القدس .. إنا هنا باقون
نشر بتاريخ: 2021-04-25 الساعة: 08:51موفق مطر
من لا يدرك أن نبض القلب يبث الحياة في الجسد ، وأن مده بأسباب الصحة ، والاهتمام والعناية الفائقة شرط لضمان بقائه سليما معافى قويا يضخ سر الحياة لأبعد نقطة في عروقه ، لا يستطيع إدراك مكانة القدس في جسد الوطن ، وكيفية الحفاظ على صحة جذورها الفلسطينية العربية ، وضمان انتقال قدسيتها من ماضيها إلى حاضرها وحتى مستقبلها بنبض القيم والمبادئ الوطنية والروحية غير القابلة للتأكسد أبدا ً رغم متغيرات الأنواء السياسية ، فللقدس ملائكة شباب يمشون على الأرض ، يلبون نداء أحجار بيوتها إذا استغاثت وينسجون من أرواحهم وأنوار مقدساتها فتيل مصائرهم ويصممون على بقائه مضيئا منيرا مشعا في فضاء وسماء مدينة الله .
هذا الإدراك قد يكون طبيعيا كنبتة أو كشجرة برية ولا أجمل ولا أطيب، وقد يتشكل في منبت وطني خالص ، وكلاهما ضامن لديمومة حياة ذات معنى وقيمة ، فالوفاء للقدس يغلب التصحر الإجرامي العنصري الاستيطاني الذي يجلبه معهم الغزاة والغرباء عن زمان ومكان القدس ، ويصد الريح الحزبية الفئوية العصبوية الصرصر ، ويقي عقول وقلوب أهلها من شر العابثين ببيوتها المقدسة ، الذين يبيعون تاريخها لكسب مقعد في مجالس أعدائها .
القدس الحرة ، المستقلة ، القدس العاصمة كما كانت بالأمس وكما هي اليوم وكما ستبقى غدا وما بعده حتى تشرق الشمس من مغربها ، الهدف لنضال وكفاح الفلسطيني الوطني ، والعربي المتأصل بقيم عروبته ، والحر المؤمن في أي مكان في العالم كان فمفتاح السلام المنشود في في أحيائها موجود ، لكن الغزاة المستوطنين البربريين يحاولون طمس معالمها ، واستعمار بيوتها العتيقة ، فالمولعون بالحرب والعدوان وسفك الدماء ، وتحريق أبناء آدم أحياء معنيون بتضليل العالم وتزوير الروايات، وتحريف كتب مقدسة لمنع العقلاء من وضع يدهم على المفتاح .
القدس بالنسبة للوطني الفلسطيني أعظم من مجرد مكان على خريطة جغرافية ، وأبعد في المدى مما قد تصله تأملات الإنسان الروحية ، وأحسن رسالة في التاريخ والأدب واللغة قد يكتبها واحد من سلالة آدم وحواء ، القدس أعلى مراتب معادلات الفيزياء والكيمياء التي مازالت مستعصية على العالم ، لكن الحل ليس بمعجز إلا النفوس المستكبرة ، الحاقدة على ذاتها وعلى الإنسانية . فهؤلاء المستوطنون اليهود استعمر كل الشر في العالم وسكن نفوسهم ، ويفرغونه رعبا وإرهابا في شوارع وأحياء وبيوت مدينة السلام ، لكن المعادلة أسهل بكثير من تعقيدات الكبار المتآمرين المساندين والصغار الساكتين كشياطين خرس ، فالقدس في المعادلة الفلسطينية تساوي الحرية والسلام ، تساوي فضاء حرا مستقلا يرفرف تحت قبة سمائها علم فلسطين الرباعي الألوان .
سلكنا دروب النضال ونسلكها ولا نرى في نهايتها إلا فلسطين الوطن ، الحق التاريخي والطبيعي لنا ومن قبلنا أجدادنا ومن بعدنا أحفادنا ، في وطننا فلسطين من الجليل حتى النقب ومن الأغوار حتى شواطئ يافا مدن وقرى كل حبة تراب وكل حجر وكل قطرة ماء وكل روح إنسان فيها مقدسة ، لكن القدس أم مدائننا ، وأم قرانا ، وكل مقدسي فيها وجهنا وقلبنا وعقلنا ويدنا ، على كل حجر من بيوتها العتيقة منقوش اسم فلسطيني يتنسم هواء الوطن ، أو آخر في مخيم ما أو في مكان ما على الكرة الأرضية ، وهو إما مورث أو وارث ، والحق لا يضيع مادام في الدنيا فلسطيني مطالب ، وفي القدس من يعطل خطط الغزاة المحتلين بصرخة إنا هنا باقون ، ويعطل دماغ إرهاب دولة ناقصة متمردة على الإنسانية تسمى "اسرائيل " .
m.a