الرئيسة/  مقالات وتحليلات

بدون الكوتا موفق مطر

نشر بتاريخ: 2021-01-27 الساعة: 13:13

  
ما احتاجت المرأة الفلسطينية المناضلة لتمييز ايجابي ولا "للكوتا" لبلوغ ذروة أرقام الناخبين  ولتتبوأ الموقع رقم واحد في قائمة المتنافسين على مهمة عضوية لجنة اقليم نابلس لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، وهذا لعمرنا برهان هام على صحة ما كنا قد ذهبنا اليه في مقالات عدة، في قضية التحرر تدريجيا من نظام الكوتا للوصول الى المعنى العملي للعدالة والمساواة بين الجنسين عبر اثبات ذات الانسان الانثى والتميز الشخصي ليحل محل التمييز الايجابي الذي غالبا ما يستخدم كفضل عليها ممن تحتل النزعة الذكورية مفاهيمهم وعقليتهم.

ليست المرة الأولى التي تحظى فيها امرأة فلسطينية بأكبر رقم من اصوات مشاركين في انتخابات تنظيمية ديمقراطية، فالتجارب في هذا المجال لدى المجتمع والشعب الفلسطيني كثيرة ومدعاة للفخر والبناء عليها، لكن تفوق الأخت المناضلة مي قرادة على جميع اخوتها المناضلين المنافسين وحصولها على أعلى رقم من اصوات الناخبين مؤشر هام يدل على مدى التحول الايجابي في عقلية المناضلين في اطار حركة التحرر الوطنية الفلسطينية وتحديدا في هذه المرحلة من الصراع مع منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري التي تتطلب ارقى درجات الوعي الانساني ومتطلبات بناء مؤسسات الدولة المستقلة وتكريس الديمقراطية كمنهج للحياة السياسية في المستويات السياسية الرسمية والتنظيمية في هياكل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والاتحادات والنقابات وكل الأطر التي تتطلب اختيار الأكفأ والأنسب للمهمة. 

مهم جدا ان يعرف القراء الأفاضل أن الأخت المناضلة مي قرادة التي حازت على اعلى رقم من اصوات المشاركين تعتبر حسب تصنيف الفئات العمرية العلمية شابة، ما يعني بالنسبة لنا قدرة الشباب على المنافسة في اشد مسارات العمل الوطني صعوبة وهو النضال الميداني المتشعب الى نضال تنظيمي وآخر وطني اضخم ويتطلب ادراكا للمسؤولية وإرادة قوية للعمل والعطاء بلا حدود. أما حصول الاختين المناضلتين سماح خاروف وتمام خضر الى جانب اختهما مي على مراتب متقدمة على مراتب اخوة مناضلين في تنظيم حركة فتح والشارع الوطني فانه مبعث اطمئنان على تراجع الاعتبارات السلبية لصالح اعتبار واحد وهو تأمين فكرة النهوض بمستوى العمل الوطني في حركة فتح بروح جماعية تتجسد فيها العدالة والمساواة، وتنبعث فيها مبادئ التكامل بين الأجيال وتجديد الدماء بأصحاب التجارب الميدانية الناجحة.

عند كل مرحلة تؤكد حركة التحرير الوطني الفلسطيني جدارتها بالديمومة والتفاف الجماهير الفلسطينية حولها باعتبارها محور النضال الوطني الشعبي والسلمي، وفي صدر المواجهة مع منظومة الاحتلال وميليشيات المستوطنين الارهابيين، أما كونها ركيزة البناء والتنمية في كل المسارات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية فنحن على يقين ان ازدواجية مفهوم مناضلي الحركة الصحيح والسليم لمعنى وأولويات التحرر والحرية تحت شعار الثورة حتى النصر والاستقلال هو الدافع الأساس لإحداث التغيير المطلوب في بنية المجتمع ثقافيا واجتماعيا لتحقيق هدف العدالة والمساواة بين الجنسين في مجتمع فلسطيني متحرر ديمقراطي متقدم، علما أن هذا الأمر كان  وما زال محور عملية التثقيف التنظيمي في فتح منذ انطلاقتها وقد تبلور في كثير من المراحل والمواقع والمهمات.

تبعث نتائج انتخابات اقليم فتح في نابلس مؤشرات ايجابية على ما ستكون عليه الانتخابات العامة الفلسطينية القادمة، من حيث كثافة المشاركة والخيارات والاختيارات، حتى لو اخذنا بعين الاعتبار الفوارق في صيغة الانتخابات ما بين التنظيمية والعامة (التشريعية)، ففوز المرأة بجدارة واستحقاق من دون كوتا سيشجع الكثير من المناضلات على خوض تجربة الترشح او ترشيحهن للانتخابات التشريعية، فالمناضلات اللواتي يملكن قدرات وتجارب وخبرة في معالجة قضايا الجمهور، وصياغة مستقبل البلد بتشريعات عصرية، ويتمتعن الى جانب اقرانهن المناضلين بما يكفي من العلم والمعرفة والثقافة القانونية، ولديهن الحضور الجماهيري الميداني والاجتماعي والتربوي سيساعدنا كثيرا في تسهيل مهمة السلطة التشريعية الفلسطينية، آخذين بعين الاعتبار النجاح المميز للمرأة في سلطات الحكم الثلاث لدى دول العالم، والأهم من كل ذلك طبيعتها الانسانية التي ثبتت نجاعتها في تطبيقات السلطة ايا كان نوعها او صعوبة مهماتها، فالمنصب يحتاج لشخص مسلح بالعلم وصاحب ارادة قوية في تجسيد رؤاه  الخلاقة، ومبدع، وكل ذلك في قلب عامر بعاطفة انسانية تسمى المحبة.

mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024