النقب وبينيت والجدار الحديدي
نشر بتاريخ: 2022-01-30 الساعة: 14:58
عمر حلمي الغول
النقب يوما تلو الآخر يكرس حضوره الوطني عبر الكفاح المتواصل للدفاع عن مكانة أبنائه الأبطال، وقراه غير المعترف بها، والقرى التي يجري هدمها مرة تلو الأخرى حتى وصل نموذجها في قرية العراقيب لحوالي 200 مرة، وفي الدفاع عن المعتقلين في سجون دولة الإرهاب المنظم، والأهم في مواجهته الباسلة والشجاعة لمشاريع التهويد والتطهير العرقي وآخرها مشروع "الغرس" و"التحريش" أو "التشجير"، والذي وصل إلى طريق مسدود أمام صمود وإرادة جماهير النقب الفولاذية، والمدعومة من كل أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات والمهاجر عموما وفي الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة خصوصا، الذين سيكونون اليوم الأحد على موعد للخروج بتظاهرة شعبية كبيرة أمام بيت رئيس الوزراء الإسرائيلي دفاعا عن النقب ككل والقرى المهددة بالتطهير العرقي وعن أبنائه المتجذرين منذ قرون طويلة على أرضهم.
وأمام هذا التحدي المتميز للفلسطينيين في مدن وقرى النقب اعترف رئيس الوزراء، نفتالي بينيت بالعجز عن مواجهة المواطنين الفلسطينيين في الصحراء الفلسطينية عقب الأحداث الأخيرة تحديدا في قرى السياج.
وقال زعيم حكومة التغيير خلال مقابلات صحفية نقلتها القناة "12": "إنه يوجد عدم قدرة على حكم المواطنين العرب في النقب، مهددا بإقامة جدار حديدي ضدهم". واعترف اليميني المتطرف من الصهيونية الدينية بعظمة كفاح أبناء فلسطين النقبيين، حينما أكد فقدان السيطرة على تطور العملية النضالية لأبناء النقب في مواجهة مخطط التطهير العرقي، ومما قاله "إنه في العشرين عاما الأخيرة فقدت إسرائيل بقدر كبير النقب، بسبب غباء الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة". وأشار إلى تصميمه الاستعماري على تهويد أراضي أبناء الشعب في النقب، بقوله "إنه أوعز بتحريش المناطق التي يسكنها بدو النقب، رغم المعارضة الشديدة لهذا الخيار من قبل الجماهير (الشعبية وقواها الحية)". وأردف "إنه دفع بمئات العناصر من قوات الشرطة وغيرها من الأجهزة الأمنية لقمع المعارضة الوطنية الفلسطينية للمخطط الاستعماري الجديد".
وأعاد المضي قدما باستحضار جرائم الحصار والتطويق والعزل والفصل العنصري، كما حصل عندما تبنت حكومات إسرائيل السابقة بناء جدار الفصل العنصري حول مدن الضفة الفلسطينية وفي مقدمتها القدس العاصمة الأبدية، ومؤخرا فعلتها حكومة نتنياهو الأخيرة في بناء الجدار الحديدي حول قطاع غزة، حين كرر (بينيت) تصميمه على الاندفاع نحو "إقامة جدار حديدي، في حال عجزت (حكومته وقواته الأمنية) في بسط سيطرتها على السكان هناك، ليس هذا فحسب، بل إنه عكس عنصريته ضد الجماهير الشعبية الفلسطينية، عندما اعتبر "وجودها يشكل تهديدا حقيقيا لإسرائيل". وهو ما يعني تلويحا بعصا القتل والمجزرة والغيتو الباستيلي (السجون).
ومن سياق مواقفه العدوانية تجاه أبناء الشعب الفلسطيني في النقب، يتضح جليا، أن حكومته الاستعمارية لن تتراجع عن خيارها العنصري الاستعماري في تهويد أراضي النقب، التي لم يبق منها سوى 5% أو يزيد قليلا عن ذلك من مجمل ما يزيد على 14 مليون دونم من الأرض، وهو ما يعني تطهير السكان الفلسطينيين من قراهم ومدنهم بشكل نهائي إن أمكن، أو تقليص عددهم إلى ما دون الثلاثين بالمئة من الـ300 ألف فلسطيني، الذين ما زالوا منغرسين في أرض الآباء والأجداد.
ومن يبقى منهم، إن قدر لبعضهم البقاء ستتم محاصرتهم وتطويقهم بالحديد والقيود، ووضعهم في غيتوهات جديدة بشكل تعسفي بعيدا عما تدعيه الدولة الاستعمارية الإسرائيلية، من أنها "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، وهو ما يكرس طابعها وسمتها كدولة فصل عنصري، دولة إرهاب دولاني منظم، لا تأبه بالقانون ولا بمعايير حقوق الإنسان، ولا بأية أعراف أو قيم ومواثيق دولية. الأمر الذي يفرض على الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان الأممي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التدخل المباشر لوقف جريمة الحرب الإسرائيلية الجديدة، وانتزاع فتيل دوامة العنف القائمة والمتصاعدة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وإيجاد حماية دولية لهم، أو فرض عقوبات على الدولة الإسرائيلية المارقة والخارجة على القانون لإسقاط مشاريع أسوارها وجدرانها الحديدية العنصرية وعصاباتها من أجهزة أمنها المنفلتة من عقالها للإيغال في الدم الفلسطيني في النقب، كما يجري بشكل متواصل في أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 وفي عاصمتها القدس الشرقية.
mat