نحن اول ضحايا سياسة ترامب الارهابية
نشر بتاريخ: 2021-01-11 الساعة: 08:26موفق مطر
يهمنا كل ماحدث خلال الأيام الماضية وما سيحدث في الولايات المتحدة الأميركية ، فدولة عظمى بحجمها وتأثيرها سينعكس استقرارها على العالم كما ستنعكس نتائج الصراعات الداخلية فيها على العالم وقد تكون افظع من سوء سياسات ومواقف الادارة ألأميركية تجاه قضايا وبؤر توتر في العالم ..لكن بالغ اهتمامنا ينصب على مدى قناعة الرئيس المنتخب جو بايدن وإدارته الجديدة بأننا نحن الشعب الفلسطيني وقضيتنا العادلة كنا أول وأهم ضحايا نزعات دونالد ترامب الشخصية ، التي ثبت أنها متناقضة تماما مع مبادىء السياسة ألأميركية التقليدية ، مع ايصال رسالة له بأن صبرنا كان من باب الأمل بحتمية زوال اعصار وعصر ترامب المدمر ، وانفتاح الادارة الجديدة على علاقة مميزة مع فلسطين وقيادة الشعب الفلسطيني، علاقة تقوم على احترام حق الشعب الفلسطيني في انجاز استقلاله في دولته ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية ، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وحقوق اللاجئين الفلسطينيين ، كأول وأهم متطلب للاستقرار وتحقيق السلام في الشرق الأوسط .
نحن الفلسطينييون لم يفاجئنا دونالد ترامب بكل ما بدر منه خلال أيام انقلابه على الدستور والنظام والقانون وقيم الشعب الأميركي ، فالرئيس أبو مازن كان قد اخبر الشعب الفلسطيني والأمة العربية وكل قادة العالم عبر المنابر الوطنية والعربية والدولية وتحديدا في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة عن مكامن هذه الشخصية ( دونالد ترامب ) الأخطر على ألأمن والسلم فعدة اجتماعات للرئيس ابو مازن معه في البيت الأبيض وهنا في فلسطين في بيت لحم ، كانت كافية لمعرفة طبيعة ونمط تعامله مع القضايا الحساسة في العالم ، وهذا أمر لا يمكن فصله أبدا عن طبيعة ونمط تفكيره في القضايا الخاصة بالشعب الأميركي والولايات المتحدة ألأميركية ، فالذي تمادى في مخالفة القانون الدولي ، وسعى لنسف قواعد ونظام الشرعية الدولية والحلول مكانها كمهيمن ومسيطر على العالم بعقلية استكبار استعمارية وتمييز عنصري ، وجرد سياسة الادارة ألأميركية من أدنى مقوماتها ذات الصلة مع الاجماع الدولي حول القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني ، لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون رئيسا منصفا وعادلا للشعب الأميركي ، ولا يمكن لمن يفرط بمصالح الولايات المتحدة من اجل ضمان مصالح اسرائيل أن يرى مصالح الشعب الأميركي ، والعكس صحيح ، فترامب الذي وصفه معظم نواب الشعب الأميركي بالمحرض على الارهاب، ومرتكب جريمة الانقلاب على الدستور ألأميركي، والذي كتبت عنه عشرات الكتب من اقرب المقربين له وصفته بالمخادع والمستبد والأخرق والكذاب الأناني لا يمكن أن يسهم في حل أي قضية عادلة في العالم ، بل على العكس كان سببا في تعقيد القضية الفلسطينية وتعميق جراح الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وعمل على تدمير امكانية احلال الاستقرار والسلام والازدهار في المنطقة بسبب مشروعه الاستعماري المسمى صفقة القرن ، وما سبقها وتلاها من اعترافه بسيادة منظومة الاحتلال على القدس الشرقية المحتلة ونقل سفارة واشنطن اليها.
لقد قدم الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب برهانا عمليا وبالوقائع على كل المقولات والنظريات القائلة بأن للعنصرية والدكتاتورية والتطرف والإرهاب والاستبداد رحم واحد ، ينتشر الخارجون منه في بقاع العالم بجنسيات وأتباع.
ستون يوما تقريبا بعد انتهاء انتخابات الرئاسة ألأميركية كانت كافية ليظهر دونالد ترامب التناقضات العميقة في المجتمع الأميركي ، والصراعات الطبقية والأيديولوجية وانعكاسها على قراراته الخاصة بالولايات المتحدة ألأميركية ، او المتعلقة بقضايا وملفات دولية متصلة بشكل أو بأخر وبمستويات عديدة بالمصالح الأميركية ، فقد ثبت من تصرفات ترامب وسلوكه على الصعيدين المحلي والخارجي هيمنته وتفرده وتقلبات شخصيته المفاجئة ، وكذلك انعدام وجود ما كان العالم يعتقده بوجود منظومة اميركية تنظم السياسات الاستراتيجية للولايات المتحدة على الصعيدين المحلي والدولي ، فترامب كما قال جورج بوش الابن قد جعل صورة الدولة العظمى ( الولايات المتحدة الأميركية ) " مطابقة للأصل لجمهورية الموز " ، ولمن لا يعرف معنى هذا المصطلح الذي أطلقه الكاتب الأمريكي أوليفر هنري قبل حوالي مئة عام فهو تعبير ساخر يطلق على كل دولة غير مستقرة سياسيا، يسيطر عليها حاكم فاسد يسعى لتوظيف كل مؤسسات الدولة لمصالحه الشخصية !.
احتقر ترامب مواطني الدولة التي يحكمها ، وفرزهم في خانتين حيث منح الذين انتخبوه شهادة الوطنية ، ووصف أكثر من 80 مليون أميركي انتخبوا جو بايدن " بمجموعة منالأغبياء والحمقى !!" وبهذا التصنيف والفرز الفئوي جرد ترامب الديمقراطية من روحها وهي العدل والمساواة للمواطنين دون النظر للانتماء السياسي أو العقيدة الروحية أو العرق واللون أو الجنس ، حتى أن متابعة دقيقة لخطاباته وتغريداته ومنشوراته وسائل الاتصال الاجتماعي والسوشيال ميديا ستثبت لكل باحث كأنه كان في سباق مع رؤوس الجماعات والتنظيمات المتطرفة والإرهابية في العالم لتنويع عناوين عملية الفرز ، فأضاف ترامب لتصنيف جماعة الاخوان المسلمين للمجتمع في خانات مسلم وكافر وملحد ومرتد ، خانات كالوطني ، والخائن ، والأحمق والغبي والرعاع ، رغم أنه لم يوفر فرصة لإظهار عدائه لمعارضيه كما فعل دكتاتوريون معروفون وزاد عليها لغته العنصرية الوقحة والصريحة على أساس التفريق بين المواطنين الأميركيين على اساس العرق واللون والجنس والانتماء السياسي والديني والمذهبي أيضا.
قدم دونالد ترامب نموذجا مستحدثا للإرهاب ليس فيه مشاهد قطع رؤوس وذبح والحرق كما تفعل جماعات ارهابية تستتر بالدين أو تستخدم نظريات سياسية اجتماعية متطرفة ومنها عنصرية خالصة متعلقة بتفوق جنس وعرق ولون بشري ما على بقية أبناء آدم في الأرض ، اذ استطاع منح اصحاب وأتباع هذه النزعات منشطات سرعت عملية بلورة التطرف وتكريسه على أرض الواقع ، عندما مارس تحريضا اتسم بتشجيع العنف ضد المؤسسة التشريعية (الكونغرس) – رغم أنه مازال في موقع رئيس الولايات المتحدة ألأميركية رسميا وقانونيا – فأصبح على راس قائمة الانقلابيين على عهدهم السياسي وحكمهم ، وما الأنباء التي تسربت حول مشاورات اجراها مع مستشارين في البيت ألأبيض حول اصدار عفو عن نفسه إلا دليل ليس على معرفته وعلمه بحجم الجريمة التي ارتكبها بحق الدستور الأميركي وحسب ، بل لتكريس (الخصم والحكم) (القاضي والمتهم ) في ذات الشخص وفي آن واحد ، فهذا الرجل متيم بالتميز حتى ولو وصل إلى أعلى درجات جنون العظمة .
m.a