الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الميلاد والشهيد .. حكمة الافتداء

نشر بتاريخ: 2021-01-07 الساعة: 10:12

موفق مطر  

يغرب جسد الشهيد الانسان الى الأبد لكن روحه تشرق علينا مع كل صبح.. انه حقا قريب..فالشهداء شموس، ونجوم هاديات، ومنارات تنبئنا أن الوطن هنا وأن شاطئ الأمان عند كل ربوع الوطن .  

الشهداء ابطال قاتلوا وناضلوا من اجلنا،  فخلدتهم ذاكرتنا وقلوبنا ونفوسنا وعقولنا ، ضحوا ليوقظوا فيما الفخر الكبرياء ، لنمنع استيلاء الطغاة على حاضرنا ومستقبلنا ، وليحذرونا من الانزلاق في منحدر " موت فئوي مؤدلج ". 

يقتفي الشهداء اثر الوطنية ويتبعون علامات الحكمة والمعرفة والعلم والمنطق والتعقل،  ثم يضعون أجسادهم علامات على الطريق حتى لا نتوه او نضيع في مسيرتنا نحو النصر والحرية والاستقلال . فهؤلاء العظماء يخشون علينا من لصوص اذا سنحت لهم الفرصة سلبونا وجودنا عند أول محطة ، لذا يحرص الشهداء على حمايتنا حتى المحطة الأخيرة !!.تراهم يسابقوننا ويسبقوننا لتنذرنا دماؤهم وتدلنا على مكامن ألغام القهر والفقر، الجوع، والظلم ، والاستعباد فيحضونا على واجل نزعها وتفكيكها واجتثاثها ، لنزرع مكانها فسائل الأمان والغنى  والطمأنينة  والرفاه  والعدل  والحرية  ، فدروب الشهداء وفيرة ، كثيرة الخير وطويلة لكنها  ليست بلا نهاية عند كل عصر .  

يعلمنا الشهداء ان الوطن جنة ، تنبت في تربته المحبة ، لا سيرة فيها إلا معلقات العشق للأرض وإنسانها ، وانها محرمة على قواطع الوحوش الآدمية الفولاذية و وبساطير الغزاة والجاهليين ايضا ...ففي هذه الجنة ( الوطن ) لا تحيا  ولا ديمومة إلا لشجرة العلم قيم الأخلاق ، وآيات الانتماء والعطاء .  

ترقى روح الشهيد وتعلو بأجنحة الوفاء، وترفرف مظللة الصابرين باخلاص والمتواصين بالحق لانقاذ " أم القضايا " من الضياع.. وتذكرنا ان الوطن ليس ليس حدودا جغرافية وان الشعب ليس أرقاما وحسب ، بل هو علامات الحكمة الفاصلة بين الحرية والعبودية، بين أفكار الانسان ورغبات الآدمي الشيطانية.. بين علم ويقين بقدسية روح الانسان وبين جهل يدفعه للهلاك..فروح الشهيد بعد ان تجوب رحاب الكون ، تمدنا بأسرار الكون  والحياة المخبوءة وراء الآفاق . 

 

الشهيد عيسى ابن مريم ، الرسول المجيد، والشهيد الخالد ابن فلسطين المجيدة،  ما اقدس يومكما، ما احسن جمال الحكمة من التقاء الرموز المقدسة في فلسطين ، فللشهيد عندنا ميلادين .. يوم يرى النور في دنيا وطنه, ويوم تشع روحه نورا في سمائه ويعطي لتراب مرقده قيمة اغلى من الذهب .  

يومان خالدان يلتقيان ..الأول ميلاد رسول السلام والمحبة المجيد عيسى ابن مريم، جاء روحا الينا بأمر رب الناس والآخر يوم اسماء ابطال أبناء الأرض افتدونا لنحيا ،  وكلاهما شهيد. 

يغرب جسد الشهيد الانسان الى الأبد لكن روحه تشرق علينا مع كل صبح.. أنه حقا قريب. الأنبياء والشهداء،أحياء عند ربهم شموس، نجوم هاديات، ومنارات تنبئنا أن الوطن هنا وأن شاطئ الأمان والسلام في نفوسنا وحريتها وتحرير الوطن. 

افتدانا يسوع وحمل صليبه ، ونزفت جبهته المقدسة من أجلنا، وضحى الأكرم منا من اجلنا . 

يوم مجيد للحكمة والمحبة ، والسعادة والسلام.. ما اعظمهم فقد علمنا المسيح الشهيد الأول، الفدائي الأول أن المحبة والسلام منهج، وان الحياة وفيرة بالخير فابحثوا عنه حتى اللحظة الأخيرة، وعلمنا الشهداء كيف يخلد الوطن في قلوب اهله والمؤمنين بانسانيتهم وحريتهم المولودة معهم ، وأن الهناء والسلام الأزلي أن يكون المرء حرا. 

تحضر روح المسيح والشهيد في يومهما العظيم « كطير نوح » يبشرنا برسالة أمان وسلام. تبارك الأوفياء ، وترفرف فوق رؤوس الصابرين المخلصين . 

بُعِثُ الشهيد ودحرج الحجر، فقام المسيح، وقامت «الفتح».. وقام الشعب، ففتحت السماء عيونها وأبراجها، فامتزجت دموع فرحنا بالميلاد المقدس ببركات قيامة الثورة والوطن.   

 

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024