تهديدات بن غفير العنصرية للأسير القواسمي
نشر بتاريخ: 2021-10-26 الساعة: 23:51
بقلم: المحامي علي أبو هلال
اعتاد عضو الكنيست اليميني المتطرف إيتمار بن غفير القيام بجولات عنصرية استفزازية للتجمعات والمواقع الفلسطينية والعربية في القدس وفي الأراضي الفلسطينية عام 48، تستهدف الحاق الأذى والضرر بالفلسطينيين، والتعبير عن الكراهية والعداء السافر لهم، وفي إطار هذه الممارسات العنصرية قام بن غفير، ظهر يوم الثلاثاء الماضي 19/10/2021، بزيارة استفزازية إلى مستشفى “كابلان” في مدينة رحوفوت، إذ يرقد الأسير حازم مقداد القواسمي (28 عاما) المضرب عن الطعام منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وحاول اقتحام غرفته حيث يخضع للعلاج في المستشفى، إذ طرأ تراجع على حالته الصحية حتى أنه أصبح غير قادر على الكلام إلا بالهمس والإشارة من شدة الآلام التي يعاني منها، وتصدى للمتطرف العنصري بن غفير عدد من الفلسطينيين والمتضامنين مع القواسمي من بينهم رئيس القائمة المشتركة، النائب أيمن عودة ومنعوه من الوصول لغرفة الأسير القواسمي.
تجدر الإشارة إلى أن الأسير القواسمي قرر الاستمرار في إضرابه رغم صدور قرار من محكمة إسرائيلية بتجميد اعتقاله، إلا أنه أصرّ على الإضراب حتى إلغاء الاعتقال الإداري بالكامل. ولا تستطيع عائلة القواسمي نقله إلى أي مستشفى آخر، رغم تراجع حالته الصحية ويعاني القواسمي من ضيق في التنفس وآلام حادة في كافة أنحاء جسده، ولا يكاد يقوى على الوقوف على قدميه، ونقص وزنه ما يزيد عن 15 كيلوغراما، وحياته معرضة للخطر، ويعاني من مرض الشقيقة ومشاكل صحية في المعدة والعيون. وقد اعتقل القواسمي مرات عدة، وأمضى نحو 4 أعوام في سجون الاحتلال بين أحكام واعتقالات إدارية كانت أولها عام 2015.
محاولة اقتحام بن غفير لغرفة الأسير المضرب عن الطعام وهو في حالة صحية خطيرة في المستشفى، تعبر عن قمة الحقد والكراهية ليس فقط تجاه العرب والفلسطينيين، بل تعبر عن العداء لكل البشر والإنسانية.
وكان مسؤول الشرطة الإسرائيلية قد اتهم بن غفير بصب الزيت على النار في مدينة القدس المحتلة، والوقوف بشكل من الأشكال وراء المظاهرات التي أشعلت شرارة الهبة الفلسطينية ضد ممارسات الاحتلال في شهر أيار الماضي، وقال كوبي شبتاي، مسؤول الشرطة الإسرائيلية خلال اجتماع مع بنيامين نتانياهو في ذلك الوقت، أن “النائب الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف ومناصريه هم السبب في وقوع أعمال عنف في مدينة القدس، وهم من أثاروا غضب الفلسطينيين”.
ومن بين الأعمال الاستفزازية التي قام بها هذا النائب العنصري المتطرف، فتح مكتب تمثيلي للحزب الذي ينتمي إليه في حي الشيخ جراح في مدينة القدس، والذي تحول إلى رمز للاحتلال الإسرائيلي. وإضافة إلى هذا، قام مناصرو النائب إيتمار بن غفير من حركة “لاهافا”، وهي حركة تنشط لمنع الزواج بين اليهود وغير اليهود، بصب الزيت على النار حينما كانوا يرددون “الموت للعرب” قرب باب العامود، في القدس المحتلة.
تاريخ بن غافير حافل بالنشاطات والممارسات العنصرية، وهو من أصول يهودية شرقية لوالد من جذور عراقية ووالده من كردستان، كانت أمه ناشطة في الحركة الصهيونية المعروفة بـ “التنظيم الوطني العسكري” (إيتسل) التي أُسست عام 1931، وشاركت في عمليات إرهابية ضد الفلسطينيين قبيل وخلال النكبة.
وجه القضاء الإسرائيلي أكثر من خمسين مرة لإيتمار بن غفير تهمة “نشر الكراهية”، حيث درس الحقوق ليصبح بعد ذلك محاميا “يدافع عن نفسه وعن كل المتطرفين والناشطين في التيار اليميني المتطرف بإسرائيل” أن دخول التحالف اليميني المحافظ إلى البرلمان الإسرائيلي بقيادة إيتمار بن غفير عزز فكرة العنف الذي تمارسه مجموعات يهودية صغيرة وعنصرية على الفلسطينيين ومبدأ الإفلات من العقاب.
وسبق أن نظم بن غفير مسيرات استفزازية في الداخل الفلسطيني، أبرزها اقتحامات لمدن كفر قاسم والناصرة وأم الفحم ووادي عارة، دعا خلالها إلى تهجير “عرب 48″، واعتبرهم “قنبلة موقوتة”، تشكل خطرا على ”يهودية إسرائيل”.
في انتخابات الكنيست الـ21، ترشّح بن غفير على رأس قائمة “العظمة اليهودية” التي حصلت على حوالي 83 ألف صوت، ولم يجتز نسبة الحسم. وفي الفترة التي سبقت انتخابات الكنيست الـ23، رفض نفتالي بينيت الذي ترأس حزب “اليمين الجديد”، ضم بن غفير إلى قائمة تحالف الصهيونية الدينية. وحصل حزبه على 19 ألفا و402 فقط من الأصوات ولم يتجاوز نسبة الحسم. وفي الفترة التي سبقت انتخابات الكنيست الأخيرة، وقع بن غفير على تحالف مع أحزاب “القوة اليهودية” و”نوعم”، وحزب الصهيونية الدينية بقيادة سموتريتش. وحصل على المركز الثالث في القائمة، وانتُخب للكنيست، وبذلك أعاد إلى البرلمان فكر حركة ”كهانا” وأيديولوجيتها الداعية لتهجير الفلسطينيين، وأحيا بذلك المشهد السياسي الإسرائيلي الذي تهيمن عليه قوى وأحزاب اليمين.
قيام بن غفير باقتحام غرفة الأسير المضرب عن الطعام حازم القواسمي في مستشفى “كابلان” تشكل تهديدات عنصرية خطيرة، تستهدف التأثير على وضعه النفسي والمعنوي، ليدخل مرحلة جديدة من الخطر قد تهدد حياته بالموت، وهذا ما يريده بن غفير العنصري تحقيقا لشعاره الذي يردده باستمرار وهو الموت للعرب، وهو بذلك يعبر عن قمة الكراهية والعنصرية الذي وصل لها المجتمع والنظام السياسي الإسرائيلي.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي
mat