الرئيسة/  مقالات وتحليلات

القدس.. الانطلاقة الثالثة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية (1-2)

نشر بتاريخ: 2021-05-18 الساعة: 08:45

 موفق مطر  

اطلقت القدس الانطلاقة الثالثة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية التي ابتدأتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في اول يوم من العام 1965 حيث اعادت صياغة القضية الفلسطينية من قضية لاجئين الى قضية تحرر وطني  لشعب يمتلك جذورا لا اعمق ولا ابعد في ارضه التاريخية  والطبيعية ، ويمتلك من الشواهد الحضارية ما يكفي للإقرار بحقوقه ، واتبعتها بانطلاقة ثانية في 21 آذار في العام 1968 بمعركة صمود ومقاومة  اسطورية كسرت فيها قواعد وركاتز الهزيمة والنكسة التي عششت في نفوس الأمة ، وغيرت وجه المنطقة بالثقة والإيمان بالذات الوطنية والقومية  واستعادة زمام المبادرة في العمل الكفاحي ضد القاعدة الاستعمارية الكبرى  التي انشئت  في قلب الوطن العربي على شكل دولة سميت ( اسرائيل )  . 

لن تقف الانطلاقة الثالثة  عند حدود  تطوير قواعد الصراع والاشتباك مع منظومة الاحتلال الاستعماري الصهيوني الارهابي وحسب ، بل ستتجاوزها الى حد اقناع رؤساء هذه المنظومة بإعادة حساباتهم فلا جرائم الحرب وتلك ضد الانسانية التي كان الشعب الفلسطيني ضحيتها اخضعتنا ، ولا استسلمنا لإرهاب الدولة وقوانينها العنصرية المسماة ( بالقومية )  ، ويجب ان نستمر حتى يتأكدوا ان شعورهم بالخطر المهدد لوجودهم حقيقة  واقعية  الى ان يتخلوا عن  اداء وظيفة الخدمة للقوى الاستعمارية  والاستجابة لقرارات الشرعية الدولية لتحقيق السلام . 

هيأ شباب القدس الوطنيون للشعب الفلسطيني  اسباب الانطلاقة الثالثة ، عندما قادوا الحراك الشعبي وتصدوا لمنع سلطة الاحتلال من استكمال تنفيذ خطة بلفور الثاني ترامب بتكريس القدس عاصمة لمنظومة الاحتلال ، واستطاعوا حتى اللحظة  ايقاف تقدم عجلة المشروع الصهيوني المتحركة على سكتي تهجير الفلسطينيين وإحلال المستوطنين اليهود ، كما بثوا صور وعيهم وانتماؤهم الوطني والفخر بهويتهم الوطنية الفلسطينية شعاع الانطلاقة حتى بلغ  اشعاعها  كل بقعة من ارض فلسطين التاريخية والطبيعية .. وضمنوا ألا تتوقف عقارب ساعة الزمن الفلسطيني وألا تعود للوراء ، حتى لو استخدم الحمقى المتحكمون بمنظومة تل ابيب كل (اسلحتهم الذكية ) !!، فالانطلاقة الثالثة تجاوزت المسميات الجغرافية في الوطن ،  واستجاب الفلسطينيون في كل فلسطين وخارجها لنداء القدس وتوحدوا لإعلاء كلمتها. ولنا في الاستجابة الشاملة لدعوة لجنة المتابعة العربية للإضراب مثال آخر  . 

يقبر الشعب الفلسطيني في هذه الأيام خطة ترامب الاستعمارية ( صفقة القرن ) بعد اسقاطها بالضربة القاضية المميتة  ، ويدفن معها محاولة نتنياهو الأخيرة في تكريس وعد بلفور الثاني ( دونالد ترامب) وخطته الاستعمارية باعتبار القدس عاصمة لدولة منظومته ، ويبرهن للعالم أن هذه ( الاسرائيل)  ليست اكثر من قاعدة استعمارية ،  يُستخدَم فيها يهود مضللين كالبيادق ويزجون في دوائر صراع وحروب ومعارك ، فيرتكبون  جرائم حرب وضد الانسانية كما اقر بذلك الطيار السابق المستقيل  يوناتان  شابيرا .. من فضلكم ابحثوا عن الفيديو وشاهدوه . 

تبدد الانطلاقة الثالثة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية وتبخر مستندات رواية رئيس حكومة  منظومة الاحتلال نتنياهو بإمكانية اجبار قيادة  الشعب الفلسطينيي على الخضوع لشروطه عبر تطويقها (باتفاقيات ابراهام التطبيعية )، وبأن السلام مع العرب أولا سيجلب السلام لكيانه ، وأن الفلسطينيين سيتنازلون  ويتراجعون عن ثوابتهم ،  ونعتقد أن هذه الانطلاقة ستضعف ثقته أكثر بإمكانية استمرار رجوح الكفة لصالح منظومته  فثقل القوى الدولية المساندة والداعمة لمنظومته الاستعمارية لن يبقى على حاله ، شرط استخدام وسائلنا الكفاحية المشروعة بحكمة وانضباط ووعي وشجاعة ايضا .  

كما تبدد الانطلاقة الثالثة لثورة الشعب الفلسطيني في هذه اللحظات التاريخية ملامح صورة نمطية رسمها المستعمرون ، خطوطها العريضة أن الرفاهية المادية والاقتصادية وبعض الحقوق السياسية ستسلبهم الايمان بالانتماء والهوية  والنضال من أجل انتزاع الحرية والاستقلال والسيادة ، لكنهم سيعلمون أنهم بعدوانيتهم وجرائمهم اللا مسبوقة قد سرَعوا عملية  مخاض ميلاد الحرية والتحرر بمعيار تقدم الوطنية الفلسطينية  وتراجع  وانكفاء المشروع الصهيوني ، فنحن نعتبر انفسنا في قيامة جديدة مجيدة ، أما هم فتراهم ينذرون انفسهم بوقوعهم في  حقول الغام زرعوها بأيديهم ، لكنهم فقدوا خرائطها  وعلاماتها حتى باتت قدرتهم على المناورة محدودة . 

القدس اذن كانت كلمة السر ، الإشارة  ، الشرارة والمنارة ، بلغ اشعاعها مدن وقرى فلسطين التاريخية والطبيعية كل فلسطين ، فاليوم لم يعد مستساغا الحديث عن تقسيمات جغرافية كادت مؤامرة  دولية إقليمية اسرائيلية أن تكرسها كواقع نهائي للشعب الفلسطيني  وأرض وطنه فلسطين  

 ولرؤيتنا حول هذه الانطلاقة الثالثة بقية . 

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024