الرئيسة/  مقالات وتحليلات

هل يفلح نتنياهو برتق الفتق ؟!

نشر بتاريخ: 2023-04-07 الساعة: 18:30


 موفق مطر 


إن استخدام وسائل وأدوات في  الكفاح الوطني – حتى لو كانت مشروعة في القانون الدولي -  ستكون نتائجها عكسية ، مالم تحسب كل تفاصيل الواقع الراهن في جبهة ( العدو ) بدقة ، فرئيس حكومة منظومة الاحتلال ( اسرائيل ) بنيامين نتنياهو  استغل ماسماها " هجمات صاروخية  من الشمال والجنوب تهدد أمن اسرائيل " للالتفاف على الخصام الشديد مع اركان جيش المنظومة ،  وتحديدا ضباط الاحتياط في سلاح الطيران حيث اعلن كثير منهم رفضهم الأوامر، قبل تأجيل انقلابه على( القضاء الاسرائيلي ) حين طالب بعد رشقة القذائف الصاروخية " بدعوة قوات الاحتياط مع التركيز على سلاح الجو " ، ليس هذا وحسب ، بل زاد أن رئيس المعارضة يائير لبيد اعلن " وقوفه مع حكومة خصمه نتنياهو مادام الأمر يتعلق بأمن اسرائيل " علما ان اللحظة التي سبقت الخبر عن اطلاق حوالي مئة صاروخ على المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة ، وما تبعها مما سمي رشقات صاروخية ( رشيقة ) انفجر معظمها في اراض فارغة ، وما تبعها من رد  اسرائيلي على اراض في لبنان وغزة  فارغة ايضا ! اللحظة السابقة لهذا كله كان الخصام السياسي والاجتماعي  وحتى  المذهبي  اليهودي في المنظومة قد بلغ المساحة البرتقالية  قبل الانقسام والاقتتال ، حتى ان بعضهم قد بدأ ينذر من خطر حرب اهلية ، وآخرون بدأوا يتحدثون عن " تهديد سينال من  وجود اسرائيل " ! لكن هل نجح نتنياهو الترزي الماهر ، بتحويل " الصاروخ " ودخانه الدعائي الاعلامي الى "ابرة وخيط "  لرتق الفتق الأكبر في رداء المنظومة الأسوأ في تاريخ البشرية قبل انكشاف عورتها ؟!.  
إن التبشير بانهيار جيش وحكومة ومنظومة " العدو "  تقزيم  قدراته التي لا تخفى على احد ، وتجاهل أهم قاعدة في الصراع ، وهي وجوب معرفة العدو ، والتعامل مع الحقائق مجردة  ،والحديث بواقعية وموضوعية عن قوة  "العدو " ليس احباطا ولا  تعميما لليأس ، كما يظن البعض المتحمس والمتحمسن ،  فالعكس هو الصحيح شرط تقديم القراءة والرؤية والتحليل للحدث ضمن دائرته وأسبابه  ومبرراته وتداعياته ، ارتكازا على معرفة بفلسفة  وعقيدة ( العدو) العسكرية ، فمنظومة الاحتلال الاستيطاني الاستعماري الصهيوني ( اسرائيل ) مازالت  تتبع فلسفة الردع الدموية التدميرية ، بدون النظر الى التناسب مع السلاح  المستخدم أو طبيعة الحدث وحجمه وخسائره ، وقد انشئت ومازالت  حتى الساعة  تطبق فلسفة  الردع ( الجريمة ضد الانسانية ) و ( جريمة الحرب  ) أي المجازر الدموية ، واجتثاث اشكال الحياة ، لكن حتى هذه العقيدة  العسكرية - التي نعتقد انها ستكون بمثابة عملية تدمير ذاتي على المدى البعيد للمنظومة – يمكن شرحها للمتلقي ، مع بيان قدرة الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية الوطنية على تحديها ، وفشل المنظومة في اخضاعه ودفعه للتسليم والاستسلام ، رغم تطبيق الدولة القائمة بالاحتلال ( اسرائيل ) عقيدة الردع بأساليب قد يكون مصطلح ( الهمجية ) وصفا مخففا، نظرا لفظاعة الجرائم التي يرتكبها جيشها بقرارات من رئاسة حكومتها ومجلسها الوزاري .. فالشعب الفلسطيني أبدع ومازال يبدع اساليب نضال مشروعة، منسجمة مع القوانين والمواثيق الدولية والأممية ، وهدفه انتزاع حريته واستقلاله وحقه في دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس ، لكن هذا الكفاح الممتدة جذوره لأكثر من مئة عام  بأساليب كان كل منها متناسبا مع كل ظرف وواقع ، كان يدفع  قيادته لتقييم كل مرحلة ، واستخلاص الدروس والعبر ، والاتجاه نحو  الغوص أكثر في معرفة  ادق التفاصيل عن تركيبة هذه المنظومة  السياسية الاجتماعية الطبقية والدينية والاقتصادية والعسكرية والأمنية  والخلفيات التاريخية التي اتخذتها ذريعة لاختراع مقولة " الشعب اليهودي " ونعتقد أن الرئيس الدكتور محمود عباس أبو مازن  هو نموذجنا المثالي  في هذا السياق ، فهو صاحب عشرات الكتب والمؤلفات التي تبين لنا حقائق ووقائع هذه المنظومة بالمعلومات الموثقة والمؤرخة باليوم والشهر والسنة ، وكذلك بالأرقام ، وكل ذلك بلغة المؤمن بحق الشعب الفلسطيني التاريخي في ارض وطنه فلسطين ، وبلغة  الواثق بحتمية انتصاره وانتزاع حقه المسلوب بمؤامرة استعمارية دولية كانت الصهيونية  اداة التنفيذ ، فالرئيس أبو مازن  قد كتب :" الطبيعة لا تقبل حجمين في مكان واحد لا يتسع إلا لواحد منهما " لذلك كان لابد من تثبيت مكانة فلسطين بموقعها الجغرافي على خريطة العالم  السياسية والجغرافية وفي القانون الدولي ، حتى لا تتمكن قوى الاستعماري الدولي من تثبيت المشروع الصهيوني الاستيطاني العنصري  كحجم وحيد في فلسطين ، لذلك كانت فكرة توفير مقومات الصمود  والتجذر أكثر بالأرض ، ومنهج المقاومة الشعبية السلمية ، وبالتوازي  النضال في ميادين القانون الدولي ومنظمات  الشرعية الدولية احدى الدروس المستخلصة ، والمؤكد تأثيرها المباشر على منظومة الاحتلال الفاشية ( اسرائيل ) .
 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024