الرئيسة/  مقالات وتحليلات

اعترافات ترامب وأعوانه اللاشرعية - هلا سلامة*

نشر بتاريخ: 2021-01-20 الساعة: 10:08


  كما قال نتنياهو: نحن هنا لنبقى ونواصل بناء أرض إسرائيل، صرح ترامب: سوف ننتصر وأجعل أميركا عظيمة مرة أخرى.. خسر ترامب وما زال نتنياهو يلهث خلف مصالحه الانتخابية والقضائية غير آبه بما ستؤول سياساته من توتر في المنطقة واضطرابات في علاقات إسرائيل الخارجية.

وغدا إدارة جديدة في واشنطن، هيأ نتنياهو لاستقبالها قبل أيام قليلة بقرار غير مستجد يقضي  بالموافقة على بناء ما يقارب 800 وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية.

خطوة استنكرها الاتحاد الأوروبي مؤكدا موقفه على أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.

ودعت بريطانيا سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى الوقف الفوري للبناء الاستيطاني في القدس المحتلة والضفة الغربية منبهة إلى أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي وتقوض إمكانية حل الدولتين كما تهدد مفاوضات السلام مستقبلا.

التصعيد في الاستعمار وما يرافقه من تكثيف الاعتداءات الإرهابية للمستعمرين على الفلسطينيين في الآونة الأخيرة، وليس آخرها الاعتداء على الطفلة حلا القط ابنة السبع سنوات ومحاولة اختطافها، واقع يسعى نتنياهو المأزوم برحيل ترامب لفرضه على الأرض مستبقا موقف الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن المتوقع في معارضة الاستيطان.

ولو ان الاستيطان الاسرائيلي لم يتوقف على مدى عقود الاحتلال الا انه شهد ذروته في الاربع سنوات التي حكم بها ترامب، وهو الذي أرسى مفاهيم الفوضى التي ميزت سياساته في الداخل الاميركي وخارجه.

لقد اغدق ترامب منفردا على الاسرائيليين هباته المسروقة فعلاوة على اعلانه القدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارة بلاده اليها واعترافه بالسيادة الاسرائيلية على مرتفعات الجولان، أصدرت ادارته قرارا أعلنت بموجبه انها لا تعتبر المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي علما ان تلك المستوطنات تعد جريمة حرب بموجب  نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وتنقض ما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة وان مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية اكدوا مرارا على عدم شرعيتها وانتهاكها الجسيم للقانون الدولي.

يدرك نتنياهو جيدا ان لا أحد كان ليمنحه الا ترامب واعوانه الامتيازات التي ترقى الى الأفعال الجرمية المندرجة تحت بنود العقوبات المنصوص عنها في القوانين الدولية.

وليس غريبا ان يثني نتنياهو مؤخرا على مواقف السفير الاميركي المنتهية ولايته في اسرائيل ديفيد فريدمان ودوره في تصحيح المظالم التي حلت بالدبلوماسية العالمية بالنسبة لإسرائيل حسبما قال وتأثيره في التغيير بموقف الولايات المتحدة بخصوص المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية إذ لم تعد واشنطن تعتبرها مخالفة للقانون الدولي.

وعند عتبة انتهاء صلاحياته سفيرا للكيان الصهيوني لم يتورع فريدمان عن شعوذاته السياسية والدبلوماسية في الاعتراف بالمشروع الاستيطاني المسمى مدينة داوود وسط القدس.. ما يستوجب السؤال: هل من نص في القوانين الدولية يمنح الحقوق على الارض بموجب "اعتراف ترامب وأعوانه "؟؟!! .. يتورط فريدمان ويورط اميركا معه ليس فقط في انتهاك القوانين الدولية انما بتشويه وفضح أسس النظام الأميركي برمته والبيان الصادر عن سفارة بلاده يوم امس كاف وواف اذ يقول فيه: إن مدينة داوود هي شهادة على التراث اليهودي المسيحي، والمبادئ التأسيسية لأميركا!!

المشهد الاستيطاني البربري الذي عززته اعترافات ترامب وادارته لا شك انه يهيئ لصدام مع ادارة بايدن كما المجتمع الدولي وهو لا يختلف كثيرا عن مشهد التفلت الامني الذي شهدناه في واشنطن وقاده العنصريون البيض واليمينيون المتطرفون الذين ينحاز لهم ترامب بوجه الاقليات والمهاجرين.

لا شك أن فوضى ترامب احدثت مشهدا خطيرا واضطرابات يخشى من تطورها مستقبلا في اميركا عبر احتلال مؤيديه لمبنى الكونغرس، رمز الديمقراطية الأميركية، في محاولة منه للانقضاض على المؤسسات الدستورية ونتائج الانتخابات التي دحضت المحاكم ادعاءاته بتزويرها.. كل ذلك ألقى على أصحاب القرار في واشنطن من ديمقراطيين وجمهوريين مسؤولية التصدي لأي مساس في جوهر النظام الديمقراطي للولايات المتحدة الاميركية ولملمة شظايا الهجوم الأخير على الكابيتول.

الادارة الجديدة برئاسة بايدن المعنية بازالة الفوارق في المجتمع الاميركي والقضاء على التمييز العنصري الذي تبناه ترامب وايقظه ضد فئات عديدة ، تنتظرها ملفات دولية ابرزها ملف الصراع الاسرائيلي الفلسطيني المؤجج بعنصرية اليمين المتطرف الذي يتزعمه نتنياهو.. واذا كانت الديمقراطية نهج ينبذ الاستبداد ويؤمن في حق الشعوب بتقرير مصيرها فان أميركا معنية ايضا بالتصحيح ورفض التعديات التي تحققت بموجب ما سمي "اعترافات ترامب وأعوانه" المخالفة للشرائع والمواثيق الدولية ومساءلتهم عليها، كما ضرورة التزامها، كدولة عظمى ووسيط دولي لحل النزاعات، بفرض الشرعية  على الأراضي الفلسطينية المحتلة بوجه البلطجة الاسرائيلية الماضية بترهيب الفلسطينيين في سبيل ان يبني نتنياهو أرض اسرائيل!

------

* صحفية لبنانية

 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024