العراقي علي الكناني كمثل محمد أبوخضير الفلسطيني
نشر بتاريخ: 2020-12-24 الساعة: 11:11موفق مطر
" إن بول سلو وزملاؤه لا يستحقون قضاء دقيقة واحدة في السجن"هذا الكلام لمحامي الدفاع الأميركي بريان هيبرليغ عن أحد المتهمين في مجزرة (ساحة النسور )في العاصمة العراقية بغداد في 16سبتمبر من العام 2007 ارتكبها اربعة افراد أميركيون يعملون في شركة امنية أميركية تدعى " بلاك ووتر " باستخدام اسلحة رشاشة وبنادق قنص وقاذفات القنابل ، وقضى فيها على الفور 14 مواطنا عراقيا بينهم الطفل علي الكناني ( 9سنوات ) ..الكلام يكشف مدى تجذر العنصرية في دولة عظمى لا يكف قادتها السياسيون عن الادعاء أن تدخلاتهم المباشرة وسياساتهم في بلاد العالم عموما وبلادنا العربية خصوصا هدفها نشر مبادىء الحرية والعدالة والديمقراطية في العالم.
البيت الأبيض في زمن الرئيس ترامب تحول الى مقر مشبوه تسكنه عصابة مافيا عالمية ترى ذاتها في مكانة المهيمن على العالم ، لا تعترف بقوانين ومواثيق ومعاهدات واتفاقيات الأمم المتحدة ومنظماتها ، وتظن بإمكانية تسيير العالم بما يتوافق مع مصالحها ويؤمن المكاسب والنفوذ ، ولا تفسير لبيان بيت ترامب ألأسود بعد قراره بالعفو عن مرتكبي المجزرة بعضهم محكوم بالسجن مدى الحياة سوى ان هذا الرجل ليس مصابا بانفصام الشخصية ومرض العظمة والتفوق العرقي والمادي حسب ، بل هو خلطة من العنصرية والعقلية الاستعمارية الدموية متجسدة في كيان بشري منسوخ من جينات هتلر وموسوليني وبلفور !..فالبيت ألأبيض في " البيان المعبر عما في ذهن ساكنه رقم واحد اعتبر المجرمين الأربعة بالمحاربين الذين لديعهم تاريخا طويلا في خدمة وطنهم " !!! وبذلك يثبت لكل ذي عقل أن مفهوم خدمة الوطن لدى ترامب يعني الجريمة ، المجزرة ، العنصرية ، اغتصاب حقوق الانسان ، السطو على اوطان الشعوب ومقدراتها ، ومنعها حتى من تقرير مصيرها .
قيمة روح ونفس الطفل العراقي الضحية علي الكناني في هذه المجزرة كقيمة روح ونفس الطفل الفلسطيني المقدسي محمد ابو خضير ، مع تأكيدنا لرمزيتهما كضحايا منهج اجرامي عنصري ، نظمه المستعمرون الغزاة من جنسيات وأعراق عديدة ، وطبقوه في على شعوب في بلاد آمنة ، فهنا عندنا في فلسطين المحتلة تعفو حكومة منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري الاسرائيلية عن المجرمين قتلة ألأطفال والمدنيين ألأبرياء بعد فصول مسرحية المحاكم والاستئناف والروايات الاعلامية المخرجة بدقة ، كتقليد مستوحى من النموذج الاستعماري العنصري ألأكبر في العالم الحديث ..فجريمة قتل المدنيين ألأبرياء في مفهوم رئيس الادارة ألأميركية دونالد ترامب ومفهوم ضابطه نتنياهو الذي يقود قاعدته المتقدمة في الشرق ألأوسط ( اسرائيل) تعتبر سلوكا طبيعيا ، وتحسب ضمن خانة ( الزعرنة ) أو ( التنمر ) أو المزاح الثقيل يمكن العفو عن فاعلها بكل بساطة ، وكأن النفوس الانسانية التي قتلها مرتزقة الحرب في وكالة ( بلاك ووتر ) والتي ارتكبها ويرتكبها المستوطنون اليهود وجنود جيش الحرب والعدوان الاسرائيلي مجرد ثماثيل خشبية أو جصية تحطمت وتأذت بفعل سلوك انفعالي كالغضب او سوء التقدير ، ونجم عنه رد فعل عنفي دموي ،يختلقون له المبررات دائما ، حتى لو كانت نتيجيته ازهاق ارواح بشرية وإصابة آخرين وتركهم يعانون آلاما جسدية ونفسية وصحية.
قبل يومين نشر صديق على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي ( مقطع فيديو يظهر فيه شخصان بزي عربي خليجي مع مقدم برنامج في قناة اسرائيلية يشيدون فيه بإنسانية جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي ، ويؤكدون انهم رأوا ذلك بأعينهم ، وهنا يكمن الخطر – رغم ان ناشر الفيديو قد استكمل الشريط بلقطات تظهر بوضوح استهداف قوات الاحتلال الاسرائيلي لأطفال ونساء فلسطين بالرصاص الحي والقصف المباشر ، وبعنف بدني وقمع وتنكيل امام عدسات الصحفيين التابعين لأكبر الوكالات الاخبارية في العالم ، ويبقى السؤال أي انسانية هذه التي رآها هؤلاء المطبعون ، ألم يشاهدوا الدماء المسفوكة في فلسطين والعراق ، كيف استجابوا لترامب وكوشنير وخضعوا وذلوا انفسهم ،أم تراهم يحتاجون براهينا اكثر من عفو ترامب عن مرتكبي مجزرة ساحة النسور ليتأكدوا من نظرة هذا المستكبر الاستعلائية للعربي عموما والفلسطيني والعراقي خصوصا .
يكمن الخطر في تصديق بعضنا العربي دعاية عدالة وديمقراطية ادارة ترامب الأميركية ومنظومة نتنياهو الاسرائيلية ، ويكمن الخطر أيضا أن البعض العربي هذا لم تعد تهمه قيمته الانسانية ولا حقوقه الطبيعية ، بقدر اهتمامه بلقمة عيشه وهذا في بلدان فقيرة أو افقرت تعيش مشكلات اقتصادية وسياسية ، والحفاظ على مستوى رفاهيته العالي في بلدان غنية اصلا لكنها فقيرة لا تقوى على استقلالية القرار لذا يسهل على ادارة ترامب وحكومة نتنياهو العفو عن القتلة المجرمين ، وحجز حرية الوطنيين المناضلين فعلا من اجل تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة.
كأنني اسمع ترامب ونتنياهو يوجه كل منهما جنوده بالقول : اقتل ولا تلتفت وراءك .. اقتل العربي فنحن سنحميك بصلاحية العفو ".
m.a