الرئيسة/  مقالات وتحليلات

اخطأ منصور مجددا

نشر بتاريخ: 2021-03-16 الساعة: 09:31


بقلم عمر حلمي الغول
في محطات بعينها تتسع دائرة الصراع والمنافسة بين القوى السياسية المتباينة، وتزداد درجة الاستقطاب والمناكفة كلما استعرت عمليات الشحن والتحريض فيما بين القوى المتخاصمة، ما يوقع أغلب القوى والأحزاب في أخطاء تكتيكية، وخطايا إستراتيجية أحيانا عندما يعميها الغضب والتعصب، أو تحكم بعضها الأجندات الوظيفية، وخلفياتها العقائدية المتناقضة مع المصالح العامة، فتقوم متطوعة بحقن الشارع بالتوتر بسبب ودون سبب، وتقود الشعب أو بعضه لمستنقع العبث.

مرة أخرى أطرق باب موضوع العلاقة التبادلية بين القائمة المشتركة والقائمة الموحدة (الإسلامية الجنوبية) بعد انفصال الأخيرة عن الأولى مطلع شباط / فبراير الماضي، وما تركه ذلك الانشقاق من تداعيات على مكانة القوى والأحزاب وقوائمها الانتخابية في أوساط الشارع الفلسطيني داخل مناطق الـ48، حيث تراجعت مكانتها وقوتها نتيجة شعور المواطن الفلسطيني بالغضب والاستياء مما شهدته مكونات المشتركة قبل شقها نتاج صراعات مفتعلة، وقف وراءها النائب منصور عباس وحركته الإخوانية عندما انحاز بشكل واضح ومكشوف خلف نتنياهو واليمين الصهيوني المتطرف، وزاد الطين بلة في مقابلته مع القناة 12 الصهيونية، التي وصف فيها أسرى الحرية البواسل بـ"المخربين"، وتبرأ من أنه زارهم أو صافح أيا منهم.

مجددا يعود الناب منصور عباس للواجهة ليعكس إصراره على مواصلة عملية تمزيق وحدة الصف الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، ليس من باب تلميع نفسه، وإنما لحسابات أبعد وأعمق من ذلك، وهي الحسابات، التي أعلنها في تموز/ يوليو 2020، وإصراره على التحالف مع رئيس حكومة اليمين المتطرف الفاسد، وصاحب قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية" العنصري، الذي استهدف ويستهدف أبناء الشعب الفلسطيني بمن فيهم أبناء الحركة الإسلامية الجنوبية، حتى وإن اعتقدوا، أن العنصرية لن تطالهم، مع أنها تصفعهم على جلودهم صباح مساء، كما تصفع وتجلد أبناء فلسطين من البحر للنهر وفي الشتات والمهاجر.

آخر أخطاء رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية تمثل بتنصله من اتفاقية فائض الأصوات مع القائمة المشتركة، حيث تم الاتفاق خلال الفترة الماضية على توقيع اتفاقية بين الجانبين كي يستفاد من فائض الأصوات، حتى لا تذهب هدرا، وتستفيد منها الجماهير الفلسطينية ونخبها المشكلة للقائمة المشتركة. وكان منصور دهامشة سكرتير الجبهة تحدث مع النائب الإخواني يوم الخميس الماضي الموافق 11/ 3/2021 كي يتم اللقاء في مقر المشتركة يوم الجمعة ويجري التوقيع على الاتفاقية، غير أنه يوم الجمعة اختفى كليا، ولم يعد يرد على جواله، وأغلق أذنيه، وتهرب من مسؤولياته الشخصية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية، ولم يتصل أو يعتذر أو يبرر غيابه، وهو ما كشف بشكل واضح إصراره على النكث بتعهده.

رغم أن العديد من القوى والشخصيات السياسية والثقافية في داخل الداخل دخلت على خط الخلافات، وحاولت ترطيب الأجواء بين القوى السياسية عموما، وبين قوى المشتركة والموحدة خصوصا، لكن أقطاب الحركة الإسلامية الجنوبية أداروا ظهر المجن لخيار تهدئة النفوس، ومضوا قدما في خيارهم الخطير، خيار الحرب على الذات الفلسطينية، وتعميق الانقسام والتشرذم، والارتهان لأجندة اليمين الصهيوني المتطرف وعلى رأسه نتنياهو وزمرته الحاكمة.

كان يمكن لمنصور عباس وحركته الإسلامية أن يضاعف من مكانته ورصيده في أوساط الجماهير في كل المدن والبلدات والقرى الفلسطينية من خلال تغليب مصالح أبناء جلدته وشعبه على الصغائر والخلافات البينية مع قوى القائمة المشتركة، وأن يفصل بين التناقضات الفكرية والعقائدية وبين الاتفاق على فائض الأصوات، وأن يبتعد عن الضغائن وسياسة الانتقام الكيدية، ويبقى على شذرات صغيرة تشير لتجربته بالبعد الإيجابي. لكنه للأسف الشديد ماض نحو خياره الخطير، والمهدد للحمة بين أبناء الشعب، ولزرع الفتنة في صفوف الوطنية الفلسطينية خدمة لمآرب وغايات متناقضة مع مصالح الشعب.

لا أعرف إذا ما زال هناك وقت عند رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية لمراجعة الذات أم لا؟ لكني أعلم أن وقت المراجعة دائما مفتوح للجميع، ولم تغلق أبواب المراجعة، وإعادة الاعتبار للذات وترميم الجسور مع القائمة المشتركة وغيرها. آمل أن يحدث ذلك قبيل الانتخابات التي لا يفصلنا عنها سوى أسبوع، فهل يفعلها منصور عباس؟.

[email protected]

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024