الرئيسة/  مقالات وتحليلات

هرتسل إلى فيينا ...

نشر بتاريخ: 2022-11-06 الساعة: 12:13

كلمة الحياة الجديدة

 


دبّت نار الفاشيّة في إسرائيل، وهذا ليس كلامنا، إنه كلام أبرز الصحف   الإسرائيلية، الذي بدا كمثل نواح، وهي تقول إن نتنياهو "سيغير وجه الدولة" كما جاء في صحيفة "يديعوت أحرونوت" التي كتب محللها السياسي "ناحوم برنياع"   (لقد بزغ عهد آخر معاد لليبرالية، حريدي، قومي، هدام، وبالإمكان إرسال رفات واضع فكرة الدولة اليهودية "ثيودور هرتسل" إلى موطنه الأصلي في فيينا، ورفات "بن غوريون" إلى مسقط رأسه في "بلوسنك" وفي إدراك بالغ لحقيقة المخاطر التي باتت تهدد أمن الداخل الإسرائيلي، يقول "برنياع":  "لدى النخب السياسية الجديدة، رغبة قوية، حقيقية، بإنهاء الحساب، والانتقام من 75 عاما من الإقصاء، فهم أطفال يهود اليمن، المخطوفون الحقيقيون، والضحايا الأبديون لمؤسسي الدولة".

من جهتها، عنونت صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها بعد صدور نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة "انتصرت الكهانية" ومحللها العسكري عاموس هرئيل كتب  يقول "اختار نتنياهو أن يدخل مشعلي النيران المركزيين من الصهيونية الدينية إلى الحلبة" ..!!

قبل هذا الكلام لهذه الصحف، كتبنا هنا أن أكثر من عليه أن يقلق من نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، هو المجتمع المدني الليبرالي الإسرائيلي، وحسب "ناحوم برنياع"  فإن "التخوفات حقيقية".

واقع الدولة الدينية مع الحريديم القومي الهدام، أصبح اليوم هو واقع دولة إسرائيل، وكل دولة دينية، هي دولة إقصائية، لا ضد الآخر الديني فحسب، بل وحتى ضد مخالفي مذهبها الرئيس من مواطنيها، ومن هنا تبرز المخاوف الحقيقية، والحقيقة أن هذا الواقع لم يتكون هكذا على نحو مفاجئ، بل إن قانون قومية الدولة الذي أقره الكنيست عام 2018 كان هو بداية التكوين لهذه الدولة، وفي إطارها التوراتي بصورة لا تقبل أي تاويل ...!! ما من صهيونية علمانية، ولا ديمقراطية،  بعد اليوم وحقا بات من ضرورات "نقاء" الدولة الدينية إعادة رفات "هرتسل" و"بن غوريون" إلى موطنيهما الأصليين.

سنذكر هنا "برنارد لويس" اليهودي البريطاني، الأميركي، صاحب مخطط تفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية، وتحويلها إلى كيانات طائفية، ومذهبية، وعرقية، ونذكره لأنه هو، وفق هذا المخطط، صاحب الدولة الدينية، ومنظرها الأساس، وإن تبدأ اليوم بإسرائيل فلكي يجري تعميمها في المنطقة العربية من أجل تفتيتها إلى محض كانتونات طائفية، وثمة من في هذه المنطقة من يسعى لذلك (...!!)     وهذا ما يحقق لإسرائيل الدولة الدينية، لا الأمن فقط، وإنما التوسع كذلك، وعلى من طبعوا معها أن ينتبهوا لهذه الحقيقة.

نعرف أن نار الفاشية التي دبت في إسرائيل، ستطالنا بصورة أو بأخرى، على أننا نعرفها فهي نار الاحتلال والعدوان، التي واجهنا، وما زلنا نواجهها منذ أكثر من سبعين عاما، وما استطاعت أن تحرق شيئا من عزيمتنا وقرارنا في الصمود، والتحدي والكفاح، في سبيل حريتنا واستقلالنا، لن نقلق كثيرا ونحن في خضم الصراع،  ولطالما قلنا إما فلسطين الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية، وإما النار جيلا بعد جيل، وها هي نار الفاشية تؤكد ذلك لكن من جهة أنها النار التي ستأتي على أصحابها، وهذا ما يقوله الإسرائيليون اليوم وإن كان في تلك الصحف الليبرالية، وحتى نتنياهو، وإن لم يكن ليقول ذلك بكلمات مباشرة، وهو يتخوف من عزلة دولية إذا ما جاء بابن غفير إلى حكومته ..!!  

رئيس التحرير

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024