الرئيسة/  مقالات وتحليلات

فلسطين نبض قلب العالم

نشر بتاريخ: 2023-12-12 الساعة: 14:51

 

عمر حلمي الغول


أن يقف العالم على قدميه شاخصا نحو فلسطين وشعبها المثخن بحرب الإبادة العنصرية منذ 66 يوما خلت، ويعلن احراره من مختلف القوميات والأمم والشعوب والدول والنقابات والاتحادات الشعبية تضامنها مع قضية العصر الفلسطينية الدعوة لاضراب عام عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني عموما ومحافظات قطاع غزة خصوصا، التي ذبحت من الوريد الى الوريد من خلال عمليات القصف الوحشية للطائرات الحربية من مختلف أنواع القنابل والصواريخ والنبالم والفسفور الأبيض الأميركية والأوروبية الغربية وربيبتهم إسرائيل، التي أودت حتى لحظة اعلان الاضراب يوم السبت الماضي بحياة نحو 18 الفا من الشهداء، وقرابة تسعة وأربعين الفا من الجرحى، اضف الى عمليات تدمير هائلة طالت نحو 60% من الوحدات السكانية في قطاع غزة، ودحرجة الوضع هناك الى الكارثة الحقيقة مع انعدام ابسط مقومات الحياة، وردا على استخدام واشنطن حق النقض الفيتو يوم الجمعة الفائت (8 ديسمبر 2023) ضد القرار العربي الداعي لوقف الحرب فورا لدواعي إنسانية.

كانت الدعوة للاضراب العالمي يوم أمس الاثنين (11/12/2023) خطوة أممية غير مسبوقة في تاريخ التضامن مع الشعب الفلسطيني، وبغض النظر عن حجم ومدى شمولية الاضراب، فإنها تعتبر انتصارا لفلسطين وشعبها وحقوقه الوطنية، وحقه في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، وارتقاءً الى مستوى المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية والإنسانية تجاه شعب صغير وضعيف، لا يملك سوى إرادة البقاء والحياة والدفاع عن الهوية والشخصية الوطنية، ورفض الظلم والاستعمار الاجلائي الاحلالي الصهيو أميركي الأوروبي الغربي، ومحاربة العنصرية والابرتهايد وعمليات التطهير العرقي والاستعلاء الديني والتغول والاستئثار بما تبقى بين يديه من ترابه الوطني لنفيه واستكمال عمليات التهجير القسري للفلسطيني من وطنه الام.

نعم اعلان الاضراب العالمي "رفضا للحرب على غزة" يعكس أهمية ومكانة الشعب العربي الفلسطيني بالنسبة للعالم، الذي اخذ يكتشف يوما تلو الآخر مدى وحشية الدولة الإسرائيلية اللقيطة، التي زرعها الغرب الرأسمالي في الوطن الفلسطيني عام 1948 دون وجه حق، ودون اعتبار للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتمكنه من انتزاع قرار التقسيم 181 عام 1947 بفضل بلطجته واستخدام نفوذه على العديد من دول العالم، وسقوط بعض القوى الدولية آنذاك في حسابات فئوية ضيقة، ونتيجة ضعف وتبعية الدول العربية لذلك الغرب المتوحش. وأدرك العالم ان ما يجري من عمليات إبادة وحشية طالت ما يزيد على 70% من الأطفال والنساء والشيوخ من مجمل عدد السكان، واستباحة المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والبني التحتية، وقطع المياه والكهرباء والوقود، وتهجير السكان القسري تحت التهديد بالقتل والموت، وفرض العقاب الجماعي ورفض وقف الحرب وفقا للقانون الدولي، ادراكه ان العدالة الإنسانية تنتهك على مرآى ومسمع منهم جميعا من قبل الولايات المتحدة الأميركية والغرب الأوروبي الرأسمالي واداتهم الوظيفية إسرائيل، ما حرك وجدان الضمير العالمي، وهز نبض قلب العالم من اعماقه، ودعا أولئك الابطال من انصار السلام والعدالة الإنسانية الى تمثل دورهم ومكانتهم الإنسانية للرد على قراصنة البحار والمحيطات وغلاة الفاشية والنازية القديمة الجديدة من الصهاينة، ورفع الكرت الأحمر في وجوههم جميعا، والقول لهم: كفى حربا وقتلا وتدميرا لحياة الانسان الفلسطيني، وكفى كذبا وتزويرا للحقائق، وكفى غطرسة وتخندقا في مدارات الغابات وقوانينها، وعودوا لجادة انسانيتكم، واحترموا القوانين والمواثيق والمعاهدات الأممية التي وقعتم عليها، واعيدوا للإنسانية ملامحها وهويتها.

هذا وتكمن أهمية اعلان التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني في دعوة أبناء الشعب وقواه ونخبه السياسية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية والإعلامية والدينية والجندرية الى الوحدة، والكف عن دوامة الانقسام والانقلاب والتخلي عن الاجندات الفئوية والحسابات الضيقة، وتعظيم التماسك والتلاحم بين كل قطاعات الشعب، وتعميق التكافل والتكامل والشراكة في اطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، وتعزيز عوامل الصمود لمواجهة التحديات الصهيو أميركية ومن لف لفها من عرب وعجم، والتقدم بخطى ثابته نحو اهداف ومصالح وثوابت الشعب العليا وصولا لاستقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، وضمان حق العودة للاجئين على أساس القرار الدولي 194 والمساواة الكاملة لابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة.

شكرا من أعماق القلب الفلسطيني النابض بالحياة والامل لكل انسان بغض النظر عن عرقه او لونه او دينه او جنسه او مكانته وخلفيته السياسية والحزبية وهويته الثقافية شارك وساهم في يوم التضامن العالمي، وشكرا أيضا لمن لم يتمكن من المشاركة لاسباب ذاتية وموضوعية، وشكرا لكل نظام سياسي استجاب للدعوة وسمح لابناء شعبه بممارسة حقه في التضامن مع فلسطين وشعبها، وشكرا للأمين العام غوتيريش الذي ساهم في استنهاض الرأي العام العالمي. لان فلسطين ستنتصر بفضل دعمكم واسنادكم للعدالة وبجهود وعطاء أبنائها الابطال المدافعين عن الحرية والاستقلال وتقرير الصمير والعودة والمساواة.

[email protected]

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024