الرئيسة/  مقالات وتحليلات

لماذا هزيمة ترامب تعنينا ؟!..

نشر بتاريخ: 2020-11-05 الساعة: 08:06

 موفق مطر 

لا يعنينا من نتائج وتداعيات الانتخابات في الولايات المتحدة ألأميركية سوى أمر واحد - على الأقل في هذه المرحلة - وهو هزيمة رئيس الادارة ألأميركية  الحالي المترشح لدورة ثانية دونالد ترامب ، ذلك أن خروجه من البيت الأبيض مهزوما تعني انحسار مشروع استعماري جديد في منطقتنا العربية ، إن لم يكن انكسار دماغ  رأس هذا المشروع ، وتعطيل خطط  منظومة الاحتلال الاستعمارية الاستيطانية العنصرية  أو تعرقلها  الى حين اتضاح موقف الادارة الجديدة من الصراع  الفلسطيني الاسرائيلي ، واستبيان رؤيتها للحل ومدى  انسجامها مع  قرارات الشرعية الدولية  ، وكذلك التزامها بمبادئ سياسة الادارة الأميركية المعتادة قبل ادارة ترامب  تجاه  الحل السياسي للقضية الفلسطينية ، لذا فإن التوقعات حول من سيدخل البيت الأبيض فاتحا غير واقعية ، لأن الجمهور الأميركي كما يبدو من المعطيات المتوفرة خلال الحملة الانتخابية ليس مهتما بالسياسة الخارجية ، وقد ظهر ذلك جليا بافتقار الحملتين الانتخابيتين للرئيسين والحزبين  المتنافسين الجمهوري  والديمقراطي من أي وعود  او اطروحات حول قضايا عديدة كانت دائما في صلب الدعاية الانتخابية لكلا المتنافسين ، وعلى رأسها قضية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، لكن يجب ألا يغيبعن بالنا أن ترامب الجمهوري قد جسد مواقفه عمليا وفعليا عبر جلب دعم سياسي واقتصادي  وأمني  لمنظومة الاحتلال الاسرائيلي على قاطرة التطبيع والاتفاقات مع ثلاث دول عربية دفعة واحدة ، في خطوة غير مسبوقة  من اشكال الدعم المباشر لمنظومة الاحتلال ، في سياق السعي لاكتساب اصوات اللوبي اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة ، وضمن مسارات خطة ترامب الاستعمارية المسماة صفقة  القرن . 

هزيمة ترامب تعني ضربة موجعة لحكومة المستوطنين المتطرفين التي يقودها بنيامين نتنياهو الذي على غير عادة رؤساء  حكومات المنظومة قد وضع مصالح اسرائيل في جعبة دونالد ترامب باعتباره ليس أقوى نقيض ومخالف للشرعية الدولية وحسب ، بل أشد حرصا من منظومة الاحتلال ذاتها على معاداة الشرعية الدولية ، وعدم اخذها في الاعتبار ولو كمجاملة  سياسية ، ولذلك يمكننا تلمس تعطش غلاة المستوطنين الحاكمين في الدويلة الناقصة ( اسرائيل ) لرؤية ترامب لأربع سنوات اخرى في البيت الأبيض ، حتى انهم  نظموا صلوات ودعوات مساندة ( لرابي الاستيطان  والاحتلال ) وضم  الأراضي  الفلسطينية والعربية المحتلة منذ العام 1967 ومنها اجزاء كبيرة واستراتيجية من أراض الضفة الفلسطينية في الأغوار مثلا ، وهضبة الجولان العربية السورية . 

تعنينا هزيمة ترامب لأنها قد تخلخل وربما تحدث وهن من نوع ما في سلسلة التطبيع الرسمي  العربي مع منظومة الاحتلال ، فالدول التي منحت ترامب المساندة خلال فترة قصيرة فصلت الجمهور الأميركي عن الانتخابات قد لا تتلقى المكافآت التي تم الاعلان عنها اذا فاز بايدن ، خاصة اذا علمنا موقف مرشح الحزب الديمقراطي من قضية تزويد الامارات  بطائرات اف 35 الذي اكد على ألا تمتلك أي دولة في المنطقة هذا النوع إلا  اسرائيل، إلى جانب موقف الديمقراطيين من ملف تزويد  المملكة العربية  السعودية  بالسلاح  بحجة الحرب في اليمن . 

تعنينا هزيمة ترامب لأن القيادة الفلسطينية لا يمكنها الصبر على رئيس أميركي مخادع كاذب، انقلب فجأة على كل ما كان  ابداه من مواقف أمام القيادة الفلسطينية التي اخلصت وصدقت في توجهاتها السياسية ، وتعاملت مع ادارته بذات النهج  والوضوح بكل ما يخص الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ، والمتفق عليها في قرارات الشرعية الدولية، لكن ترامب اختار نسف هذه العلاقة وإخراج ادارته والولايات المتحدة من مكانتها كراعية لعملية السلام ، وستكون هزيمة ترامب حسب تقديراتنا عاملا مهما ورئيسا  يساهم في تمهيد السبل نحو عقد مؤتمر دولي في بداية العام القادم على اساس الرؤية التي تقدم بها رئيس دولة فلسطين محمود عباس  والتي نالت اجماعا دوليا وأقرها  مجلس الأمن قبل أيام. 

تعنينا هزيمة ترامب لأنها هزيمة للعنصرية وعقلية الانقسام ، وفرض ألمر الواقع بالقوة  والبطش ، ليس في الولايات المتحدة وحسب ، بل في كل مكان في العالم ، فخلال اربع سنوات قضاها ترامب في البيت ألأبيض  انتعشت العقلية العنصرية في الولايات المتحدة التي ظن كثيرنا أنها قبرت  وانتهى زمانها ، فاذا بها تنتشر كعدوى فايروس كوفيد 19 الكورونا الذي لم ينج من اسقاطات ترامب  العنصرية عندما وصفه بالفايروس الصيني ، وهذا يعني أن ترامب لايكترث لأرواح المواطنين ألأميركيين الذين كانوا ضحايا اهماله  واغفاله كل النصائح من المستشارين المتخصصين ، وهذا يقودنا الى خلاصة بأن روح واحد في هذا العالم ليست في موضع اهتماماته فجل ما يفكر ويعمل من اجله هذا الرجل هو التكسب  المعنوي والمادي حتى لو كان على حساب تدمير العالم .

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024