الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ماذا يعني النصر المطلق عند نتنياهو وما هو البديل؟

نشر بتاريخ: 2024-02-26 الساعة: 03:37

 

باسم برهوم

خلال الحرب واصل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو استخدام مصطلح "النصر المطلق"، ويتعمد ان يترك المصطلح دون توضيح حقيقي. وفي أحيان، يلخص ذلك بقوله: "القضاء على حماس وتفكيكها عسكريا، وتحرير الرهائن وألا يمثل قطاع غزة تهديدا أمنيا لإسرائيل في المستقبل"، ولكن استخدام كلمة مطلق قد تتضمن ايضا مفهوم اليمين الصهيوني، هو تفريغ قطاع غزة من سكانه أو غالبيتهم، او انه يعني ارضاخ الشعب الفلسطيني بالعموم وتصفية القضية الفلسطينية. 
مصطلح النصر المطلق قد يكون مستعارا من التوراة بمنطق يهوشع بن نون وفق فكرة الابادة ، أو انه مستعار من القرون الوسطى، وبما يعني السيطرة بالقوة المطلقة دون غيرها، او هو بمنطق الاستسلام التام كما جرى لألمانيا ودول المحور امام الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. 
وبغض النظر ان كان نتنياهو قادرا على تحقيق هذا النصر بالمعنى المطلق من عدمه، فإن مجرد طرحه بهذه الطريقة، فهذا يعكس تفكير اليمين الإسرائيلي المتطرف ومنهجه، ورغبته العميقة بالتخلص من الشعب الفلسطيني وما يمثله كمالك أصيل للأرض، وان له حقوقا سياسية تتمثل بحقه بالاستقلال.
 لقد اعتبر نتنياهو ما جرى في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي بمثابة فرصة قد لا تعوض لتحقيق اهداف هذا اليمين، وهناك إجماع داخلي بدوره قد لا يتكرر، وان تفويت الفرصة سيأخذ الأمور الى عكس ما تمنى هذا اليمين. وباستثناء اصوات قليلة، سواء كانوا سياسيين سابقين او كتاب اعمدة في الصحف الإسرائيلية، فإننا لم نسمع موقفا واحدا ينظر لهذه التطورات الخطيرة والدموية بأنها تحتاج الى التفكير بشكل عقلاني ينظر للمستقبل بطريقة تنهي الصراع تقود لحالة من التعايش السلمي.
ليست إسرائيل وحدها من تحتاج الى مراجعة، بالرغم انها الطرف المعتدي، الطرف الذي يحتل شعبا آخر، فإن الشعب الفلسطيني بحاجة لإجراء مراجعة ايضا. وليس المطلوب هنا العودة لمراحل الصراع الاولى، بالرغم من أهمية ذلك. ولكن على الاقل منذ ان قرر الشعبان توقيع اتفاق سلام، كان من الممكن ان يفتح آفاقا لسلام دائم، خصوصا ان اتفاقيات السلام حظيت بدعم شعبي كبير في السنوات الاولى لدى الطرفين، وحتى في لحظة اغتيال رابين في مطلع شهر نوفمبر عام 1995 على يد اليمين الإسرائيلي، كان يحاشد في الساحة الرئيسية في تل ابيب مئات الآلاف من انصار السلام، بالرغم من سلسلة عمليات انتحارية قامت بها حماس بهدف افشال اوسلو.
المشكلة الراهنة، وفي غالبية الوقت منذ اوسلو، ان اليمين الإسرائيلي المعارض بشدة للسلام هو من يحكم في إسرائيل ويتحكم بقرارها السياسي، والان الحكومة الإسرائيلية الحالية هي الأكثر تطرفا ورغبة في تصفية القضية الفلسطينية، لذلك لا أمل من ان تجري مراجعة تقود لسلام حقيقي، فالمطلوب ان يقوم المجتمع الإسرائيلي بذلك.
اما في الجانب الفلسطيني، فان الطرف الذي يقود الشعب الفلسطيني، هو الطرف الذي وقع اتفاقيات السلام ولا يزال يلتزم بنهج السلام، ربما ما نحتاج مراجعته كفلسطينيين، هو اذا ما تصرفنا بشكل صحيح طوال الوقت، واذا ما نجحنا او لم ننجح في بناء نظام سياسي متماسك، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فان المعارضين لاتفاق اوسلو عليهم ايضا مراجعة مواقفهم، وخاصة حماس وإذا ما كان نهجها هو من اوصل الواقع الفلسطيني الى ما هو عليه اليوم، خصوصا في قطاع غزة الذي تقوم إسرائيل بتفكيكه وإعادة احتلاله.
ومن دون ان نجلد انفسنا اكثر مما يجب، فان المبادرة لطالما كانت بيد إسرائيل، فهي الطرف الذي بإمكانه ان يخلق بيئة السلام، فإسرائيل على العكس من ذلك هي تقوم بكل ما يقوض السلام،  امكانية ان يمتلك الشعبان سلاما على اساس حل الدولتين. إسرائيل تواصل الاستيطان وقامت بضم القدس وهي اليوم تقوم بتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر تصفية الاونروا، وتحاول تهجير الشعب الفلسطيني.
السؤال: كيف يمكن ان نعود لحل الدولتين وإسرائيل تقوم عمليا بتصفية القضية الفلسطينية؟ 
هناك إصرار لدى اليمين الإسرائيلي ان يواصل التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وما زالت الفكرة الصهيونية الكلاسيكية "ارض بلا شعب" تتحكم بسياساتهم، رغم انها سقطت عبر اكثر من قرن على الصراع، الشعب الفلسطيني لا يزال على ارض وطنه التاريخي ومتمسك بحقه بالاستقلال عليها.
نقطة البداية لانهاء دورة الدم والصراع هو ان يتوقف كل طرف عن التفكير بالقضاء على الاخر، والبحث عن فكرة ابداعية للعيش جنبا الى جنب في دولتين او في دولة واحدة ثنائية القومية، او ضمن نظام فيدرالي او كونفدرالي، المهم ان نوقف الكراهية والقتل المتبادل.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024