مجزرة وحشية في المعمداني
نشر بتاريخ: 2023-10-19 الساعة: 15:15
عمر حلمي الغول
عشية وصول جو بايدن، الرئيس الأميركي لإسرائيل في زيارة طارئة، وغير مبرمجة، قامت الطائرات الحربية الاسرائيلية في الخامسة والنصف قبل المغرب اول امس الثلاثاء الموافق 17 أكتوبر الحالي بتوقيت القدس بقصف المواطنين العزل، الذين لجأوا للمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) لحماية ذواتهم وابنائهم، مما أدى لوقوع مجزرة وحشية، أودت بحياة 471 شهيدا فورا و28 إصاباتهم خطرة جدا، وما يزيد على 350 جريحا، جلهم من الأطفال والنساء.
كارثة إنسانية يندى لها جبين البشرية، وتتنافى مع ابسط القوانين والأعراف الدولية، وفي اعتداء صارخ ومروع على مستشفى يضم بين جنباته المصابين والأطباء والممرضين، بالإضافة للابرياء الذين أووا اليه لاتقاء موت طائرات وصوارخ وقنابل دولة الابارتهايد، التي القت على محافظات قطاع غزة قرابة عشرة أطنان من القنابل التي تزن مئات الكيلو غرامات من المواد المتفجرة والفسفور الأبيض المحرم دوليا، مما احدث ردود فعل فلسطينية وعربية ودولية سريعة نسبيا رفضا لجريمة الحرب الجديدة، التي هي جزء من جرائم الحرب المتعاقبة خلال الأيام الاحد عشر الماضية.
كانت الأهداف المباشرة من المجزرة الوحشية أولا- التأكيد للرئيس بايدن، ان إسرائيل ماضية في قتل الأبرياء، وكي وعيهم الوطني؛ ثانيا- الدفع بعملية التطهير العرقي للفلسطينيين عن ارض وطنهم الام فلسطين، وارغامهم على الهجرة الى مصر؛ ثالثا- قطع الطريق على القمة الرباعية، التي يشارك فيها الرئيس الأميركي مع زعماء الاردن ومصر وفلسطين في العاصمة الأردنية عمان التي كانت مقررة امس الأربعاء للبحث في تداعيات حرب الأرض المحروقة على القطاع، والعمل على وقف الحرب فورا، وتأمين الحماية الدولية للفلسطينيين، وتأمين ممرات إنسانية لدخول المواد الغذائية والتموينية والطبية واللوازم الصحية، والحؤول دون تهجير السكان الفلسطينيين من وطنهم الام؛ رابعا- التأكيد لابناء الشعب الفلسطيني عدم وجود مكان آمن في محافظات الجنوب بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمؤسسات الحكومية او الأممية الموجودة في القطاع؛ خامسا- الرد على الدعوات العربية والدولية الداعية لوقف الحرب الهمجية المسعورة على الأبرياء، ورفض دعواتها ومناشداتها الانسانية؛ سادسا- عدم التمييز بين المواطنين الأبرياء والمقاتلين، واعتبار كل فلسطيني حي بغض النظر عن عمره او جنسه او دينه او هويته السياسية هدفا لقنابلهم وصواريخهم.
وحققت الكارثة اللاإنسانية في المعمداني بعض اهدافها، بالمناسبة المشفى تابع للكنيسة الارثوذكسية حيث قتلت المئات من أبناء الشعب الأعزل، والغت القمة الرباعية. لاسيما وان ساكن البيت الأبيض اعلن صراحة أيضا، انه قادم لتأكيد دعمه للدولة الإسرائيلية اللقيطة وحكومتها الفاشية، مما دفع الرئيس محمود عباس لاعلان انسحابه من القمه بالتوافق مع اشقائه الملك عبدالله الثاني، والرئيس عبد الفتاح السيسي، واثر ذلك الغت المملكة الأردنية القمة.
ونتيجة ردود الفعل الغاضبة على جريمة الحرب، سعت القيادة الإسرائيلية لتزوير الحقائق، وادعت ان من يقف وراء القصف هي حركة الجهاد الإسلامي، بعد ان اعترف الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، ان طائراتهم هي من قصفت المشفى، عندما اعلن، اننا حذرنا المعمداني بالاخلاء إضافة لخمسة مستشفيات أخر في القطاع، تضارب الروايات الإسرائيلية في اعقاب الكارثة. كما ان سلاح الجو الإسرائيلي قام بقصف وحشي لمستشفى رفح قبل يوم، وبالتالي خيار القصف للمستشفيات الفلسطينية كان جزءا من خطة حرب الموت الإسرائيلية، ووجود المراسلين الإعلاميين وكاميراتهم التي لا ترمش، وشهود العيان من المواطنين اكبر دليل على ان الطائرات الحربية الإسرائيلية، هي من قام بتنفيذ المجزرة.
وللأسف تساوق مع الرواية الإسرائيلية المزورة العديد من وسائيل الاعلام الغربية، وممثلي بعض الدول الغربية، والبعض الاخر دعا لتشكيل لجان تحقيق بما في ذلك الإدارة الأميركية، التي أعلنت انها ستشكل لجنة تحقيق خاصة بها، اسوة بما حصل في جريمة قتل شهيدة الاعلام شيرين أبو عالقة، حاملة الجنسية الاميركية لتمييع وتغييب تحميل دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية المسؤولية عن الجريمة، وقطع الطريق على ملاحقة إسرائيل امام المحاكم الدولية. مما دعا محكمة العدل الدولية ان تطالب الرئيس بايدن بالتوقف عن الدعم الاعمى المعلن لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية، ومن خلاله أيضا رسالة لقادة دول الغرب الرأسمالي.
امام المجازر المتعاقبة على الشعب الفلسطيني التي ذهب ضحيتها ما يقارب 3500 شهيد حتى اعداد هذا المقال مساء امس، وما يزيد على 13500 جريح، فضلا عن التدمير المنهجي للبنية التحتية والاف المساكن والابراج والمؤسسات والمدارس والمستشفيات مطلوب من هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات الصلة وخاصة محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية ومجلس حقوق الانسان الاممي ملاحقة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية على جرائم حربها ضد الأبرياء من الفلسطينيين. لانها مخالفة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي وحقوق الانسان، وعلى الاشقاء العرب استخدام كل أوراق القوة المتوفرة في أيديهم للضغط على الولايات المتحدة ودولة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، وعلى الأقطاب الدولية بإلزام اميركا وربيبتها إسرائيل بوقف الحرب فورا.
mat