لماذا الانتخابات في القدس أهم من الانتخابات ذاتها؟
نشر بتاريخ: 2021-04-01 الساعة: 11:58
بقلم باسم برهوم
قد يعتقد البعض ان المقولة التي ترددها القيادة الوطنية الشرعية إن "لا انتخابات بدون ان تكون القدس المحتلة جزءا منها، "، بأنها حجة او مبرر للتراجع عن اجراء الانتخابات. هذا الاعتقاد انما ينم عن عدم فهم ان التنازل عن اجراء الانتخابات في القدس يعني القبول بإعلان الرئيس الأميركي ترامب بأن القدس عاصمة "الشعب اليهودي"، كما سيعتبر تنازلا عن الحق الفلسطيني الاصيل في القدس المنصوص عليه في القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة، وتنازل عن الحق المنصوص عليه في اتفاقات "اوسلو" بأن القدس هي إحدى قضايا الحل الدائم، وانه لا تقرير للمصير بهذا الشأن من جانب واحد.
وهنا لا بد من التذكير ان إسرائيل قد وافقت على اجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس عام 1996، حتى بعد ان اغتال اليمين الاسرائيلي اسحاق رابين، وذلك استنادا الى الاتفاقيات الثنائية الموقعة. كما وافقت إسرائيل، وفي ظل رئاسة شارون للحكومة، على اجراء الانتخابات في القدس الشرقية عام 2006. اليوم المعركة بالنسبة لنتنياهو هي معركة تكريس اعلان ترامب كحقيقة وواقع، من جهة اخرى فان من واجب القيادة الفلسطينية، ومن مسؤوليتها الوطنية والنضالية والدستورية، منع هذا التكريس الصهيوني، فالمعركة هي في نظر الطرفين، معركة مصيرية.
الانتخابات من دون شك مهمة جدا، وهي ضرورة، لكنها ليست هدفا بحد ذاتها، اما القدس فهي احد اهم محاور الصراع مع المشروع الصهيوني التوسعي وهي العنوان الرئيس في الاهداف الوطنية الفلسطينية، من هنا يجب ان لا يكون هناك اي التباس بخصوص اهمية وأولوية القدس في النضال الوطني الفلسطيني، كما يجب ان لا يغيب عن وعينا اننا لا نزال في مرحلة التحرر الوطني، فنحن اقرب في كوننا حركة تحرر وطني، من كوننا دولة، نحن في واقع الحال دولة تحت الاحتلال، والقدس هي العاصمة المحتلة، من قبل دولة الاحتلال، ومن هنا اخفاق البعض في تحديد الأولويات والتمييز بين ما هو هدف وما هو وسيلة.
قد يلخص البيان الاخير للاتحاد الاوروبي مركزية القدس في الانتخابات، فاسرائيل تصر على منع المراقبين الاوروبيين من التواجد في القدس تحت حجج واهية، المجتمع الدولي لم يوافق على اعلان ترامب بشأن القدس، ولا يزال يعتبرها ارضا فلسطينية تخضع للاحتلال الإسرائيلي، ولا يجوز تقرير مصيرها من جانب واحد، من هنا ممنوع الرضوخ لضغوط نتنياهو، ومحاولة فرض الرواية الصهيونية للقدس.
وفي ضوء الحاجة الوطنية للانتخابات، باعتبارها مدخلا لتجديد الشرعية، ومحاولة لانهاء الانقسام واعادة توحيد الوطن، والنظام السياسي، فإنها يجب ان تجرى في مواعيدها، ولكن ليس بدون القدس. إن تحقيق إجراء الانتخابات ضمن المعادلة والشروط الصحيحة في القدس هي على نحوما من مسؤولية المجتمع الدولي كذلك ، اذا ما تم احترام القانون الدولي وضرورة تطبيقه بصورة نزيهة، وكذلك فإن هذه المسؤولية هي مسؤولية قوى السلام في اسرائيل ذاتها، وتلك القوى التي لا تزال حريصة على حل الدولتين.
أما على الصعيد الفلسطيني علينا ان نتوحد جميعنا حول هدف إجراء الانتخابات في القدس، وان لا نعطي اي انطباع بأن هناك وجهات نظر حول هذه القضية المركزية، قضية بحجم القدس. إن مجرد التلميح بأن إجراء الانتخابات هو الاولوية والهدف سنكون حينها قدمنا هدية لمحاولات نتنياهو تكريس اعلان ترامب على الساحة الدولية. نحن موحدون حول هدف اجراء الانتخابات في كل المناطق الفلسطينية وفي مقدمتها القدس ولا انتخابات بدون القدس.
mat