قرار غبي
نشر بتاريخ: 2024-07-23 الساعة: 11:09
محمد علي طه
لم يفاجئني قرار الكنيست الاسرائيلي، في دولة تدعي أنها واحة الديمقراطية في هذا الشرق أو فيلا في غابة، هذا القرار التعيس الذي صدر في الليل الدامس في أثناء احتضار يوم الاربعاء 17 تموز 2024 فيما الشعب الاسرائيلي نائم نوما غير عادي بعدما نومه الساحر بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة اسرائيل، في فترة حكمه القاحلة الطويلة.
جاء في القرار التعيس "إن الكنيست الاسرائيلي يعارض بشكل قاطع قيام دولة فلسطينية غربي نهر الاردن... الخ"، كما لم يفاجئني صدور هذا القرار الفاشي المتغطرس بأغلبية 68 نائبا بمن فيهم سانشو نتنياهو، النائب الارجوحة بيني غانتس، ولم يعارضه سوى نواب الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير والقائمة الموحدة في حين هرب من القاعة مثلما تهرب الارانب البرية نواب حزب "ييش عتيد" أي بالعربية حزب المستقبل الذي بلا حاضر وبلا مستقبل، ونواب حزب العمل الذين يحملون شهادة وفاته وقد ارتدوا ثوب "الديمقراطيون" ولا عجب، فكم من فتاة قبيحة اسمها جميلة وكم من شاب بخيل اسمه كريم وكم من رجل لص حرامي اسمه سميح أو صديق او شريف، فمن البدهي أن لا ديمقراطية في بيت يؤيد ويمارس الاحتلال والاستيطان، ولا ديمقراطية عند من يسرق حرية الاخر وأرضه وخبزه وماءه وهواءه.
يؤكد بصراحة هذا القرار الغبي بأنه لا "شريك اسرائيليا" للتفاوض مع قادة الشعب الفلسطيني من أجل أن يسود السلام بين الشعبين كما أنه يدحض فرية ايهود باراك "لا يوجد شريك فلسطيني" التي نشرها إبان فترة حكمه البائسة ورسخها في المجتمع الاسرائيلي كي يعدم اتفاق المبادئ في أوسلو وكي يخنق حلم السلام، وكي يقدم السلطة في دولة اسرائيل على طبق من ماس للجنرال اريئيل شارون ولحزب الليكود واليمين الاسرائيلي المتطرف كي تصل دولة اسرائيل الى ما وصلت اليه في هذه الايام السوداء.
لقد ارتكب الجنرال باراك جريمة كبيرة بحق شعبه وبحق الشعب الفلسطيني وبحق شعوب المنطقة كلها.
من البدهي أن قرار قيام دولة فلسطين على أرض الشعب الفلسطيني بجانب دولة اسرائيل هو قرار فلسطيني مائة بالمائة وليس من صلاحيات الكنيست الاسرائيلي مهما كان لونه السياسي والحزبي، ولا من صلاحيات مجلس العموم البريطاني بعماله وبمحافظيه، ولا من صلاحيات الكونغرس الامريكي بنوابه الديمقراطيين أو الجمهوريين، ولا من صلاحيات أي برلمان في هذا العالم، شرقه وغربه وشماله وجنوبه، وأما هذا القرار البائس الغبي المتغطرس للبرلمان الاسرائيلي فهو قرار لترسيخ الاحتلال والاستيطان ولاستمرار الحرب والقتل والدمار. هو قرار معاد للشعب الفلسطيني وللشعب الاسرائيلي، بل هو معاد للحرية والأمن والحياة ولجميع شعوب المنطقة.
لا بد من أن يصحو الشعب الاسرائيلي من نومه، ربما بعد سنة أو سنوات وعندئذ يدرك أن سياسة نتنياهو أعادته عقودا الى الوراء، أعادته إلى أيام التساؤل الأعمى "أين هو الشعب الفلسطيني؟!" وإلى فترة التحجر السياسي، إلى أيام غولدامئير واسحاق شامير، وإلى أيام أرض اسرائيل الكبرى، وإلى نشيد البيتار: "هذه لي وهذه لي أيضا"، ولا بد من ان يدرك الاسرائيليون بأن الشعب الفلسطيني شعب حي، ما رفع ولن يرفع الراية البيضاء أمام غطرسة المحتلين مهما كان الثمن غاليا جدا.
ولا بد أن يدرك الاسرائيليون أيضا أن الشعب الفلسطيني شعب شجاع، شعب صامد باق على أرضه على الرغم من المجازر التي لا تحصى، شعب يصر على العيش بحرية وبحياة كريمة مثل شعوب الأرض المتحضرة.
أما آن الأوان أن يرى الأعمى ويسمع الأصم هذه الحقائق؟! أما آن الأوان أن يصحو المتغطرسون؟!
لا بد من أن يصحوا من أجل شعبهم أيضا.
mat