القدس والمقدسات رغم الإبادة !
نشر بتاريخ: 2025-01-12 الساعة: 13:12
- موفق مطر
تداهم سلطات حكومة الصهيونية الدينية في دولة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصرية (اسرائيل) القدس بما فيها المقدسات المسيحية والإسلامية، بعمليات تهويد مبرمجة، تنفذ بالتدرج، وبدون ضجيج، والمسجد الأقصى الذي تنتهك حرماته بطقوس المستعمرين التلمودية يوميا، ليس حاضرا في ملف مفاوضات قيادات حماس على صفقة ايقاف النار وتبادل الأسرى، رغم اطلاقهم مسمى "طوفان الأقصى" على عملية 7 اكتوبر 2023.
فالمسمى كان متسقا مع منهج فرع جماعة الاخوان المسلمين المسلح في فلسطين، في تغليف اعمالها بمسميات اسلامية، ومنحها مصطلحات دينية مقدسة عند عامة المسلمين، بقصد التغطية على غاياتها، وأهدافها الحقيقية، فقادة حماس بعد احراقهم ورقة الأقصى، ومحو ذكرها على ألسنتهم وفي بياناتهم، تراهم مشغولين الآن في كيفية اقناع رئيس حكومة الصهيونية الدينية نتنياهو لإبقاء سيطرتهم على قطاع غزة، إن ما زال معنيا بمنع قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، في الضفة بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، وإذا كان معنيا فعلا بألا يعود القطاع الى ولاية حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ودولة فلسطين، كما كان قبل انقلاب حماس المسلح الدموي سنة 2007.
ولا نبالغ إذا قدرنا أن قادة حماس قد منحوا تطمينات لوفد نتنياهو المفاوض، بأن ملف انتهاك المستعمرين للمسجد الأقصى، والمساس بالمقدسات، قد احرق مع الحطب بموقد الشتاء!! وأنهم معنيون بتأمين قياداتهم الموجودة على الأرض، وفي الخارج ايضا! والحفاظ على قدرات تمكنهم من الاستمرار كسلطة أمر واقع، مع ادخال وجوه جديدة، تحت مسميات تبدو وطنية، لكنها خالية من المضمون والقيم، وحتى من شهادات السجل العملي، فهؤلاء جميعا، معنيون بتقاسم كعكة "اليوم التالي" مع حماس في قطاع غزة، وبذات الوقت يشتغلون على تخريب اركان السلطة الوطنية الفلسطينية، وتعميم الفلتان الأمني في الضفة الغربية، عبر عصابات الخارجين على القانون.
فهؤلاء يبحثون في العواصم عمن يتبناهم، كبدائل عن السلطة الوطنية الفلسطينية، أما منظومة الاحتلال (اسرائيل) فتجد فيهم ضالتها، ذلك ان ألسنتهم معقودة، لا يتحدثون عن الثوابت الوطنية، ومنها وعلى رأسها الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ولا المقدسات، ولا الأقصى، ولا حرية الأسرى، ولا عن حق العودة، فالأهم بالنسبة لهؤلاء اسقاط انجازات القيادة الفلسطينية، والتشكيك بمنهج الرئيس محمود عباس "ابو مازن" السياسي، رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، ورؤية اليأس والإحباط مستوطنا في عقلية وذهن المواطن الفلسطيني، ومخدوعا بشعاراتهم المماثلة لفقاعات الصابون، لامعة وجميلة لكنها فارغة، لا تقوى على تحمل أدنى صدمة!
القدس تقتحمها المستوطنات، وأحوال العيش تضيق الخناق بصعوباتها المادية، على مواطنيها الفلسطينيين العرب التاريخيين الأصليين، وتفرض قوانين وقرارات سلطة الاحتلال على مؤسساتها التعليمية والصحية، وتحاصر التجارية بأوضاع أمنية مفتعلة، والضفة الغربية تقطع اوصالها المستعمرات والحواجز والحملات العسكرية، وتهدد بعض مدنها كجنين ونابلس ومخيماتهما بمصير مشابه لبيت حانون وبيت لاهيا في شمال قطاع غزة.
أما حملة الابادة الدموية وذروتها في القطاع، فإنها ما كانت إلا لإجبارنا على إبعاد ابصارنا واهتمامنا عن مركز وجوهر الحق الفلسطيني (القدس العربية الفلسطينية ومقدساتها)، لكن رغم اعتقادنا وإيماننا أن نفس الانسان هي الأقدس، إلا أن القدس بما يعنيه ارتباط مصيرها بمصيرنا ووجودنا على ارض وطننا التاريخي والطبيعي فلسطين، فإنها ستبقى مقدسة، كما نفس الانسان الفلسطيني، وهذا ما يجب أن يفهمه قادة حماس، حتى لا يمنحوا لحكومة الصهيونية الدينية الذرائع في الضفة والقدس للإجهاز على ما تبقى من الوطن، كما منحوها الذريعة في 7 اكتوبر 2023 للإجهاز على جزء مقدس لا يتجزأ منه (قطاع غزة).