الرئيسة/  مقالات وتحليلات

المناضل الشهيد الدكتور داوود الحسن

نشر بتاريخ: 2021-03-23 الساعة: 10:34


بقلم عيسى عبد الحفيظ

الشهيد المناضل داوود أحمد عبد الله الحسن (شتيوي) من مواليد كفر زيباد طولكرم بتاريخ 2/9/1949م، توفيت والدته مباشرة بعد الولادة ولم يكن له أخوة أكبر منه، تربى مع إخوته غير الأشقاء وكان لهم قدوة في العلم والثورة.

أنهى دراسته الأساسية والإعدادية في كفر زيباد، ومن ثم الثانوية في طولكرم. خلال دراسته كان داوود الحسن طالباً متفوقاً علمياً وأخلاقياً يشهد له بذلك كل من زامله من الطلبة في الدراسة ومن علمه من المعلمين، في الثانوية العامة كان من الأوائل على مستوى المملكة الأردنية الهاشمية التحق بالجامعة الأردنية عام 1967م، لدراسة الطب، وفي نفس العام وبعد هزيمة حزيران التحق بتنظيم حركة فتح من خلال نشاطه الطلابي، ودافع عن وجود الثورة الفلسطينية في الأردن من خلال التنظيم.

ولنشاطاته الطلابية والنقابية والثورية فُصِلَ من الجامعة الأردنية، والتحق بعدها بالجامعات التركية ودرس هنالك للسنة الخامسة في كلية الطب، أيضاً لنشاطه النقابي والسياسي أبْعِدَ من تركيا وفُصِلَ من الجامعة حيث كان مؤسساً لاتحاد الطلاب العرب الذي كان محظوراً في تركيا كونه يدعم الثورة الفلسطينية في الأعوام (1969- 1974)م، التحق داوود الحسن بجامعة دمشق في نفس العام 1974م، وحَمَّلَ "18" مادة علمية، حيث إنه معروف أن الدراسة في تركيا باللغة التركية، وفي كلية الطب بجامعة دمشق الدراسة باللغة العربية، واجتاز الامتحانات ورُفِعَ إلى السنة الخامسة.

في العام 1976م، فصلَ داوود لنشاطه النقابي والتنظيمي والسياسي حيث كان عضو الهيئة الإدارية للاتحاد العام لطلبة فلسطين وعضو لجنة منطقة الجامعة في إقليم سوريا، وذلك إثر التدخل السوري في لبنان لصالح القوى الانعزالية وفي مناهضة القوى المشتركة اللبنانية والفلسطينية.

غادر داوود الحسن إلى مصر وكعادته لم يكل ولم يمل من ممارسته العمل التنظيمي هو ورفاقه من المبعدين من الجامعات السورية الذين تجمع جزء منهم في القاهرة فأصبحوا حالة تنظيمية مميزة، وفي هذه الأثناء كان تأسيس الكتيبة الطلابية فالتحق بها وكان أحد كوادرها.

في أواخر عام 1977م، عاد إلى بيروت وشارك في المخيم التدريبي المقام لكتيبة الجرمق في جنوب لبنان منطقة صور.

عاد داوود الحسن إلى سوريا بعد اتفاق شتورا بين الثورة الفلسطينية والحكومة السورية وأعيد فتح مقرات الاتحاد العام لطلبة فلسطين فرعي دمشق وحلب، حيث التحق مرة ثانية بالجامعة التي تخرج فيها عام 1979م، حيث كان طالباً مجتهداً.

بعد التخرج تفرغ الدكتور داوود الحسن في الخدمات الطبية العسكرية في الساحة السورية وعُين مديراً لعيادة الشهيد أبو علي إياد.

خلال الانشقاق عام 1983م، تم إلقاء القبض على الدكتور داوود الحسن من قبل المخابرات السورية وأودع السجن لمدة سبع سنوات ذاق خلالها أبشع صنوف العذاب ومن ثم أبعد إلى الأردن، ويشهد له كل إخوانه ورفاقه في السجون السورية كيف أنه كان بطلاً ووحدوياً ومتميزاً كعادته في السلوك والانضباط وعلى المستوى الأخلاقي والمالي، وكرس سلوكاً تعاونياً واشتراكياً في المال والطعام، وكان مثلاً لمن تعامل معه أو عرفه.

عاد الدكتور داوود الحسن إلى أرض الوطن عام 1994م، وعَيَّنه الرئيس الشهيد ياسر عرفات مديراً عاماً في وزارة الصحة الفلسطينية مسؤولا عن الرقابة والتفتيش إلى أن تقاعد.

من صفات الدكتور داوود الحسن المثابرة وعدم الملل فهو دائماً يبحث عن الجدوى والفعالية، ولم يكن مظهرياً في العمل التنظيمي، يمتاز بذكاء حاد، يخوض صراعاته الفكرية بمنتهى الوضوح والنُبل، وكان يكبر عن الصغائر، في أي موقع أو مكان يحل فيه يحُدث أثراً إيجابياً على كافة المستيوات الإنسانية والتنظيمية، كان كريماً محبوباً من رفاقه جميعاً من يوافقه أو يختلف معه، في المال العام والخاص كان نزيهاً مستعداً أن ينفق عمره وماله من أجل الثورة، حلمه الأوحد وبوصلته فلسطين التي كان يحلم دوماً أن يدور في قراها، ليعالج فقراء الناس، كان بسيطاً جداً ولكن بعمق الفلاحين وخبرتهم في بلادنا وخاصة عندما يقنع بالفروق بين قوى الشعب وحلفائه، وقوى الأعداء.

ولقد عاني الدكتور داوود الحسن من أثر السجن كثيراً في صحته وعائلته المناضلة. لينتقل إلى رحمة الله تعالى بعد معاناة طويلة مع المرض في العاصمة الأردنية عمان يوم الثلاثاء الموافق 15/7/2014م، ودفن فيها.

الدكتور داوود الحسن مناضل حقيقي من أجل فلسطين، حمل القضية ولم يئن يوماً. وصاحب الأخلاق والقيم الوطنية الرفيعة، لقد رحلت عنا يا د. داوود دون ميعاد، ودون وداع، ودون استئذان.

ناضلت من أجل فلسطين وترجلت لأجل ثراها، فكان حقاً علينا أن نستذكرك. وقضيت بعد حياة حافلة مدافعاً صلباً عن قضيتنا الوطنية وقضايا الحق والعدل والمبدأ.

رحم الله شهداءنا وأسكنهم فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024