الرئيسة/  مقالات وتحليلات

إسرائيل دولة فصل عنصري ..جريمة تستوجب المسؤولية الجنائية الدولية

نشر بتاريخ: 2022-07-06 الساعة: 12:23

 

بقلم: المحامي علي أبوهلال * ‏ 

 

في تطور هام تجاه الحقوق الوطنية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، اعتبرت منظمة الكنائس ‏المشيخية في الولايات المتحدة أن إسرائيل دولة فصل عنصري، وأكدت المنظمة أنها ستصوت اليوم الثلاثاء ‏الخامس من شهر تمور/يوليو الجاري، في مؤتمرها العام، على مشروع قرار يعتبر إسرائيل دولة فصل ‏عنصري، ويشبه معاملتها للفلسطينيين بتعامل نظام ادولف هتلر النازي مع اليهود، ويتهم القرار إسرائيل ‏بسرقة إمدادات المياه الفلسطينية لصالح المستوطنات اليهودية و"إنكار حق الفلسطينيين في حرية الإقامة‎".‎


القرار ينص أيضا على أن حكومة الفصل العنصري في إسرائيل "تقسم السكان على أسس عرقية من خلال ‏إنشاء محميات منفصلة و"غيتوات" للفلسطينيين‎"‎، وفي أحد البنود يشير القرار إلى أنه من الخطأ أن "لا ‏ينتقد أعضاء الكنيسة سياسات إسرائيل، بسبب تاريخ الهولوكوست النازي وفشل العديد من المسيحيين في ‏التحدث علانية عن الهولوكوست في ذلك الوقت‎.‎‏ ويشمل القرار الاعتراف بيوم النكبة في ١٥ أيار وتنظيم ‏فعاليات سنوية للتثقيف عنه‎.‎


من المتوقع ان يتم التصويت بالأغلبية لصالح هذا القرار الهام على ضوء تمرير غالبية المؤتمرات الفرعية ‏للكنيسة التي عقدت اجتماعاتها خلال الأشهر الست الماضية، قرارات مشابهة بنسبة موافقة تصل الى ‏‏٨٠‏‎%.


وجاءت هذه التوقعات إثر تنفيذ أنصار الحق الفلسطيني حملة متواصلة، منذ أكثر من عامين للدفع باتجاه ‏التصويت على القرار وسيتواجدون خلال المؤتمر‎.‎


ومن الجدير بالذكر ان لجنة الدعوة للمساواة العرقية داخل الكنيسة أيدت القرار بالتوصية بأن تستبدل الإشارة ‏إلى "معاداة السامية" بكلمة "معاداة لليهود" لأنها تعتقد أن معاداة السامية "تشمل مجموعات أخرى من الناس ‏بالإضافة إلى أشقائنا اليهود‎".‎‏ ويبلغ عدد اعضاء الكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة الأمريكية نحو ‏مليوني أميركي‎.‎


لا شك ان هذا القرار يعتبر تطورا هاما في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر الدولة الأكبر في العالم ‏والتي تقدم الدعم السياسي والاقتصادي والمالي والعسكرية لدولة الاحتلال منذ قيامها حتى اللآن، وقد يفتح ‏هذا القرار الباب لدى العديد من المنظمات الأمريكية أن تحذو حذو هذه المنظمة في تصنيف إسرائيل دولة ‏فصل عنصري خاصة بعد أن اعتبرت منظمة العفو الدولية " أمنستي" ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" اسرائيل دولة ‏فصل عنصري منذ بداية هذا العام.‏


وكانت منظمة العفو الدولية " أمنستي" قد أعتبرت في تقرير لها أصدرته في مطلع شهر شباط/ فبراير ‏الماضي تحت عنوان "نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، أن إسرائيل هي نظامٌ ‏قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية"، وإن إسرائيل متورطة في "هجوم واسع النطاق موجه ضد ‏الفلسطينيين يرقى إلى جريمة الفصل العنصري ضد الإنسانية‎".‎


كما اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إسرائيل بالتمييز ضد الفلسطينيين في جميع المناطق الواقعة تحت ‏سيطرتها، ويؤكد التقرير أن "جميع الإدارات المدنية والسلطات العسكرية في إسرائيل تقريبا" متورطة "في ‏تطبيق نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل وفي الضفة الغربية وقطاع غزة"، ‏وكذلك "ضد اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم خارج الإقليم‎".‎


ودعت منظمة العفو الدولية المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في جريمة الفصل العنصري في التحقيق ‏التي تنوي القيام به في الأرض الفلسطينية المحتلة، كما دعت جميع الدول إلى ممارسة الولاية القضائية ‏العالمية لتقديم مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة‎.‎‏ وقالت: "لا يوجد مبرر محتمل لنظام مبني على ‏القمع العنصري المؤسسي والمطول لملايين الناس. لا مكان للفصل العنصري في عالمنا، والدول التي ‏تختار السماح بإسرائيل ستجد نفسها في الجانب الخطأ من التاريخ‎". ‎وأضافت: "الحكومات التي تواصل ‏تزويد إسرائيل بالسلاح وحمايتها من المساءلة في الأمم المتحدة تدعم نظام الفصل العنصري، وتقويض ‏النظام القانوني الدولي، وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني. يجب على المجتمع الدولي مواجهة واقع الفصل ‏العنصري الإسرائيلي، والسعي وراء العديد من السبل لتحقيق العدالة التي لا تزال غير مكتشفة بشكل ‏مخجل‎".‎


ينبغي مواصلة الحملة الوطنية والدولية سواء على صعيد حكومات الدول أو المنظمات الحقوقية ومؤسسات ‏المجتمع المدني، وغيرها من المؤسسات والمنظمات لإعلان إسرائيل نظام "فصل عنصري" يمارس كافة ‏أشكال السياسات والممارسات العنصرية بحق الشعب الفلسطيني، وهذه الممارسات تعتبر جريمة دولية ‏تستوجب العقاب لدى المحكمة الجنائية الدولية وفقا لنظامها الأساسي، ولدى القضاء الجنائي الدولي في ‏العديد من الدول ضمن اختصاصها الجنائي العالمي. ‏


‏*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.‏ 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024