الرئيسة/  مقالات وتحليلات

كلمة مركز الانطلاقة للدراسات

نشر بتاريخ: 2021-02-22 الساعة: 10:31

 

الملف كاملا مرفق بصيغة PDF

منذ البداية نشير باحترام أننا لا نتفق مع الكاتبين في عدد من المفاهيم المطروحة في بحثهما/مقالهما المعنون التحرر من الاستعمار العقلي: دراسة حالة فلسطين المنشور في موقع المقاومة الشعبية، [1] ولا مع منهج التفكير والبحث الذي يغفل إسهامات الثورة الفلسطينية المعاصرة بكافة فصائلها، ما علّقنا عليه في الهوامش وما سنطرح بعضه في التمهيد من كلمتناهنا.

مع احترامنا لرأي الكاتبين وشخصهما، بالطبع رغم مخالفتنا لاجزاء من مقالهما، اليكم بعض الإشارات الهامة لنا في مركز الانطلاقة للدراسات على مقال الكاتبين (وستراها مع غيرها في الهوامش).

*الكاتبان يقولان "أساطير الكتب السماوية" فاستبدلناها بأساطير التوراة، فنحن لا نقبل جمع القرآن الكريم مع أساطير التناخ (التوراة وملاحقها) التي لم تعد مقبولة علميا ككتاب تاريخ البتة، إضافة الى أن القرآن الكريم بذاته قد تعرض لأساطير الاولين بالرفض، بينما الحقيقة أن كثير من المسلمين للأسف قد اتخذوا من أساطير التوراة منصة لإدخالها في تفاسير القرآن الكريم، وهنا المعضلة وهنا الفهم الخاطيء.

* فكرة حل أسطوري عما يسمى (حل الدولتين) كما قال الكاتبان أيضا مرفوضة لدينا لأنها تنظير للدولة الواحدة التي لا تعني الا الانصياع للقوي في ظل المعادلات القائمة الذي يسيطر على كامل الأرض، وهي حقيقة الصراع: أي الأرض.

 * يشير الكاتب اليهودي الهنغاري "أرثر كوستلر" بكتابه القبيلة 13: الى أن أصول الموجودين في فلسطين من الديانة اليهودية هم من الخزر في وسط آسيا، وروسيا، ولاحقا أوربا الشرقية، ولا علاقة لهم بالإسرائيليين القدماء المندثرين، وصِلة الديانة لا تؤهل لاحتلال أرض الغير. ويشير "شلومو ساند" الى اختراع "الشعب" اليهودي وهو اسم كتابه الأول كما يشير الى: خرافة "أرض" "إسرائيل" وهو الإسرائيلي اليهودي التقدمي في كتابيه الهامين.

*يغفل الكاتبان الأثر العميق الذي أحدثته المقاومة الفلسطينية للفدائيين منذ الانطلاقة عام 1965م حتى حصول الانتفاضة الأولى، فلولا تلك لما كانت هذه، حيث أعادت الثورة الفلسطينية فلسطين الى الواجهة، كقضية أرض محتلة وشعب يرزح تحت نير الاحتلال، وفرضتها قضية، واسقطت محاولات شطب الشعب الفلسطيني وكرست الكيانية والوطنية والوحدوية بقوة، بل وأسمعت أقاصي الأرض بالقضية وعدالتها بالقوة المسلحة أحيانا وبالنشاط السياسي الدبلوماسي في أحيان أخرى ولاحقًا بعد اتفاقيات أوسلو التي عليها ما عليها من الملاحظات في تثبيت أركان الكيان الفلسطيني الذي كان مفترض تحوله لدولة عام 1999م فحصلت الانتفاضة الثانية بدعم وتأثير كامل من الخالد ياسر عرفات.

*حتى مصطلح الشرق الاوسط تم اختراعه لإسقاط مفهوم الوطن العربي، أو المنطقة الحضارية الإسلامية-المسيحية المتماثلة حضاريًا الممتدة شرقا وغربا في منطقتنا.

 *واضح الاندفاع بالاتهام والتشويه المتعمد، فمنظمة التحرير الفلسطينية قد دخلتها كل الفصائل حين تشكلها، وفي قلبها حصلت الصراعات، وهي اليوم (عام 2021م)  محط رأي كل الفصائل بما فيها فصيل حماس والجهاد.

*من الواضح أن هذا الطرح  الاتهامي الفاقع يخرج عن سياق العلمية والموضوعية لأنه يحمل ضغينة وحقد ورواسب رفض مسبقة لشخص أبوعمار والثورة الفلسطينية، وهو ما تم اقحامه لمحاولة تشويه النضال الفلسطيني كله ارتباطًا بجزئية، ما لا نتفق معه بل هو استنتاج شخصي للكاتبان لا مقدمات له، وإنما تعبير عنهما فقط.

*التخوف مما أسماه الكاتبان (تقويض حق العودة) مشروع . أما أنه تم تقويضه فعليا فلم يصدر ذلك بتاتًا عن أي فصيل فلسطيني أو عن السلطة الوطنية الفلسطينية او المنظمة او أي فلسطيني بالوطن أوبالخارج.

*هذا رأي لا نتفق معه، ف"فكرة الدولتين" لا نستسيغها بمعنى أن الدولة الأولى قائمة ("إسرائيل" قائمة على أرض فلسطين) فلِمَ نقول حل الدولتين؟ والرأي الأصوب-كما يردده عضو مركزية فتح د.ناصر القدوة دومًا هو أن منظمة التحرير الفلسطينية تطالب بتحقيق إستقلال دولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والتاريخي والقانوني الواقعة تحت الاحتلال، حيث تم الاعتراف بها عام 2012 دولة عضو مراقب بالامم المتحدة، وفكرة الدولة على جزء من الأرض تأتي ضمن المفهوم المرحلي الذي في نهايته للشعب الفلسطيني أن يسعى للدولة الديمقراطية المدنية على كل فلسطين حسب مفهوم المفكر العربي خالد الحسن.

*الحقيقة أن هذا لم يحصل أبدا أن تم حل المنظمات الشعبية الفلسطينية! ولكن حدثت الصراعات بين المنظمات الشعبية تلك التي نشأت بالخارج مع تلك في الوطن فمنها ما تم حل إشكالياته بنجاح كبير بالاندماج (مثال اتحاد المعلمين واتحاد المرأة واتحاد الكتاب والادباء، واتحاد الصحفيين...) ومنها ما تم تهميشه فعليا مثل اتحاد الطلاب، ومنها من خاض حربه طويلًا مثل اتحادات العمال بين الداخل والخارج والوحدة والتجزيء، أما أنها استبدلت بالمنظمات غير الحكومية فغير صحيح، والحقيقة أنه سمح بوجود المنظمات غير الحكومية التي قد نتحفظ على دور بعضها.

*طرح غريب وعجيب فالانتفاضة الثانية تم دعمها بل واطلاقها من قبل القيادة الميدانية بدعم مباشر من الزعيم ياسر عرفات وردًا على محاولة محو القدس في كامب ديفد2، وشاركت فيها الأجهزة الأمنية ذاتها التي تحملت عبء مسؤولية كبيرة وعشرات الشهداء.

*يبدو أن الكاتبان يتناسيان الانتفاضات أو الهبات اللاحقة في القدس، والضفة الفلسطينية ومسيرات العودة من غزة! ويهملان ذكر كل أشكال االمقاومة الشعبية السلمية الكثيرة في مخيم باب الشمس1 وباب الشمس2 عام 2013م، ومعركة الخان الاحمرعام 2018م، وتظاهرات بلعين ونعلين والنبي صالح وكفر قدوم المتواصلة...الخ، وفي مخيم عين الحجلة، وباب الكرامة قرب قرية بيت إكسا-القدس، ومعركة قرية العودة وفي حمصة وفي الخليل وبيت لحم ورام الله وكافة القرى المواجهة...الخ (والتي استشهد المناضل القائد زياد أبوعين ضمنها وعشرات المناضلين الاشاوس). ويتناسى معركة البوابات في القدس عام 2017م، وهي غضبة القدس التي انتصرت على إرادة المستعمرضد المسجد الأقصى، وإغفال مثل هذه الهبات وأشكال المقاومة غير مفهوم من قبل الكاتبين. رغم ضرورة تصعيد المقاومة الشعبية المتواصلة منذ العام 2005 حتى اليوم إذ أنها بحاجة لبرمجة وزخم وتوسع جغرافي شرائحي عملياتي ما لا نجده لدى السلطتين في غزة او الضفة.

* فيما يتعلق بنتائج إتفاقية اوسلو وجهة نظر الكاتبين تحترم، ولكن تحتاج لإدراج مساحات الاستفادة التي مكنت دخول ما لا يقل عن نصف مليون فلسطيني الى فلسطين، ومساحات المقاومة الشعبية في الوطن، وبناء مؤسسات وطنية تمهيدا للدولة.

*هناك تكرار للاتهام الفلسطيني المتسرع، رغم حقيقة أن الخلاف الفلسطيني قد أبطأ عملية التحرر كثيرًا، ولكن لا يمكن اتهام أي من الفصائل بالغدر.

*مَن تحدث عن تجاوز الاستعمار العقلي ليس فقط القدماء من الفلسطينيين! بل و كباررجالات الثورة الفلسطينية من صلاح خلف وخالد الحسن وابوماهر غنيم وجورج حبش والكثير، حتى أن كثير من الفصائل رفعت شعار تحرير الأرض والانسان فإن لم يكن تحرير الانسان تحريرًا عقليا فماذا يكون؟

*(يتم نقل الهوية على سبيل المثال من خلال الذكرى السنوية وغيرها من الرموز التاريخية) ما نتفق معه، وهو تمامًا ما قامت به السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال مناهجها، وهو تماما ما تقوم كافة فصائل الثورة الفلسطينية.

*من الممكن أن نشير نحن للمفكر العربي الجزائري الفذ مالك بن نبي في كتابه القابلية للاستعمار، وكتبه عن النهضة- حيث يقول الكاتب حرزالله لخضر عنه أن: "المعامل الاستعماري" هو عامل خارجي يفرض على الكائن المغلوب على أمره الذي يسميه المستعمِر "الأهلي" (هذا المصطلح بالجزائر يعني الجزائريين مقابل الاستعماريين) نموذجا محددا من الحياة والفكر والحركة، وحين يكتمل خلق هذا النموذج يظهر من باطن الفرد "معامل القابلية للاستعمار" وهو معامل يجعل الفرد يستبطن مفاهيم المستعمِر عنه ويقبل بالحدود التي رسمها لشخصيته هذا المستعمِر، وليس هذا فحسب بل يصبح يدافع عنها ويكافح ضد إزالتها.. فعامل القابلية للاستعمار كما يشرحه مالك بن نبي هنا هو العامل الداخلي المستجيب للعامل الخارجي، إنه رضوخ داخلي عميق لعامل الاستعمار يُرَسِّخُ الاستعمار ويجعل التخلص منه مستحيلا."- مركز الانطلاقة للدراسات.

*في كل مسار المقال يتهرب الكاتبان من الإشارة للاسهامات الفكرية والميدانية العميقة لعشرات المفكرين الثوريين الفلسطينيين والعرب في إطار الثورة أو أنهما لم يكلفا أنفسهما الاطلاع على تراثهم الفكري، بل والمئات ممن نضيف عليهم القيادات السياسية والأدبية والثقافية والميدانية، ويفترض افتراضًا باطلا بأنهم في وادٍ مختلف عن وادي تفكيرهما.

مركز الانطلاقة للدراسات.

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024