الرئيسة/  مقالات وتحليلات

التضحية.. الأضحية.. الضحية !

نشر بتاريخ: 2024-10-14 الساعة: 13:38

 

- موفق مطر


منظومة الاحتلال والاستعمار العنصرية، الدولة القائمة بالاحتلال والاستيطان (إسرائيل) وفق القانون الدولي استغلت عملية تضخيم الذات التي مارستها فصائل وتنظيمات (محور ايران)، واستطاعت تهيئة رأي عام عالمي لقبول ادعاء "الدفاع عن وجودها" واستندت على وثائق مصورة ثابتة ومتحركة (فيديوهات) وتصريحات وخطابات على منابر مراكز دينية وسياسية على حد سواء، كانت جميعها تصدر تحت مسميات ومصطلحات  (دينية اسلامية) استخدمت اسوأ استخدام لغرض تحقيق اهداف دول وقوى اقليمية لم تعد خافية على احد، في مقدمتها جماعة الاخوان المسلمين، وسليلة الامبراطورية الفارسية (ايران) ومنها على سبيل المثال للتذكير: تهديدات على ألسنة اعلى المستويات بمحو اسرائيل خلال دقائق وبعضهم قال ساعات فقط!! وبالمقابل كان على هذه الجبهات وسائل اعلام محترفة، سعت لتنصيب الخداع والتضليل بديلا عن الحقائق والوقائع، واستطاعت أخذ نسبة عالية من الجمهور الفلسطيني والعربي أسرى لدعايتها (المؤامرة) التي كانت بمثابة السلاح الخفي لمنظومة الاحتلال، حيث احتلت ذهن المتلقي العربي بالإثارة البصرية، ونفذت عملية تهجير قسري لادراكه وبصيرته، لتسهيل حملة ابادة دموية وتدميرية وتهجير بحق الشعب الفلسطيني كافة، بلغت ذروتها في قطاع غزة،أما منهج تضخيم الذات وتصغير الآخر (المحتل) فكان بمثابة (العمى) الذي اصاب حواس ساسة حماس، ما دفعهم لوضع الانسان الفلسطيني أمام خيارين: الموت صاغرا بأسلحة جيش الاحتلال الاسرائيلي، أو الموت قهرا، فساسة حماس الصم العمي لا يسمعون صوته، ولا يرونه اصلاً! حتى لو وضع العقلاء لهم معاناته ومآسيه ونكبته تحت عدسة مكبر (ميكروسكوب) بمقياس ( x 1000000 ) فمن اعتبر الابادة خسارة تكتيكية، واخلى مسؤوليته عن حماية المدنيين مكذبا مقولة جماعته:"المقاومة لحماية الشعب"، ومن لا يستطيع التفريق بين (التضحية) التي يقررها الانسان عن سابق تصميم وإرادة وتعقل وإيمان، وحسابات وقرارات وطنية مسؤولة، وبين (الأضحية) أي الكبش الذي يجر عنوة  للمذبح، وبين (الضحية) وهو الانسان الذي لا قيمة له، ولا قداسة لروحه ونفسه بنظر الذين يقدسون سفك دماء الآخر، فهذا من الذين يعتبرون جرائمهم ضد الانسانية وجرائم الحرب بحقه، والإبادة "عبادة"! أما نحن الشعب الفلسطيني ففي واقع الحال إننا (الأضحية) المطلوبة (للذبح الحلال) المُخرَج بفتاوى مشتقة من خليط الكذب والدجل، لكنها عصية على اختراق  الضمائر الانسانية  الحية! وكذلك العاقل العارف والعالم، الحكيم والشجاع والصابر الصادق، الذي لا يستسلم ولا يقبل أن يكون (الضحية) لأنه المدرك لدقائق وتفاصيل وأبعاد المؤامرة وأهداف الابادة، لكنه بالوقت ذاته، واقعي يرى الحقائق على الأرض بحجمها الطبيعي، ويبني مواقفه الصلبة وقراراته الشجاعة بناء عليها، فلا يذهب برجليه للسقوط في حقل ألغام المؤامرة، ومربع الحروب العبثية، فهو المفكر دائما بكيفية تفكيك حبكة شبكتها، والطارق دائما على جدران خزان الضمير الانساني العالمي اللا محدود  وبلا تمييز، والمبشر بانتصار الحق الفلسطيني، لارتباطه بجذر انساني حضاري حي ازلي، لكنه المنذر من أهوال  وخطر حرائق الصهيونية  الدينية على قيم ومقدسات امة الانسانية، فنيرانها آخذة بالانتشار، قد لا تبقي ولا تذر.

Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024