سياسة الانقلابات لدى جماعة حماس .. ولكن ؟!
نشر بتاريخ: 2020-11-26 الساعة: 08:08موفق مطر
لا جديد في طرائق الالتفاف والمراوغة لدى مشايخ حماس ، والانقلاب على مواقف قياداتهم المعلنة بين ليلة وضحاها ، فحركتنا الوطنية الفلسطينية قد لدغت مرات ، كانت كل مرة اشد خطورة من سابقاتها ، لكن الوطني المناضل الملتزم بمبادئ حركة التحرر الوطنية الفلسطينية لم يكف ولن يكف عن محاولاته حتى لو تعرض كل يوم لمئة لدغة في السر والعلن أو في الظلمة وتحت ضوء النهار ، فالقضية هنا اننا نتطلع الى تحرير جمهور من شعبنا مازال مشايخ الاخوان المسلمين فرع فلسطين المسمى حماس يتحكمون بتوجهاته السياسية وحتى العقائدية الدينية المحرفة ، وبقدراته على تحديد خياراته السياسية ، فالمنتسبين لحماس وأنصارها مأسورون ومقيدون ، يكاد الفرد منهم لا يقوى إلا على تحريم تخوين وتكفير الآخر في الوطن ، أما الحوار والنقاش العقلاني مع الذات أو الآخر فإنه لغة محرمة ، ممنوع تداولها تحت تهديد اللفظ من الجماعة ، لذا فإن الذي يريد معرفة سبب انحراف المسئولين في الصف الأول في جماعة حماس ، عليه التمعن قليلا في كيفية تعاملهم مع القضايا الوطنية المصيرية للشعب الفلسطيني ، والتعمق في رؤية محركات مصالحهم كجماعة ، وانتماءاتهم وارتباطاتهم وتحالفاتهم ، فهذه جميعها عوامل قد تساعد الباحث عن اسباب انقلاب حماس على ذاتها قبل انقلابها على الكل الوطني .
ليس جديدا اسلوب حماس هذا المعروف بالانقلاب على الذات اولا ، ولن يكون آخره انقلاب الجماعة على ورقة نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري المكتوبة بخط يده باسم جماعته وباسم رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية ، ورقة اكد فيها التزام حماس بالانتخابات التشريعية والرئاسية تباعا وليس تزامنا الى جانب قضايا رئيسة مهمة اخرى منها منظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، وموضوع دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 وعاصمتها القدس ، فمن قبل هذا الانقلاب الأخير ، كان الانقلاب الأول عام 2007 على الحكومة الفلسطينية العاشرة التي كلف الرئيس محمود عباس اسماعيل هنية بتشكيلها بعد فوز كتلة حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي ، وتم ذلك وفق إجراءات قانونية وبروتوكولية سليمة وصحيحة وآمنة مئة بالمئة ، لكن فشل شخصيات حمساوية في حقائب وزارية ومنها الخارجية التي كانت بيد محمود الزهار وكذلك في حقائب الاقتصاد والصحة والمالية وغيرها استدعى تغيير وزاري سرعان ما تم الانقضاض عليه تحت ذرائع مختلفة ليصبح الوضع كله وتحديدا في قطاع غزة تحت سيطرة ماكنا نعتقد انهم الرافضون اساسا للاندماج في النظام السياسي الفلسطيني ، ونموذجهم الزهار ذاته ، ليتضح لنا فيما بعد أنهم جميعا كانوا ضمن تصنيف واحد مع فوارق بسيطة متعلقة بالقدرة الفردية على تمنطق المواقف وإبدائها ، والتمظهر بسلوك يبدو لناظره منسجما مع متطلبات العصر والواقع !.
لم يفاجئنا انقلاب ( حماس غزة ) على اتفاق اسطنبول ، ولا كنا نتوقع استجابة ايجابية من المكتب السياسي لحماس بإرسال رد مكتوب على ورقة اللجنة المركزية لحركة فتح التي ما أرسلت لحماس إلا بعد نقاش معمق من قيادات الحركة ارتكز على مبدأ الايمان بالوحدة الوطنية كعقيدة سياسية ، وبضرورة تطبيق فلسفة الحركة ،بأن الوطنية الحقيقية تعني المضي حتى نهاية العالم من اجل الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني ومنع أي جهة كانت داخلية أو خارجية من سلب ارادته ، والسيطرة على قراره المستقل ، وذلك انسجاما مع التزامنا كمناضلين وطنيين في اطار حركة تحرر وطنية ، نحتسب علاقتنا مع الآخر في الوطن على أننا شركاء في الماضي والحاضر والمستقبل ، وأننا جميعا نشكل الهوية الوطنية ، وان أي قوة لدى الشعب الفلسطيني رافعة اضافية للمشروع الوطني ، فنحن لا ولن نقبل أن يسجل علينا التاريخ أننا احتسبنا العلاقة مع الآخر الفلسطيني بمنظور المصالح والمكتسبات الحزبية أو الفئوية أو الجهوية ،حتى لو كنا على يقين برفض الآخر ، وبرفعه الحواجز على درب الوحدة الوطنية ، ومدى انشغاله بعرقلة الحوار الوطني ، وتحويله الى مجرد فرص زمنية ، ومجالات للمناورة أملا بتغيير وقائع على ألأرض او في الإقليم أو المحيط الدولي .
يضاف ملف الحوار مع حماس في اسطنبول الذي أوصل الشعب الفلسطيني الى درجة عالية من التفاؤل ، الى ملفات اتفاقات وإعلانات سابقة احبطتها النزعة السلطوية الانقلابية لدى مشايخ حماس كاتفاق القاهرة عام 2011 ، وإعلان مكة ، واتفاق الدوحة ، وإعلان الشاطىء ، واتفاق القاهرة في اكتوبر من العام 2017 وغيرها ..لكننا ونحن نعمل على تحصين نفوسنا ومبادئنا وأفكارنا سلوكياتنا الوطنية ، حتى لا تتغلغل أدنى درجة من اليأس الى نفوسنا ، فإننا نعتقد بوجوب تنيظم موقف وطني شامل تتبناه القوى والفصائل الوطنية لإيقاف تهور حماس ، وكف يدها عن اخذ القضية الفلسطينية ومليوني مواطن من شعبنا كرهائن ، وهنا لابد من قرار واضح وصريح يقضي بتجفيف الانقلاب والحيلولة دون تمكين المنقلبين على المصالح العليا للشعب الفلسطيني من المال العام للشعب الفلسطيني ، والدعوة علنا الى عصيان مدني يمنع سلطة ألأمر الواقع في قطاع غزة التي أنشاتها حماس قبل ثلاثة عشر عاما ونيف على نخر عظام بسكين الضرائب والتجارة بمعاناتهم وتضحياتهم ..فإن كنا كأيوب وأكثر في صبرنا على انقلاباتهم ، فإن الواجب الوطني يحتم علينا العمل لتحرير وتخليص رقبة أبناء شعبنا هناك من تحت حد سكين مقصلتهم .
m.a