الرئيسة/  مقالات وتحليلات

مبعث التفاؤل بالحوار الفلسطيني – الفلسطيني المستقل

نشر بتاريخ: 2020-10-11 الساعة: 07:42

موفق مطر 

اسئلة كثيرة تحوم في فضاء ذهن المواطن الفلسطيني المعني فعلا بتلمس قدرات  فلسطينية موحدة لمواجهة أخطر مؤامرة على المشروع الوطني  الفلسطيني والقضية الفلسطينية والقرار الوطني الفلسطيني المستقل ، أهم هذه الأسئلة يدور حول مبعث الثقة والتفاؤل هذه المرة من الحوار الفلسطيني- الفلسطيني الدائر بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وبين حماس والجهاد الاسلامي وفصائل وقوى فلسطينية ممثلة في اطار منظمة التحرير الفلسطينية . 

لابد من القول اولاً أن شعورا وطنيا بالمخاطر النازلة تباعا على القضية ، اقتضى  الالتزام بتحديد نقطة التقاء وطني كقاعدة انطلاق لمواجهة الخطط والمشاريع ( صفقة القرن وخطة الضم ) ارتكازا على ادراك لأهداف حلف استعماري جديد ( ترامبي – نتنياهوي )هدفه تدمير انجازات حركة التحرر الوطنية الفلسطينية وكيان الشعب الفلسطيني السياسي, وموقع فلسطين على الخريطة الجيوسياسية العالمية المثبتة في القانون الدولي ، مع دور مرسوم سلفا لأنظمة رسمية عربية لتكوين عناصر ضغط على مركز عصب القيادة الفلسطينية . 

إذا استعرضنا مبررات التفاؤل – وهو مبدأ عمل ينتهجه الوطني عندما يذهب الى أي حوار مع الآخر الفلسطيني – سنجد أن الحوار ( الفلسطيني - الفلسطيني ) الذي جرى منذ 19 ايار وصولا اللقاء في قنصلية فلسطين في اسطنبول لا علاقة لدولة او جهاز مخابرات في الاقليم وغير الاقليم به اطلاقا ، وقد برز خضم حرارة مرتفعة ومناخ سلبي للغاية حيث تهافت الصغار قبل الكبار للاستحواذ على أكبر واقوى حصة من اوراق القضية الفلسطينية للمقامرة بها ، فكان اللقاء فلسطينيا خالصا لا يحق لأي كان الادعاء أنه مهد أو وجه أو ضغط للوصول الى هذه اللحظة ، سوى الشعب الفلسطيني المعني برؤية القيادات السياسية على تنوع مرجعياتها الفكرية في اعلى درجات الوعي بالمسئولية  الوطنية لإنقاذ المشروع الوطني من الانهيار  والسقوط النهائي . 

الأمر الثاني الباعث على التفاؤل أن الحوار ( الفلسطيني- الفلسطيني ) هذا يرتكز على اسس نضالية وسقف سياسي ، أي أن أهداف وأساليب النضال والكفاح الوطني معلومة ومتفق عليها وأعلنت في البيان النهائي للمؤتمر الوطني المفتوح لأمناء الفصائل الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس الذي عقد بواسطة الفيديو كونفرانس بين رام الله وبيروت في الثالث من سبتمبر الماضي ، ما يعني تحقيق هدف انجاز الاستقلال الوطني الفلسطيني في دولة مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ، كذلك فيما ألأسلوب الكفاحي المعتمد مقاومة شعبية سلمية ، بالتوازي مع نضال سياسي دبلوماسي قانوني في المحافل الدولية.. وهذا ما أكده نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري في كل ( الوثائق ) المرفقة بجولات الحوار المكتوبة منها والخطابية العلنية . 

أما الأمر الثالث فكان الاتفاق على أن الشراكة السياسية ، وإنهاء الانقسام الجغرافي والسياسي مرتبط بوضوح تام في خطاب كل أطراف الحوار حول اسلوب المقاومة المطلوبة في هذه المرحلة، وكذلك وضوح الرؤية بالنسبة لقضية (الدولة الفلسطينية ) بما ينسجم ويتوافق مع برنامج منظمة التحرير الفلسطينية السياسي ، مع احتفاظ كل فصيل بمبادئه في نظامه الداخلي . 

 رابع البواعث على التفاؤل كما سمعناها من أمين سر حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح اللواء جبريل الرجوب المكلف رسميا من الرئيس ابو مازن واللجنة المركزية للحركة بهذا الحوار هو أن انهاء الانقسام سيقوم على مبدأ الشراكة والتوافق على التمثيل النسبي في الانتخابات كحل اخلاقي ، ما يتطلب انهاء ترسبات الفترة الماضية برضا وقناعة ، ذلك أن التطورات الطارئة على القضية الفلسطينية تتطلب الكف عن اجترار الماضي وبدون ذلك لن يتحقق مبدأ الاتفاق على مواجهة صفقة القرن وخطة الضم  والاحتلال والاستيطان . 

الشعب الفلسطيني الذي يتطلع لرؤية اتفاق استراتيجي انطلاقا من ايمان الجميع بالوحدة  الوطنية كعقيدة سياسية هو نفسه الحليف الأقوى والأعظم للقوى الصادقة والمخلصة في توجهاتها والواضعة مصالحه العليا فوق كل اعتبار ، وحركة فتح التي طالما عرفت بحركة الشعب الفلسطيني كافة ، ولم تكن يوما حركة نخبة او شريحة أو طبقة ، ولأن مرجعيتها وطنية خالصة ، رسمت في هذه الحوارات خطوط حمراء لا يحق لأحد القفز عنها او تجاوزها أولها : رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية ابو مازن ثروة وطنية وقاسم مشترك ، وقد ظهر اجماع امناء الفصائل على حكمة وشجاعة وصلابة الرئيس في كلماتهم اثناء مؤتمر امناء الفصائل ، فيما اكد العاروري في الحوار أن لا خلاف على الرئيس ولا على منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وهو الخط الأحمر الثاني الذي اقرت قيادة حماس باحترام التزاماتها ، واتفاقاتها ، مع التأكيد على أن اتفاق اوسلو هو عقد للمنظمة مع المجتمع الدولي وأنه لا يمكن الغاء هذا الاتفاق بدون قبول دولي لذلك ، وتأكيد قرارات الشرعية الدولية كمرجع للحل السياسي للقضية . 

 واحتل موضوع وحدانية السلطة والقانون والأمن في الضفة الغربية حيز الخط الأحمر الثالث حيث وجوب احترام الأمن والقانون ، وألا يعمل احد على سلطة بديلة او سلطة موازية ، فأبدت قيادة حماس الموافقة الشفهية والمكتوبة :" لا نريد الاستيلاء على الضفة ، ولا خلاف على الرئيس ابو مازن ولا على منظمة التحرير ونحن مستعدون لأي عمل مشترك معكم " .    

الحوار (الفلسطيني الفلسطيني ) انجاز  يجسد استقلالية القرار الوطني ، وسيمنع استغلال ورقة القضية الفلسطينية والتلاعب بها ، ويفقد اللاعبين فرصة  استغلال واقع الانقسام لتصفية القضية  الفلسطينية ، اما الشعب الفلسطيني فإنه سيكون حليف  الصادق في وعده وعهده ، وسيحاسب كل من ينكث ويرتد على عقيدة الوحدة الوطنية . 

 

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024