الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الغاء قوانين معاقبة مقاطعي إسرائيل في أمريكا حق يكفله الدستور الأمريكي ‏

نشر بتاريخ: 2022-10-25 الساعة: 13:18

بقلم:المحامي علي أبوهلال * ‏


على الرغم من تأييد الإدارة الأمريكية المطلق لحكومة لاحتلال الإسرائيلي وسياستها العدوانية للقضية ‏الفلسطينية والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، تنشط كبرى المنظمات الحقوقية في الولايات المتحدة ‏الأمريكية، ضد الإجراءات والقوانين الأمريكية التي تقضي بمعاقبة مقاطعي إسرائيل، وفي هذا الصدد ‏رفعت كبرى المنظمات الحقوقية في الولايات المتحدة الأميركية خلال الأسبوع الماضي قضية أمام المحكمة ‏الفدرالية العليا، تطالب بمراجعة حكم صدر عن المحكمة العليا في ولاية أركنساس يسمح بمعاقبة الشركات ‏التي تقاطع إسرائيل‎.‎‏‏
حيث تقدم الاتحاد الأميركي للحريات المدنية‎ (ACLU) ‎بالتماس يطلب من المحكمة العليا النظر في ‏القضية، كون قرار محكمة الاستئناف في أركنساس ينتهك التعديل الأول للدستور الأميركي الذي يحمي ‏الحق في حرية التعبير. وجاء في الالتماس الذي قدمه محامو اتحاد الحريات المدنية إنه "عندما تقرر ولاية ‏حق معاقبة من يقاطعون جهة ما بعقوبات خاصة كما فعلت ولاية أركنساس هنا، فإن ذلك لا ينتهك فقط ‏الحق في المقاطعة بل أنه ينتهك أيضا الحق الأساسي الذي يفرضه التعديل الأول على التمييز في ‏المحتوى ووجهة النظر‎".‎
يذكر إن عديدا من الولايات الأمريكية تستخدم القوانين والأوامر التنفيذية الخاصة بمناهضة المقاطعة لمعاقبة ‏الشركات التي ترفض التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الأرضي الفلسطينية المحتلة. ‏فقد تبنّت 27 ولاية قوانين أو سياسات تعاقب الشركات أو المنظمات أو الأفراد الذين يشاركون في مقاطعة ‏إسرائيل أو يطالبون بذلك. لا تستهدف القوانين أو السياسات في 17 من تلك الولايات بشكل صريح ‏الشركات التي ترفض القيام بأعمال تجارية داخل إسرائيل أو معها فحسب، بل تستهدف أيضا الشركات التي ‏ترفض القيام بأعمال تجارية في المستوطنات الإسرائيلية، بعض الولايات التي لا تنطبق قوانينها بشكل ‏صريح على المستوطنات عاقبت أيضا الشركات التي قطعت علاقاتها بالمستوطنات. ‏
أما الولايات التي تعتمد قوانين مناهضة لـ "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" فهي ‏‏"ألاباما، أريزونا، أركانساس، كاليفورنيا، كونيتكت، فلوريدا، جورجيا، أيداهو، إيلينوي، إنديانا، آيوا، كنساس، ‏لويزيانا، مريلاند، ميتشيغان، مينيسوتا، ميسيسيبي، نيفادا، نيوجيرسي، نيويورك، نورث كارولاينا، أوهايو، ‏بنسلفانيا، رود آيلند، ساوث كارولاينا، تكساس، وويسكونسين".‏
تعتبر قوانين مناهضة المقاطعة في الولايات المتحدة هي جزء من حملة تتصاعد عالميا بقيادة إسرائيل ‏وداعميها لمحاربة المؤيدين المحتملين لحركة المقاطعة، ويذكر أن حركة المقاطعة تدعو إلى مقاطعة ‏‏إسرائيل حتى تُنهي الاحتلال، وتقرّ بالحق المعترف به دوليا للاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم ‏التي طُردوا منها.‏
اعتمد "الكنيست" الإسرائيلي عام 2011 قانونا يسمح للأشخاص برفع دعاوى وطلب جبر الضرر ضدّ كل ‏من يدعو علنا إلى مقاطعة إسرائيل، التي تُعرَّف على أنها تشمل المستوطنات. ‏
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، أيدت محكمة استئناف فيدرالية أميركية، قانون ولاية أركنساس الذي يطالب ‏جميع المتعاقدين العموميين بأن يتعهدوا بأنهم لن يقاطعوا إسرائيل، مما ألغى حكماً سابقاً بأن التشريع ‏ينتهك التعديل الأول في الدستور الأميركي‎.‎‏ وفي عام 2017، أمرت ولاية أركنساس جميع الوكالات العامة ‏بعدم التعامل مع المقاولين ما لم يؤكدوا أنهم لا يقاطعون إسرائيل‎.‎، وتعقيبا على القرار قال بريان هوس، ‏محامي الموظفين في الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، إن رأي القضاة كان خاطئاً، مضيفًا أنهم يعتزمون ‏استئناف القضية في المحكمة العليا‎.‎‏ وقال هوس عن القرار "إنه يتجاهل حقيقة أن هذا البلد تأسس على ‏أساس مقاطعة البضائع البريطانية وأن المقاطعات كانت جزءاً أساسياً من الخطاب السياسي الأميركي منذ ‏ذلك الحين". وأضاف: "نأمل ونتوقع أن المحكمة العليا ستضع الأمور في نصابها الصحيح وتعيد تأكيد ‏التزام الأمة التاريخي بتوفير حماية قوية للمقاطعات السياسية‎".‎
علما أن "مجلس الشيوخ" الفيدرالي قد أقر في يناير/كانون الثاني 2019، مشروع قانون يدعم مناهضة ‏الولايات للمقاطعة، بما فيها تلك التي تشمل النشاط التجاري في المستوطنات، بعد ذلك قدم مشرّعون ‏فيدراليون قرارات في مجلسَيْ الشيوخ والنواب لإدانة مقاطعة إسرائيل، لكن لم تصبح أي من هذه المبادرات ‏قانونا فيدراليا بعد.‏
ان مبادرة الاتحاد الأميركي للحريات المدنية‎(ACLU)‎‏ التقدم بالتماس يطلب من المحكمة العليا النظر في ‏القضية، يشكل خطوة هامة لإلغاء قرار معاقبة مقاطعي "إسرائيل"، كون قرار محكمة الاستئناف في أركنساس ‏ينتهك التعديل الأول للدستور الأميركي الذي يحمي الحق في حرية التعبير، وهو يتناقض أيضا مع حق ‏الأفراد في التعبير عن آرائهم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما فيها حقهم المشاركة في المقاطعة، ‏لأنها شكل مشروع من أشكال التعبير، تحميها المادة 19 (2)" من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية ‏والسياسية"، علما أن التشريعات المناهضة للمقاطعة "تهدف بوضوح إلى مناهضة التعبير السياسي" وإن ‏‏"العقوبات الاقتصادية المصممة لقمع وجهة نظر سياسية معينة" لا تفي بالشروط المنصوص عليها في ‏العهد الدولي لفرض قيود على حرية التعبير.‏
‏*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي. ‏

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024