الأمن والقانون لمنع إنضاج الذرائع
نشر بتاريخ: 2024-12-12 الساعة: 12:04
موفق مطر
إن نمو جماعات مسلحة كالفطريات، تحت مسميات واستخدامات لمصطلحات دينية، والجهر بولاءات لدول وقوى خارجية مسجلة بالصوت والصورة علنا، لم يكن صدفة، فرأس الفلسطيني الوطني سيبقى مطلوبا لمنظومة الاحتلال، ومن يعتقد بانتمائه الوطني، عليه التفكير مليون مرة قبل توجيه سلاحه نحو صدر شقيقه الفلسطيني، أو نحو مؤسسات الشعب الفلسطيني كافة، التي ما انجزت إلا بعد تضحيات جسام بعشرات آلاف الشهداء، والجرحى والأسرى، فكل رصاصة نحو مقرات المؤسسة الأمنية نعتبرها صاروخا اسرائيليا مدمرا، ليس للمؤسسة الأمنية الفلسطينية التي يتبنى قادتها وضباطها وأفرادها عقيدة وطنية خالصة، تقدس نفس الانسان الفلسطيني وتحرم الاقتتال الداخلي وحسب، بل للحق الفلسطيني، ووحدة الشعب الفلسطيني، وثقافة الانسان الفلسطيني الحضارية، مدمرا لحاضره، ومستقبله ووجوده على ارض وطنه فلسطين.. لذا ليس أمام من يمثل ارادة الشعب تمثيلا، وقضائيا، وقانونيا، وأمنيا إلا انفاذ القانون وتطبيقه بحق المجرمين، لتحقيق الأمن وبسطه، لمنع منظومة الاحتلال من انضاج ذرائعها.
اليوم نواجه اختراقا يهدد المشروع الوطني للشعب الفلسطيني، ويبدد مفهوم الدولة لدى عموم الجمهور الفلسطيني، والأفظع فيما يحدث في غزة، وهنا في الضفة، هو دفع المواطن الفلسطيني للكفر بمبدأ التحرر والحرية والاستقلال، وبفكرة المقاومة ضد الاحتلال، والتفكير بالتعايش مع الاحتلال، لذا علينا النظر بأن ما يحدث اكبر وأوسع من فلتان أمني، فمنظومة الصهيونية الدينية تحتاج للذرائع، التي تصنعها وتشكلها وتطلقها بأسماء وأشكال نبيلة، إن لم تجدها جاهزة فتحتويها، ولا بد من التذكير بقول نتنياهو الصريح: "لولا 7 اكتوبر 2023 لما كان لنا الشرعية المحلية والدولية لإعادة احتلال غزة، وتغيير وجه وخريطة الشرق الأوسط".
لقد بات مؤكداً ومثبتا وصول منظومة الاحتلال الى مرحلة متقدمة في عملية تكوين الذرائع، للابتداء بتنفيذ الجزء الآخر من خطة حملة الابادة والتهجير القسري في مدن ومخيمات المحافظات الشمالية (الضفة الغربية) بعد تدمير مدن وبلدات ومخيمات المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) أما الهدف فواضح جدا، ولا يحتاج لعدسات مكبرة، وهو اعدام ما تبقى من امكانية لتطبيق قيام دولة فلسطينية مستقلة، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وبذات الوقت يتم العمل على إخراج جديد لما عرف سابقا "روابط القرى" لتتحكم بمصائر المواطنين الذين سيبقون في موطنهم، التي ستتبع أوامر منظومة الاحتلال والاستيطان الاستعماري الصهيونية (اسرائيل)! التي تعمل بكل قواها على تحقيق هدف ضرب مشروع التحرر والاستقلال والسيادة للشعب الفلسطيني، عبر تحطيم أركان الأمن الوطني، والمجتمعي، والسلم الأهلي، وإضعاف مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وايصالها الى نقطة الانهيار التام تلقائيا، عبر تشكيل خلايا "فلتان أمني" مموه بأشكال متنوعة من الأقنعة، منها عصابات لصوص وسرقات كبيرة منظمة! كما رأينا في عمليات سرقة محلات مجوهرات مثلا، وجماعات مسلحة تابعة لدول وقوى خارجية، تمولها، فتنفذ أوامرها وتنقاد لتطبيق اجنداتها، بلا أدنى قراءة للمصالح الوطنية العليا، أو نظرة واقعية على الوقائع والحقائق على الأرض!
أما أحدث ما ظهر من صناعة اجهزة استخبارات منظومة الاحتلال فهي (خلايا داعشية) بَصَمَت بجرائمها اللا مسبوقة، على ملف مخطط تدمير نواة دولة فلسطين (مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية) وبذلك تكون حكومة الصهيونية الدينية قد استكملت الشروط اللازمة، لإشهار ذرائعها والجهر بها لتبرير حملتها وضربتها القاضية، وقد يحدث كل هذا إذا تعامل الشعب الفلسطيني، وتعاملت قواه الحية والتنظيمات والفصائل، والمنظمات الحقوقية، مع هذا الخطر الوجودي الداهم، بنظرة قاصرة، فئوية، أو وفقا لحسابات ومناكفات حزبية، أو لتأسيس قواعد جماهيرية، تمكن البعض من تكوين هالة قيادة او زعامة من نوع ما، وعدت بالتمكين وتسهيل النفوذ حتى تحل كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، التي تعرضت وتتعرض حتى اللحظة لأفظع المؤامرات، وكأن هؤلاء لا يعلمون أنهم لن يكونوا شيئا يذكر أو يساوي شيئا في نظر من يستخدمهم! اذا لم يعد لمنظمة التحرير الفلسطينية وجود، لأنهم لا يدركون أن منظمة التحرير، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ستبقى النقيض الأبدي للمشاريع الاستعمارية الصهيونية التي انكرت وجود الشعب الفلسطيني، وتحاول طمس وطن الشعب الفلسطيني، التاريخي والطبيعي فلسطين، من خريطة العالم الجغرافية والسياسية، وبذلك يتم تثبيت شرعية اسرائيل المزيفة بسياقها الزمني والمكاني، على حساب شرعية الحق الفلسطيني الأزلي.
mat