الرئيسة/  مقالات وتحليلات

هُنَّ ثلاثة ارباع المجتمع

نشر بتاريخ: 2021-08-05 الساعة: 09:24

 موفق مطر  

لا يسعنا في البدء إلا الاشادة أولا بالوجه المشرق المميز الذي برزت فيه صحيفة الحياة الجديدة بتخصيصها معظم صفحات عدد أمس الأربعاء لنجمات ونجوم شباب فلسطين ، فأثبتت - وهي الصحيفة الرسمية - مدى اهتمام الرئيس محمود عباس أبو مازن بالمعرفة والعلم والتحصيل العلمي كقواعد لبناء مؤسسات دولة حرة مستقلة ذات سيادة متقدمة ، تجسد حقيقة القدرات الكامنة لدى الشعب الفلسطيني، ومكانة التربية والتعليم في مسار التحرر وصولا للاستقلال والحرية وتطبيق مبادئ الحرية العدل والمساواة واستثمار هذه القدرات في مسار سلام يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني وثوابته كخيار وحيد لازدهار منطقة الشرق الأوسط. 

 عند النظر في طريق التحرر ، فإننا نفترض أن كل اعلان عن نتائج امتحانات الثانوية العامة في فلسطين سيُسقِطُ حاجزا أو عائقا اجتماعيا ، مصنوعا من فولاذ التطرف واسمنت الجهل ، رفع في درب ومسيرة الانسان الانثى وطموحاتها  في بلادنا ، فالطالبة الفلسطينية الناجحة بامتياز ، المسالمة ، الرقيقة ، الجميلة بعلمها وأدبها وأخلاقها ، تبرهن على أن قدرة الانسان على اكتساب العلوم والمعرفة وإنتاجها والوصول الى مرحلة الابداع ليست حكرا على جنس، وإنما مرتبطة ببيئة المجتمع ، ومساحة الحرية الممنوحة للجنسين في توظيفها . 

الامتحانات شكل من أشكال العدالة تمنح للطلبة من الجنسين ، متساوون في المستوى الدراسي والعمري ، طلبة تلقوا ذات المواد الدراسية ، وطبقت على الجميع مناهج تعليم حكومية وخاصة لا اختلافات جوهرية بينها ، لذلك يمكننا اعتبار النتائج بمثابة معيار لقياس قدرات الانسان ذكرا كان أو انثى وفق متطلبات الامتحانات ، ليس الثانوية وحسب بل الجامعية أو اي نوع من الامتحان  بغرض نيل شهادة ما تؤهل المرء للانتقال الى مرحلة تالية أعلى وأصعب . 

أطاحت نسبة الناجحات في امتحانات الثانوية العامة ، وتقدمهن على اقرانهن الذكور في المراتب العشرة الأولى بكل ادعاءات المتفوهين بمقولة " الانثى ناقصة عقل ودين "  والقائلين بأن الانسان الأنثى ( المرأة ) مصيرها البيت خاضعة لسلطان ( سي السيد ) مهما اجتهدت وحصدت شهادات علمية ومعرفية ، ومهما تراكمت تجربتها وبلغت بخبرتها النظرية والعملية مستوى الإبداع . 

 اللافت والمثير لبصيرة المؤمنين بالمساواة والعدل والحرية ، والحق في الاختيار للجنسين أن نسبة النجاح في الفرع العلمــي 85،62% ، قد تجاوزتها نسبة الناجحين في الفرع التكنولوجي  87.76%  مقارنة بنسبة الفرع الأدبــي 65،21% ، وهذا مؤشر على  ادراك شبابنا من الجنسين لمتطلبات الحياة المعاصرة،وإن كنا نأمل ظهور نسب عالية متقاربة نوعا ما، لتحقيق توازن المجتمع بمساريه العلمي التكنولوجي والأدبي الثقافي، لكن لابد من النظر بايجابية الى نسبة الناجحين في فرع الريــادة والأعمــال 71،66 %، واعلى منها نسبة الناجحين من الجنسين طبعا في الفروع المهنية  حيث بلغت  71،23% . 

الأرقام توحي بحجم المسئولية الملقاة على المكلفين بمهمة التخطيط الاستراتيجي في فلسطين، أولهم في الحكومة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وكذلك رؤساء وعمداء الجامعات الفلسطينية ، فالارتقاء بهذه القدرات الى مستوى التميز بالاختراع والإبداع الهدف الأول المطلوب تحقيقه ، عبر مناهج ترقى بمستوى ذكاء الفرد ابتداء من الروضة وصولا الى مرحلة التعلم بالدراسة والبحث العلمي والتعبير عنها باكتشافات ونظريات جديدة . 

وحده رئيس التحرير سيحكم فيما إذا كان تسليط دائرة الضوء الرائعة على انجاز نعتبره فخرا لفلسطين وشبابها ومؤسساتها التعليمية لأربعة مهندسين من خريجي جامعة بيرزيت قد كان مصادفا مع اعلان نتائج امتحانات الثانوية العامة أو عن قصد ، وإن حق لي القول فاعتقد بغلبة القصد على المصادفة . 

آلاء أبوعوض، ديالا أندونيا، ميس بني عودة، ومجد المالكي ، اربعة مهندسين شباب ، وكما نلاحظ ثلاثة من الفريق إناث شاركوا بمسابقة دولية نظمتها مؤسسة Jerusalem-IDAR  مقرها القدس، ضمن برنامج جائزة حيفا الدولي هدفها معالجة مساحات «المخاطر» عبر افكار معمارية عصرية لإعادة اعمار مناطق مدمرة ، ففاز مشروعهم المخصص لإعادة اعمار مرفأ بيروت، حمل عنوان(ما بعد الانفجار بيروت المنتجة) وحصلوا المركز الأول من بين 24 مشروعا من 13 دولة . 

هن بمنطق العدل والمساواة نصف المجتمع ، أما بمعيار نتائج الامتحانات العامة  وتحديدا الامتحانات الوطنية فهن ثلاثة ارباع المجتمع ، فوراء كل مناضل أو شهيد أو أسير امرأة عظيمة ايضا . 

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024