الرئيسة/  مقالات وتحليلات

يجب الاقرار .. (هذا ) سبب الفشل !!

نشر بتاريخ: 2020-10-01 الساعة: 08:22

موفق مطر  

القاب وصفات ما انزل الله بها من سلطان يطلقها البعض على أنفسهم وتراهم وكأنهم في نشوة السكارى ، يتلذذون بسماعها من منافقين ومصفقين ، حتى ان الابطال المعروفين  في كتب ثقافة الشعوب من علماء ومفكرين وبناة الأهرامات ناطحات السحاب والسائرون على القمر مثلا لا يحظون بعشرها ، لكن اذا ركزنا الضوء عليه لاكتشفنا ضعف حيلته ، وقشرية انجازاته  التي لا تتجاوز قدرته الكلامية التعبوية ومهارته في استخدام  سلاح المصطلحات الوطنية رشا ودراكا وقنصا ، لكسب الاعجاب ، وتجميع حشود بالعشرات او بالمئات او حتى بالآلاف لا يهم ، فالأهم عند  (هذا ) انهم مأخوذون بشخصه او بخطاباته المنبرية العنترية العصماء ، وبكلامه القادح للشرر ، يسلمون بكل كلمة ، يصفقون ويهتفون ، ثم يذهبون الى المقاهي وجلسات النميمة ، وهكذا تدور دواليب حيواتهم مطمئنين الى مكانة ( الهذا ) واستطاعته على ازالة أي حاجز قد يعرقل مسارها ، وبذلك اعفاهم وأعفوا انفسهم الاجابة عن أهم سؤال في حياة الانسان ، لا تصح  ولا تستقيم مواطنة الفرد والانسجام  التام في مجتمع ( الشعب ) إلا بمعرفة وإدراك التطبيقات العملية اللازمة لتجسيدها وبيانها كمنارة ، وفي الحد الأدنى كشمعة ، فالمرء إما أن يكون نقطة مضيئة – بغض النظر عن حجمها – أو يكون جسما مظلما ، وهذا مكانه في باطن الأرض الى جانب آبار النفط  يستخرج للإحراق وللاستخدام كوقود فقط ، وهنا بيت القصيد. 

  

ينطبق ما كتبناه على شريحة مستفيدة مستنفعة متكسبة ، هم ( أشخاص ) غير محصورين ولا معدودين ، جاثمون على رؤوس اهرامات سياسية تنظيمية وفصائلية وحزبية، وهياكل مؤسسات تعليمية  وتربوية ، وأخرى ثقافية واجتماعية مالية واقتصادية ، تتمدد نسخهم كالنباتات الطفيلية ، في ابشع صورة استغلال لبيئة  وظروف الاحتلال الاستعماري العنصري الاسرائيلي الذي بات مناخا ملائما جدا لنمو هذه الشرائح على حساب البنية الأساسية للفرد المواطن الانسان . 

 

مازال هؤلاء يتعاملون مع الفرد في مجتمع الشعب من منظور العدد ، وكثقل في ميزان الحسابات السياسية ، وعدد اضافي في رقم الولاءات الشخصية والعائلية والعشائرية ، ولم يثبت أنهم عملوا يوما على تجسيد المعنى الحقيقي للثورة الفلسطينية ، ومبادىء وأدبيات واهداف حركة التحرر الوطنية ، فهم عن سابق قصد وترصد اهملوا التغيير الجذري في مفاهيم وسلوكيات والسائد المتخلف  الدخيل على ثقافة المجتمع ، أو أنهم فشلوا اذا افترضنا حسن النية ، فكرسوا وقتهم لإبراز ذواتهم على حساب تنمية المجتمع وتطويره، أو تقديم رؤى عملية قابلة للتنفيذ تساعد الأجيال على التحرر من عبء المفاهيم  والثقافة المدسوسة السائدة ، فراح كل واحد منهم يحشد باتجاه عصبيته الخاصة التي قد تكون سياسية تنظيمية ، فصائلية عشائرية ، اجتماعية ، حتى بعض اصحاب رؤوس المال ، وأرباب والاقتصاد ذهبوا بهذا المنحى ، وكل ذلك على حساب بنية الفرد ( المواطن ) العقلية العلمية والتعليمية المنهجية ، والثقافية والتربوية ، وكذلك الصحية وتأمين الحدود المعقولة من المتطلبات المادية ضمن اطار حالة اقتصادية تفي بضمان ديمومة حركة الناس في البلد بالحد المعقول من التفاؤل والأمل . 

 

يجب الاقرار ان الفشل اقترن باسم  (هذا وذاك ) الذي اصبح في حالة الجمع بأسماء  ( هؤلاء وذلكم ) ، رغم علمهم أن حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ، كانت لتحرير الانسان اولا لأنه العامل الأساس لتحرير الأرض والضمان لبناء المستقبل ، وعليهم ان يعلموا أن منهجنا قام على العمل بخطين متوازيين  : الكفاح  والنضال الثوري ، بالتوازي مع النضال الاجتماعي والثقافي  والاقتصادي والعلمي المعرفي ، على أمل رفع ركائز الدولة على قواعد التجارب الذاتية او التي اكتسبناها بحكم الشتات أومن بلاد المهجر ، لكن فيروس الأنا الذي بدا لنا ( كمستوطن )  نما وترعرع في ظل الشعارات واليافطات الوطنية صار الآن بمثابة حالة خطيرة موازية تهدد النظام والقانون ، وتدك كل ماتم تحقيقه في مشروع بناء الانسان المعاصر ن القادر على الموائمة بين الصمود والنضال ضد الاحتلال والبناء الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والعلمي والمعرفي والسياسي القائم جميعه ايمان الفرد بمبدأ المواطنة ، لكن (هؤلاء وذلكم ) قد فشلوا في ايصال المواطن الى الحدود المطلوبة لتثبيت قناعاته على  قاعدة الانتماء الوطني . 

ما نشهده من صراعات سياسية واجتماعية فردية وجمعية ، وانفلات مدفوع الأجر ، وغلبة الأنا على مصلحة (المجتمع) ، وتراجع منسوب العقلانية في النظر للأمور  وحل المشاكل ،  وغيبوبة  المنطق غرفة الموت السريري ، والبحث عن الخلاص الفردي  حتى لو غرقت سفينة الوطن ، كل هذا انعكاس طبيعي لفشل ذاتي  اضخم وأشد فتكا من عامل الاحتلال الذي يسعى مع ( هذا وهؤلاء وذلكم ) الى اعدام أي فرصة نجاح في حياة الفلسطيني . 

الاعتراف بالفشل لا يكفي ، بل يجب اتباعه بقرارات محاسبة تبدأ من وضع كل واحد منا نفسه في غرفة تحقيق ، وصولا الى بحث وتحقيق عقلاني علمي ، فالزمن  يعطي فرصة للراغبين بالنجاح في مراجعة نظرياتهم وادواتهم ووسائلهم ، لكنه لا يمنح الفاشلين مهلا بلا حدود . 

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024