الشاهد يعالون.. "ننفذ جرائم حرب وتطهيرا عرقيا"
نشر بتاريخ: 2024-12-06 الساعة: 02:31
موفق مطر
"ننفذ تطهيرا عرقيا في شمال قطاع غزة، فلم تعد هناك بيت لاهيا، أو بيت حانون.. فهناك ترتكب جريمة حرب وما قلته يعكس الدعوات إلى تقليص عدد سكان قطاع غزة وعودة الاستيطان الى هناك.. إنني أتحدث نيابة عن أشخاص خدموا في شمال غزة. فهناك ترتكب جرائم حرب".
ما بين مزدوجين اعلاه، اقرار، بثه على الهواء مباشرة، موشيه يعالون، وزير الحرب الأسبق لدى منظومة الاحتلال (اسرائيل) في لقاءين احدثهما، عبر هيئة البث الاسرائيلية، المعروفة باللغة العربية (مكان).
لا نريد الولوج هنا الى نوايا يعالون، ولا دوافعه السياسية، رغم اهميتهما، لتقدير الهدف مما نطق، وأبعاد شهادته التي قد تكون بالنسبة لنا مستندا هاما، يضاف الى ملف محاكمة (دولة الاحتلال والاستيطان والعنصرية) (اسرائيل) لدى المحكمة الجنائية الدولية، بعد ثبوت ارتكاب جيشها جرائم حرب وإبادة وضد الانسانية، فشهادته التي كررها مرتين بإصرار خلال اقل من 48 ساعة، تبين مستوى التخوف على مستقبل "اسرائيل" المرتبط مصيرها بدوام اقناع العالم بالدعاية الخديعة: "إن اسرائيل واحة الديمقراطية، في صحراء الدكتاتوريات، وانها تدافع عن الحضارة الغربية!!".
ونعتقد أن تصريحات يعالون تمنحنا اعترافا مهما، بـتأثير تطبيقات منهج النضال السياسي والدبلوماسي المتوج بالقانوني في المحافل الدولية، ومنظمات الأمم المتحدة، ومنها المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك محكمة العدل الدولية، الذي صممه الرئيس محمود عباس "أبو مازن" رئيس دولة فلسطين وقائد حركة تحرر الشعب الفلسطيني الوطنية، ومضى متسلحا بالحكمة والمعرفة، والشجاعة، ومتمسكا بالثوابت الوطنية الفلسطينية، لكشف مرجعيات سياسة (اسرائيل) العنصرية، وجرائم ساساتها وجنرالات وضباط وجنود جيشها ضد الانسانية، ولتبديد هالة الديمقراطية، التي استخدمتها كغطاء، للتمويه على مجازر ومذابح وحملة ابادة دموية بحق الشعب الفلسطيني، ما يعني أن النضال الفلسطيني العقلاني، الواقعي، المسنود بالمعرفة والبصيرة، والرؤى الخلاقة، سيبلغ اهدافه، عبر تكسير أقوى قواعد الارتكاز (الوهمية) التي انشئت عليها دولة اسرائيل، وهي (الديمقراطية)، لذا قال يعالون: "أنا مطالب بإطلاق التحذير مما يجري، فهناك جرائم حرب ترتكب.. ولم يسبق ان مثلت دولة ديمقراطية أمام المحكمة الجنائية في لاهاي".
فاجأ يعالون المجتمع السياسي الاسرائيلي، فصاحب الاقرار - الشهادة كما يجب تسميتها - وزير حرب سابق، نفذ سياسة دولته بامتياز! لكنه لم يفاجئنا من حيث رؤيته بعيدة المدى، ومن خشيته على مصير اسرائيل، اذا انهارت مبررات الدول الاستعمارية القديمة والحديثة لدعمها، وتمييزها، فقبل عشرة أيام، كتبنا مقالا هنا تحت عنوان: "عدالة الأمم الحضارية تطال مجرمي حرب تقنعوا بالديمقراطية" نذكر ببعض فقراته ومنها: "حاكم الدولة الديمقراطية المطبق لمبادئها وقيمها لا يسقط في دائرة الهمجية التي تحوله لمجرم حرب، ومجرما ضد الانسانية، أما العنصري المتخفي بقناعها، والمستتر بمظاهر معينة من سلوكيات الديمقراطية، فسرعان ما تنكشف أصوله، وبنيته، وتنفضح مفاهيمه المخالفة منطقيا والمتعارضة واقعيا مع معيار الانسانية".
ثم كتبنا: "المقدسات في الأصل حضارية، والحضارة مبادئ وقيم مقدسة تتبناها كل شعوب وأمم الأرض، لذلك لا يمكن لأحد اختراقها، لتمرير وشرعنة وتبرير الجريمة ضد الانسانية، لذا يجب فحص مدى التحريف والتزوير في مقدسات كل من يحاول اختراقها، وينطبق الأمر على الديمقراطية".
رغم أن يعالون لم يتحدث عن حق الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة، أو عن سلام يحقق الاستقرار المستدام، لكن شهادته (الدقيقة) ربما تصبح خطابا، يحفز العقل الفردي والجمعي الاسرائيلي، للتوجه نحو مراجعة تاريخية، لوضع النقاط على حروف جريمة الدول الاستعمارية، التي استخدمت المنظمة الصهيونية، لتضليل اليهود من شعوب الدنيا، وزجهم في دوائر الحروب والمذابح والصراعات، والتعقل والتفكير واستخلاص العبر، حتى بلوغ القناعة: بأن اليهودي الذي عانى من حملات الابادة، لا يحق له ابدا ممارستها على الشعب الفلسطيني ولا على أي انسان آخر.