الرئيسة/  مقالات وتحليلات

إسرائيل تنتخب الفساد والفاشية

نشر بتاريخ: 2022-11-03 الساعة: 12:06

عمر حلمي الغول

 


نتيجة هامة أفرزتها الانتخابات الإسرائيلية أمس الأول للكنيست الـ25، وهي تشابه وتطابق نتائج الانتخابات مع طبيعة المجتمع الإسرائيلي، وخروج الصورة متماثلة مع كينونة ومركبات وأهداف دولة المشروع الصهيوني الكولونيالي، بتصويت الشارع الإسرائيلي للفساد والفاشية تماهى تماما مع الحقيقة الصهيونية ودولتها غير الشرعية والقائمة على التزوير والنهب والتهويد والمصادرة والكراهية والعنصرية والإرهاب المنظم؛ لأن صوت وصدى الشارع الصهيوني هو الانعكاس الطبيعي للنخب الحزبية والسياسية والدينية في دولة التطهير العرقي.

أيا كانت النتائج الانتخابية النهائية، ومهما كانت التغييرات النسبية في حال تجاوز حزب "ميرتس" نسبة الحسم، فإنها لن تغير من الحقيقة الماثلة لدولة قراصنة العصر الحديث، دولة الخليط من الفساد الديني والسياسي والقانوني والأخلاقي والقيمي، ودولة الشريعة للإخوان الصهاينة. كما تؤكد نتائج الانتخابات، التي منحت الملك الفاسد العودة لسدة الحكم، الملاحق بأربع قضايا فساد في المحاكم الإسرائيلية، ولأقرانه من الصهيونية الدينية الفاشيين بن غفير وسموتيريتش، أحفاد الحاخام كهانا ليصبحوا الكتلة الثالثة في الكنيست بحصولهم على خمسة عشر مقعدا، وليكونوا المقرر في التشريع لعملية التطهير العرقي في الكنيست الـ25 ضد أبناء الشعب الفلسطيني، ليس في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة فقط، بل ضد عموم أبناء الشعب في فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر، خاصة أن الغلبة الآن في البرلمان للاتجاهات الصهيونية الدينية، ومنها حزبا شاس ويهوديت هتوراة، والليكود بقيادة بنيامين نتنياهو غادر "العلمانية" منذ زمن، واقترب حتى التماثل مع تلك القوى الحريدية المتطرفة.

وحقيقة هامة على كل مراقب إدراكها، حتى القوى الصهيونية، التي تدعي أنها خارج التوجهات الدينية، وتتصف بالعلمانية، هي أسيرة حاخامات الدولة من الأشكناز والسفارديم، ولا تخرج عن مشيئتهم وتوجهاتهم، والاندماج ما بين الديني والسياسي؛ (لأن البعد الأيديولوجي الشكلي، الذي كان الصهاينة يدعونه فيما مضى، تبين أنه ليس سوى بدعة كبيرة لا أساس له في الواقع، لا سيما أن التمايز بين القوى يكمن في الاجتهادات في بلوغ الهدف الاستراتيجي للدولة المارقة والخارجة على القانون، وهذا موجود داخل الحزب الواحد) والخلط والاختلاط فيما بينهم ينسجم مع الأساس الناظم لوجود وبناء دولة النبت الشيطاني الصهيونية.

نعم، الناخب الصهيوني كان منسجما ومتصالحا مع نفسه، ومع هويته، ومع ثقافته وقيمه الاجتماعية والسياسية والدينية، حينما صوت لقوى اليمين والحريديم المتطرف والفاشية، فأعاد نتنياهو وسارة ويئير لحكم بلفور، وكرس بن غفير وسموتيريتش في مقاعد الكنيست مع أقرانهم الفاشيين، جميعهم محمولون على نعش الدولة الصهيونية، وإن بدا لهم أنهم باتوا يسيطرون على مقدرات الدولة الاستعمارية. بيد أن الحقيقة الماثلة من نتائج الانتخابات أمس الأول، تشي بأن هذا الصعود لقمة الهرم في الدولة الإسرائيلية لقوى الفاشية، هو بالضبط نقطة الذروة في المشروع الصهيوني، وأحد أبرز معالم الأزمة العميقة للمشروع ودولته.

كما أن المفارقة الهامة، التي حملتها الانتخابات الأخيرة، لا تقتصر على ما تقدم، إنما أسقطت هيبة ومكانة جنرالات الحرب الصهاينة، الذين لم يحظوا باهتمام جمهور اليمين والحريديم، ولا حتى بالنخب الإسرائيلية من التيارات الأخرى. مع أن حصة الجنرالات تاريخيا منذ تأسيس الدولة حتى الأمس القريب كانت عالية، ولهم سطوة في أوساط المجتمع الاستعماري. لكن هذه السمة آخذة في التراجع والاضمحلال، وسقطت هيبة قادة الجيش أمام الفاشيين وأضرابهم.

أيضا انكشف المستور وسقط خيار "الديمقراطية" في الانتخابات الأخيرة، (مع أنه لا ديمقراطية في المجتمع الكولونيالي، حتى لو كل يوم أجرى انتخابات؛ لأن المجتمع الإسرائيلي يقوم ويرتكز على استعباد واستعمار شعب آخر) وإن كانت قوى اليمين الفاشي والحريديم وصلت عبر صناديق الاقتراع، لكن قد تكون الانتخابات النهائية، أسوة بمدرسة الإخوان المسلمين؛ لأن الفاشيين حسب سموتيريتش فازوا بمباركة الرب، أسوة بالحكومة الربانية. وبالتالي لم يعد لأدعياء الغرب الرأسمالي المتفاخرين بالدولة التي أسسوها على أنقاض نكبة الشعب الفلسطيني في 1948، وأَصلوا لها من بداية القرن العشرين، واعتبروها "أيقونة الديمقراطية في الشرق الأوسط" ما يغطون به رؤوسهم من عار صعود الفاشية وعودة الملك الحاوي والفاسد بامتياز لسدة الحكم.

انتخابات إسرائيل للكنيست الـ25 خطوة إضافية للأمام نحو الحرب الأهلية في دولة الجريمة والإرهاب المنظم الصهيونية. وإن غداً لناظره قريب.

[email protected]

 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024