة للأمم المتحدة، العقلانية والواقعية السياسية، لم تكن استجابة لشروط الانضمام والانسجام مع المجتمع الدولي، وإنما انعكاسا لعقيدة وطنية، استنبط منها المناضل الوطني الفلسطيني، منهجا نضاليا سلميا، سياسيا، دبلوماسيا، قانونيا، ميدانيا على الأرض، ثقافيا، اجتماعيا، واقتصاديا ايضا، ما أثبت جدارة حق هذا الشعب بالحياة والحرية والاستقلال، فعقل المناضل الفلسطيني الوطني، منح الثقافة الانسانية بعضا من ثرائها.. فشجرة فلسطين بدأت فعلا بالنمو في جنة السلام، لأن جذورها لم تجف، ولم تقدر الصهيونية الدينية العنصرية على اجتثاثها، فهنا على ارض فلسطين الحقيقة، وهناك حيث العالم المؤمن بالسلام يدركها، ويثق بقدرتنا على حصار وإطفاء نيران الجحيم، التي ما أشعلت بقرار وعن سابق تصميم  وترصد، إلا لتحرق اصول وجود شعب فلسطين، الذي كان وسيبقى الحقيقة والحق على هذه الأرض المقدسة.. فوجودنا انتصار للسلام، واسترداد لروح الثقافة الانسانية، المنتصرة دائما لمبدأ سيادة عقل الانسان، القادر على حماية كينونته المقدسة من الفناء.
 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025