الرئيسة/  مقالات وتحليلات

مبادرة الرئيس محمود عباس وجوهر الصراع

نشر بتاريخ: 2021-01-28 الساعة: 11:30

موفق مطر 

كثيرة هي المرات التي أكد فيها الرئيس محمود عباس التزامه بالثوابت الفلسطينية  والأهداف الوطنية المحددة في وثيقة الاستقلال الصادرة عن مؤتمر المجلس الوطني الفلسطيني في العام 1988 ، التي تعتبر منذ ذلك الحين جوهر البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وروح القانون ألأساسي الفلسطيني،والخطوط العريضة لدستور دولة فلسطين القادم . 

 ناقش مجلس ألأمن الدولي قبل يومين مبادرة رئيس دولة فلسطين التي مازالت حتى اللحظة دولة عضو بصفة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة  لكن فلسطين المحتلة وفق القانون الأممي قد حازت على عضوية الكثير من المنظمات الدولية ما يعني أن لفلسطين الآن جذورا متفرعة وقوية وثابتة في الأرضية القانونية  للمجتمع الدولي والشرعية الدولية ، و يحسب هذا الانجاز للشعب الفلسطيني بفضل المنهج السياسي للرئيس أبو مازن الذي استطاع اثبات صحة تصوراته وتوجهاته العقلانية الواقعية ، حيث نال على حكمته و شجاعته في طرح الرؤى لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وترسيخ قواعد الاستقرار والسلام في منطقة متأججة بالصراعات ، وكذلك صلابته ومنطقه وتمسكه بالثوابت الفلسطينية ، كما يحسب لصمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بثوابته وحقوقه ، وهذا ما حث العالم عبر مجلس الأمن الدولي الى التعامل بأقصى درجات الاهتمام  والإعراب عن التأييد للمبادرة ، وإبداء موقف يعتبر الاستيطان الاستعماري ألاحتلالي الاسرائيلي مقتلا لحل الدولتين ، وقد يكون مفيدا تسليط الضوء على الموقف الأميركي الذي أبرزه ريتشــارد ميلــز القائم بأعمال المبعــوث الأميركي لدى الأمم المتحدة لمجلس الأمن  الذي ما كان ليقترب على نحو ايجابي من نصوص مبادرة الرئيس ابو مازن   

 لولا اقتناع الادارة الأميركية الجديدة بأن الموقف الرسمي الذي للرئيس ابو مازن ، المستمد من جذور سنديانة الارادة الفلسطينية غير قابل للكسر او الاختراق أو الاحتواء، ولولا قناعة الرئيس ألأميركي جو بايدن وإدارته بان مبادرة رئيس الشعب الفلسطيني فرصة ذهبية للعالم الراغب بإحلال الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط ، لما كرر ميلز طرح  تصور بايدن وإدارته الجديدة التي تقترب في عناوينها العامة من رؤية ومبادرة الرئيس حيث أكد على " ضرورة الحفاظ على حل الدولتين، والامتناع عن أي خطوات أحادية مثل ضم الأراضي " ..  

 

 

واقترب أكثر عندما قال " إن إدارة بايدن تتطلع للعمل مع إسرائيل والفلسطينيين وأعضاء مجلس الأمن واللجنة الرباعية خلال الفترة المقبلة، لتهيئة المشهد من أجل المضي قدما لتحقيق حل للصراع " ..ونستطيع قياس مدى الاقتراب اذا قرأنا هذا النص من مبادرة  الرئيس ابو مازن التي طرحها امام مجلس ألأمن الدولي في 20 شباط فبراير من العام 2018  حيث قال بعد المقدمة تنص خطتنا على ما يلي: أولاً: ندعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في منتصف العام 2018، يستند لقرارات الشرعية الدولية، ويتم بمشاركة دولية واسعة تشمل الطرفين المعنيين، والأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة وعلى رأسها أعضاء مجلس الأمن الدائمون والرباعية الدولية، على غرار مؤتمر باريس للسلام أو مشروع المؤتمر في موسكو كما دعا له قرار مجلس الأمن 1850، على أن يكون من مخرجات المؤتمرما يلي:أ‌- قبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، والتوجه لمجلس الأمن لتحقيق ذلك؛ آخذين بعين الاعتبار قرار الجمعية العامة 19/67 لسنة 2012، وتأمين الحماية الدولية لشعبنا" .  

ب‌-  تبادل الاعتراف بين دولة فلسطين ودولة إسرائيل على حدود العام 1967 

فالاستقلال في دولة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية ثابت وطني كان ومازال روح مبادرة الرئيس ، أما حديث بايدن وأعضاء ادارته المعنيين عن حل الدولتين كحل وحيد فنعتقد أنه تقدم أميركي مهم ، يجب العمل على تقوية عوامل الجذب الفلسطينية لتقريب المسافة بين فلسطين وواشنطن في المرحلة القادمة ، والتي يبدو أن ادارة بايدن مستعدة كما اعلن ميلز عن اعادة تمهيد طريق كان قائما بينهما دمره الرئيس ألأميركي السابق دونالد ترامب بقراراته المتعلقة باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارة الولايات المتحدة اليها ، وقطع المساعدات المالية للسلطة الوطنية ، والامتناع عن دفع حصة واشنطن الى  وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا ) ، ونعتقد أن قول ميلز بخصوص الرجوع عن قرارات اتخذها ترامب يستحق أن يفهم منه بأن الضغط والحصار المالي على القيادة الفلسطينية  والشعب الفلسطيني كان فاشلا ، ولم يحقق أهدافه في اجبار القيادة على مجرد التفكير بإعادة النظر في ثوابتها ، فالقيادة الفلسطينية قد رسمت لنفسها خطوطا حمراء ، لا تقوى قوة في العالم على اجبارها على تجاوزها، وقد جاء كلام ميلز وقوله :"  لا يمكن فرض السلام على أي من الطرفين " اقرارا عقلانيا وواقعيا بصلابة وثبات الموقف الفلسطيني . 

مناقشات مجلس الأمن الدولي للقضية الفلسطينية ومبادرة رئيس دولة فلسطين للحل افضت الى تأكيد موقف العالم والتزامه بحل الدولتين ، واعتبار الاستيطان مخالفا للقانون الدولي ، ودعوة الدولة القائمة بالاحتلال ( اسرائيل ) لتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن وآخرها القرار2334 ، أما الاقتراحات بخصوص الآليات فقد وردت في موقف روسيا الذي ابرزه وزير الخارجية لافروف حيث اقترح  لافروف عقد اجتماع وزاري في روسيا في الربيع بمشاركة روسيا والاتحاد الاوروبي والرباعية وفلسطين واسرائيل والسعودية صاحبة مبادرة السلام العربية، للوصول الى تسوية نهائية لقضية الشرق الاوسط  وأعاد التأكيد على قرارات مجلس الامن فيما يتعلق بالأنشطة الاستيطانية وقضية اللاجئين والحدود وكافة قضايا الحل النهائي التي يجب ان تحل بالاتفاق بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي " ..وهنا نجد أن مواقف الدول الكبرى الدائمة العضوية والدول المتمثلة في مجلس الأمن الدولي قد اجمعت على صواب الرؤية والطرح الفلسطيني للحل كما ورد في مبادرة الرئيس في البند (ت ) من أولاً ونصها :"  تشكيل آلية دولية متعددة الأطراف تساعد الجانبين في المفاوضات لحل جميع قضايا الوضع الدائم حسب "اتفاق أوسلو" (القدس، والحدود، والأمن، والمستوطنات، واللاجئين، والمياه، والأسرى".  

مواقف الدول الكبرى عموما وموقف واشنطن الجديد في اجتماع  مجلس الأمن الدولي اول امس  والإجماع حول " ضرورة الحفاظ على حل الدولتين، والامتناع عن أي خطوات أحادية مثل ضم الأراضي " ..نراها استجابة للفقرة( ثانيا )من  مبادرة الرئيس ونصها :" ثانياً: خلال فترة المفاوضات، تتوقف جميع الأطراف عن اتخاذ الأعمال الأحادية الجانب، وبخاصة منها تلك التي تؤثر على نتائج الحل النهائي ...ألخ "  

ربطت مبادرة الرئيس ابو مازن بين السلام في فلسطين والاستقرار والسلام في الاقليم ، حيث نصت في  ثالثا على التالي :" يتم تطبيق مبادرة السلام العربية كما اعتمدت، وعقد اتفاق إقليمي عند التوصل لاتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين " وقد كان واضحا اهتمام الدول  بهذا الربط المنطقي ، نظرا لانعدام امكانيات تجاوزه والدخول في اتفاقيات اقليمية  قبل حل القضية  الفلسطينية ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه ، وهذا ما أكدته الجمهورية التونسية رئيس المجلس للدورة الحالية بلسان  وزير الدولة للشؤون الخارجية التونسي محمد علي النفطي عندما قال :" إن أساس أي حل في الشرق الأوسط يكمن في حل وتسوية عادلة للقضية الفلسطينية جوهر الصراع العربي الإسرائيلي " . 

 

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024