الرئيسة/  مقالات وتحليلات

نحو تعزيز الكينونة الفلسطينية..

نشر بتاريخ: 2024-12-22 الساعة: 22:04

نحو تعزيز الكينونة الفلسطينية..

مروان طوباسي


انعقد المؤتمر السنوي الرابع لمعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي تحت عنوان "فلسطين 2025 الكينونة وتجسيد قيام الدولة"، كحدث يجسد أهمية الدراسات الاستراتيجية في دعم القضية الفلسطينية. لقد مثل المؤتمر بحلساته التسع فرصة فريدة لجمع نخبة من الأكاديميين والسياسيين والمفكرين لتبادل الأفكار، واستكشاف التحديات التي تواجه شعبنا الفلسطيني، واقتراح حلول عملية امام صناع القرار.

يأتي هذا المؤتمر في مرحلة فارقة، حيث تشتد التحديات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي كما وسرعة المتغيرات بالنظام الدولي على إثر صعود قوى الصين وروسيا والتحالفات الاقتصادية والسياسية الجديدة في وجه الهيمنة الأميركية، الأمر الذي يجب الاستفادة منه والبناء عليه. وفي خضم هذه التحديات، يؤكد انعقاد المؤتمر أهمية التفكير الاستراتيجي والعمل الجماعي لايجاد حلول عملية تستند إلى تحليل دقيق للواقع واستشراف المستقبل.

 

أهمية انعقاد المؤتمر

لا يمكن إنكار الدور الذي تلعبه مراكز الأبحاث كمحركات للفكر السياسي والاستراتيجي، ومعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي يُعد نموذجا رائدا في هذا المجال. فقد استطاع المعهد عبر استدامة انعقاد هذا المؤتمر سنويا أن يُبرز أهمية المعرفة المدروسة كأداة أساسية في مواجهة التحديات الوجودية التي تعصف بالقضية الفلسطينية.

المؤتمر ركز على قضايا جوهرية مثل تعزيز الهوية الوطنية ووحدانية دور منظمة التحرير كمظلة وطنية جامعة مع ضرورات الاصلاح بمؤسسات النظام السياسي كمطلب وطني، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ودور القانون الدولي في محاسبة مجرمي الحرب. كما ناقش القضايا الديموغرافية والاقتصادية، مُسلطا الضوء على أهمية بناء استراتيجية تنموية مقاومة ترتكز على الزراعة والصناعة كأركان للاستقلال الاقتصادي والانفكاك عن الاحتلال. هذه المحاور لا تعكس فقط التنوع الفكري الذي احتضنه المؤتمر، بل تعكس أيضا إيمان المشاركين بضرورة بناء رؤية شاملة تعزز الكينونة الفلسطينية في مواجهة سياسات الأحتلال التدميرية.

 

اهمية التوصيات الصادرة عن المؤتمر

تعد التوصيات التي خرج بها المؤتمر بمثابة خارطة طريق لصناع القرار الفلسطيني، حيث ركزت على:

اولا: تعزيز الكينونة الوطنية من خلال التمسك بالثوابت الفلسطينية ورفض الاصطفافات السياسية التي تضر بالمصلحة الوطنية.

ثانيا: تطوير أدوات المقاومة بما يتناسب مع الظروف خاصة المقاومة الشعبية السلمية التي تُعتبر أداة فعّالة لتعزيز الصمود.

ثالثا: تعزيز العمل الدبلوماسي والقانوني من خلال استثمار الإنجازات القانونية التي حققتها فلسطين في المحافل الدولية، وتعزيز دور المحاكم الدولية في محاسبة الاحتلال.

رابعا: تعزيز الاقتصاد الوطني بالتركيز على الزراعة والصناعة المحلية لفك الارتباط مع الاقتصاد الإسرائيلي وتطوير اشكال الاقتصاد المقاوم.

هذه التوصيات تعكس أهمية الفهم العميق للواقع المحلي والدولي كما رسمها المشاركون بالمؤتمر والأوراق البحثية، التي أكدت ضرورة العمل بخطوات مدروسة لتحقيق الأهداف الوطنية السياسية والحقوقية والتاريخية لشعبنا.

 

دور معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي

يمثل المعهد منصة هامة لتقديم دراسات معمقة ورؤى استراتيجية تخدم القضية الفلسطينية من خلال تنظيم مثل هذه المؤتمرات، يساهم المعهد في خلق مساحة لتبادل الآراء بين الأكاديميين والسياسيين، وهو ما يُثري عملية صنع القرار. كما يعزز المعهد أهمية توظيف البحث العلمي في تقديم بدائل عملية أمام صناع القرار، مما يساهم في توجيه الجهود الوطنية بشكل أكثر فعالية.

 

أهمية الدراسات والاستخلاصات

إن القوة الحقيقية لأي حركة تحررية تكمن في قدرتها على فهم الواقع واستشراف المستقبل. ومن هنا، تأتي أهمية الدراسات والأبحاث التي تُقدمها مراكز الفكر والدراسات. إذ إنها لا توفر فقط بيانات وتحليلات دقيقة، بل تساهم أيضا في خلق إطار فكري يساعد على بناء استراتيجيات طويلة الأمد.

المؤتمر السنوي الرابع لمعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي يُبرز أهمية هذه الدراسات والاستخلاصات، حيث جمع بين رؤية واقعية تستند إلى التحليل، وتطلعات مستقبلية تسعى إلى تحقيق الكرامة والحرية والاستقلال الوطني للشعب الفلسطيني.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024