النحر في عمليات مشعل الانتحارية
نشر بتاريخ: 2024-09-06 الساعة: 01:53
- موفق مطر
حديث رئيس حماس في الخارج خالد مشعل، ووعيده باستعادة أسلوب العمليات التفجيرية (الانتحارية) السابق لحديث خليل الحية نائب يحيى السنوار للجزيرةِ عن اشتعال النار في الضفة الغربية، ومخطط نتنياهو لإحراقها، تتقاطع مع عمل حكومة الصهيونية الدينية برؤسائها الثلاثة: نتنياهو وبنغفير وسموتريتش، لاستدراج الذرائع المطلوبة لتبرير الجزء الثاني من حملة الابادة التي اطلقتها منظومة الاحتلال الاستعمارية الصهيونية العنصرية في اسرائيل، بعد حصولها في 7 اكتوبر الماضي على الذريعة من (حماس) لتبرير جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية ومجازرها اليومية بحق الشعب الفلسطيني، التي بلغت الذروة في سفك دماء أكثر من (150 الف) انسان مدني أعزل بريء (75% منهم نساء وأطفال) في قطاع غزة، وكأن 330 يوما مضت حتى الآن على أفظع نزيف شهدته الانسانية – حسب إقرار المنظمات الانسانية والحقوقية الدولية والشخصيات الرسمية ذات السمعة العالمية – لم تدفع قيادات حماس للتفكير بمصير الشعب الفلسطيني ومستقبل أرض وطنه، ولم تحضهم على مراجعة أساليبهم التي تسببت بنكبة تاريخية ثانية، اكثر مأساوية من سابقتها التاريخية أيضا، ومع اصرارهم هذا، وإدراكهم لأهداف منظومة الاحتلال – كما قال الحية – فإن الشعب الفلسطيني، بمحكمته التاريخية الوطنية سيحملهم مسؤولية المساهمة في نحر المشروع الوطني الفلسطيني، ومنح منظومة الاحتلال العنصرية (اسرائيل) الذرائع ليتخذها (ثعلب اسرائيل) دعامات – ولو صورية - لرفض اجماع العالم والشرعية الدولية على حق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال والكرامة في دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس .
لماذا الآن، ولماذا العودة الى أساليب اتفق الكل الوطني على نبذها بعد نتائجها الكارثية على الشعب والأرض؟! فقد كانت سببا في إعادة تشكيل واقع الاحتلال والاستيطان الاسرائيلي على الأرض المحتلة من فلسطين في سنة 1967، وقضم مساحات عظيمة من اراضي المواطنين لصالح السور الأمني الاستيطاني، علاوة على اتخاذ تلك العمليات مبررات مكنت حكومات (دولة الاحتلال اسرائيل) من اقناع دول وحكومات بالتراجع عن مشروع حل الدولتين المنصوص عليه في مرجعيات عملية السلام على رأسها قرارات الشرعية الدولية، ثم لماذا في هذا التوقيت بالذات حيث تتبلور ارادة دولية رسمية وشعبية متزامنة مع مثول منظومة الاحتلال (اسرائيل) أمام المحكمة الجنائية الدولية كمتهم بارتكاب جرائم ابادة، وانكشاف حقيقتها - كما أبرزتها محكمة العدل الدولية – باعتبارها دولة احتلال واستعمار وجرائم ضد الانسانية .
سيبقى الاحتلال الاستعماري السبب الرئيس لنكبات ومعاناة الشعب الفلسطيني، لكننا لا نبرئ نوايا أحد منهم، ولن نمنحهم العذر على جهلهم – وإن كنا نراهم ونعلم انهم يدركون ما يفعلون – لأنهم إن وجدوا آذانا صاغية لدى افراد ربوهم على الطاعة العمياء الصماء، فإنهم بذلك يساهمون عمليا في تفكيك الطوق الدولي والقانوني على دولة الاحتلال، وسيصبح الفلسطيني متهما أمام الجنائية الدولية بجرائم حرب، خاصة عند المساس بمدنيين اسرائيليين، علما أن منظمة التحرير الفلسطينية تنبذ الارهاب والعنف المسلح بحق المدنيين والأبرياء مهما كانت جنسياتهم وانتماءاتهم وعقائدهم، ما يعني أن العالم سيحمل دولة فلسطين، ومنظمة التحرير الفلسطينية مسؤولية نتائج وتبعات وتداعيات ( عمليات مشعل الانتحارية )، وللتذكير فقد كان على رأس الحاضرين من قيادات جماعات من فصائل فلسطينية، قبل حوالي عقد ونصف العقد للبحث في تشكيل بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، والى جانبه سفير النظام الايراني آنذاك في العاصمة السورية دمشق التي غدروا بها، عندما اختارت حماس الاصطفاف مع جماعات الاخوان المسلمين المسلحة ضد الدولة ! وهو نفسه الذي افتى واعتبر انقلاب حماس على المشروع الوطني الفلسطيني " حسما مسلحا " ضروريا، وهو نفسه الذي لا يرى بأسا في معاناة الملايين من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومدن ومخيمات الضفة الغربية والقدس، ويعتبر آلاف الشهداء والجرحى الفلسطينيين الذين نحرهم جيش الاحتلال بسلاح وتعاليم وأوامر ساسة دولته التلمودية العنصرية " ثمنا للحرية " وكأن ( عملية السنوار ) قد انجزت ولو صفرا من المئة من أهدافها، بل على العكس فقد انحدر واقع الحال الى ما بعد الصفر ومازال الهبوط مستمرا، حتى يأخذ تشكيلا جديدا لاحتلال واستعمار غزة من جديد كما نقدر ونرى في منظور أهداف حملة الابادة الاسرائيلية، وتثبيت واقع الاحتلال الاستيطاني في الضفة الغربية بما فيها القدس الى أجل غير منظور.. أما دعوات مشعل فإنها تكمل عقلية الانتحار التي بدأها السنوار، فكلاهما يبغضان الحياة .
mat