إلا أبو عمار وأبو مازن
نشر بتاريخ: 2021-05-24 الساعة: 08:08موفق مطر
ربما لم تكن الاساءة لقائد الثورة الفلسطيني الرمز الوطني المعاصر للشعب الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات ( ابو عمار ) مبرمجا ضمن جدول برنامج المسيرات التي انطلقت احتفالا بايقاف اطلاق النار والنصر الالهي الرباني حسب وصف رئيس المكتب السياسي لحماس لنهاية العدوان الاسرائيلي على جبهة غزة ، ونقول جبهة غزة باعتبار ان باقي الجبهات مازالت حامية وقابلة للاشتعال خاصة في الحرم القدسي والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح ، لكنها مبرمجة في اذهان وادمغة الجماعات والتنظيمات التي لاتعترف ولا تقر بالوطنية ليس الفلسطينية وحسب ، بل الدولة والهوية الوطنية من حيث المبدأ ، لذا لم يسلم رمز الثائر الفدائي القائد المقاتل المقاوم السياسي ابو عمار من الاساءة في ( لحظة نشوة ) انفعالية وقد تكون انعكاسا لمخزون العقل الباطني من العدائية والكراهية المميزة لتعميماتها ، وقد تكون ارادية بفعل فاعل مأمور ، كان هدفه تفجير الشارع الفلسطيني بلغم بشري ثان بعد تفجير اللغم البشري الأول عند محراب المسجد الأقصى بوجه مفتي الديار المقدسة وخطيب الاقصى الشيخ محمد حسين ، لكن عقلانية قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وكوادرها ومناضليها قد فوتت على عملاء الشاباك الاسرائيلي فرصة اختراق جدار قلعة الوحدة الوطنية الفلسطينية وتدميرها من الداخل بعد معجزة رفع اركانها خلال أسابيع ستبقى علامة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني.
لقد بلغ الملح الذي وضعه المناضلون الوطنيون على جراحهم مايفوق سماكة الملح المتراكم على صخور وشواطىء البحر الميت ، جراح عميقة كلما التأمت ينكأها الذين لن يهدا لهم بال إلا بعد رؤية المشروع الوطني التحرري وقد اصيب بجرثومة الفتنة والاحتراب الداخلي .
نحن على يقين أن الذين فجروا لغم الاساءة للقائد الشهيد الرمز ابو عمار كانوا على يقين بمكانته عند الشعب الفلسطيني ، لذلك كان هدفهم نسف قواعد الارتكاز الميتية الصحيحة القوية التي ارتفعت عليها الرواية الفلسطينية ، وجالت ارجاء الأرض باتجاه قارات وعواصم بعيدة كما القريبة ، ونعتقد جازمين أن مخططهم لجذب حركة فتح الى اقتتال داخلي في اجواء انفعالات شعبية مركبة معقدة ووسط دخان وغبار العدوان الدموي المدمر على شعبنا في غزة تحديدا وعلى كل فلسطيني في ارض وطنه فلسطين التاريخية والطبيعية ، كان بمثابة الخطة باء الاسرائيلية لتوجيه ضربة قاتلة لقيادة الشعب الفلسطيني ومن ثم نقل المعركة الى الجبهة الداخلية الفلسطينية حيث ستمنح الضربة الاحتلال الوقت لتقييم نتائج عدوانه ، وأساليبه وأدواته النارية التدميرية .
لم تكن الاساءة الأولى لرموزنا الوطنية ، و لن تكون الأخيرة مادام المتسابقون طوعا لخدمة الشاباك قد اسقطوا قناع السرية عن وجوههم وباتوا يجاهرون بعدائيتهم المطلقة للوطنية الفلسطينية .. غير عابئين لحشود وقوة الفخورين بهويتهم الوطنية ، فقد ظن هؤلاء الذين اطلفت عليهم مسميات مثل ( طابور خامنس ) عملاء ، وغيرها من المصطلحات القريبة في المضمون والمعنى أن لحظة التفاعل الطبيعي الناجمة عن ردة فعل شعبية بسبب جرائم جيش الاحتلال ستشكل لهم الغطاء المناسب للانقضاض على عنق المشروع الوطني وترديته مخنوقا !.وربما ظنوا أن الوطني الذي يابى حرف انظاره عن قضية القدس والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح ضعيف ، وانهم استطاعوا سحب رصيده الجماهيري وبات معزولا .. لكن الوطني لايرد الكيد بالكيد ولا الحقد بالحقد وانما بما تفرضه اخلاقه ، فكانت الدعوة لنظم استراتيجية وقوانين ورؤيا واضحة تحدد الأولويات لحماية القدس والأقصى ، ورفع سقف التفاوض بناء على بنيان الوحدة الوطنية ، كانت مستلهمة من روح ياسر عرفات الوطنية التي شتمت ، ليس هذا وحسب بل دعوة لتحصين ماتم انجازه وحمايته من تغول الأطماع الفئوية الحزبية ، ذلك أن المعركة مع المحتلين والمستوطنين الارهابيين طويلة ومازالت مستمرة ، وأن كل من يسعى لحرفها ساقط حتما .
ربما فهم الللاعبون الممسكون بريموت كونترول تفجير الألغام البشرية ومعهم المتورطون بجريمة الـتآمر على الوطن الأرض والشعب والدولة والدين وأن التمادي سيضعهم حتما في مسار الحساب الشعبي قبل القانوني النظامي ، فالرموز يجب احترامها حتى في اوج الخلاف السياسي ، ولا يحق لأي كان الاساءة ولا مجال لتبريرها لأن المس برمز وطني يعني المس برمز سيادي ، فللرمز الوطني حصانة ليس في القانون وحسب بل في قلوب ونفوس وعواطف ومشاعر الشعب ، ويجب ان يعلم من يستهتر بهذا الأمر أن أول نذر الهزيمة لشعب أو أمة أو حركة او جبهة هو الصمت والسكوت على اهانة الرموز الوطنية وتبرير الاعتداء عليها والاساءة اليها .
نعتقد في الكلمة الأخيرة في هذا المقام أن السكوت بعد اليوم على اي اساءة لرئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية ابو مازن يجب ألا تمر دون عقاب قانوني رادع .. فجريمة التآمر على البلاد لادخالها في اصراعات بلا حدود تبدأ بالإساءات الممنهجة للرموز الوطنية المحصنة بشرعية شعبية وكفاحية وقانونية .
m.a