المجد لفرق الانقاذ
نشر بتاريخ: 2023-02-14 الساعة: 14:18باسم برهوم
في مشهد الزلزال المريع، والمرعب، برز الدور العظيم لفرق الانقاذ، هم أناس مختلفون عنا جميعا، لا يبرحون أكوام الركام الهائلة، التي لا تحصى، يخاطرون بحياتهم لينقذوا حياة إنسان من فم غول الموت الشره، يواصلون حراكهم الصعب بدأب في البرد القارص في عتمة الليل، مع أول نور للفجر هم هناك لا ييأسون ولا يفقدون الامل، وكأنهم جيش من الملائكة هبط من السماء. أروع ما في مشهد هؤلاء المنقذين الرائعين هو فرحتهم، بل سعادتهم الغامرة عندما ينتشلون طفلا لا يزال على قيد الحياة، في لحظة الفرح هذه ينسون ما أصابهم من تعب وإرهاق وبرد، يتسابقون على حمل الطفل وينظرون إلى عينيه كأنه مولود جديد جاء الى هذه الدنيا.
أي بشر هم هؤلاء؟ ربما هم بسطاء، أو متعلمون، عمال أو فلاحون، وقد يكون من بينهم مهندسون أو شعراء، وكتاب، أصحاب عائلات أو عزاب، إلا أنهم جميعا استثنائيون من طينة مختلفة من البشر، يقفزون فوق حطام المباني كالفراشات، يدخلون رؤوسهم تحت بقيا الجدران، والسقوف، لعلهم يشاهدون، أو يسمعون أو يشتمون رائحة حياة بين الركام. من بينهم كثيرون لم يمارسوا الانقاذ من قبل، تحركوا بدافع انسانيتهم، وبعضهم بدافع أن ينقذ صديقا أو قريبا او طفلا كان يراه يلعب في الازقة الضيقة قبل يوم أو يومين.
لعل اكثرهم لفتا للنظر أولئك المنقذون في الريف السوري، الذين كانوا يحاولون بأيدهم العارية، دون ادوات ومعدات، وحتى بلا ملابس مناسبة تمنحهم شيئا من الدفء في البرد القارص. وإلى الشمال قليلا منقذون من جنسيات متعددة تركوا حياتهم المريحة ليمدوا يد العون للمنكوبين.
بالتأكيد الشعب الفلسطيني، وكل الشعوب، قد شعروا بالفخر عندما ينضم شبابهم الى جيش المنقذين، شباب فلسطيني رائع، رأيناهم الى جانب منقذين أخرين ينبشون في الركام بحثا عن أحياء. ليس هناك أجمل من التضامن الانساني في أوقات المحن وهو تضامن بالضرورة أن يبقى بعيدا عن أي تسييس، وعن الاحقاد التي تبدو كم هي غير ضرورية، أمام الكوارث الكبرى.
ربما نحتاج أن يصبح الإنقاذ تقليدا شعبيا، درسا في المدارس والجامعات، أو دورات متواصلة ينظمها الدفاع المدنين بشكل مستمر في بلادنا فلسطين، لمن يرغب في التطوع بهذا العمل الانساني العظيم، أن تمتلك المجتمعات خططا للطوارئ، قد تتطور أفكارنا الانقاذية لتكون الفرق التي نعدها فرقا تستبق الكوارث، تتحول الى مجموعات مجتمعية، رقابية، على بناء العمارات والمنازل والبنى التحتية، فيمكن بل يجب أن ننقذ حياة الناس قبل وقوع الكارثة. كما يمكن أن نحول عمل فرق الانقاذ إلى ثقافة مجتمعية وقائية، وان تشمل توجهاتنا مسألة الحفاظ على البيئة كي لا نغضب الطبيعة، ولكن من الأن وحتى نحقق الاهداف المشار اليها، نقول مرة أخرى المجد، كل المجد للابطال في فرق الإنقاذ إنهم يستحقون كل ثناء وتقدير.
mat